الحقوق والواجبات

 

أحمد الشنفري

 

تعلمنا من التَّاريخ القديم والحديث أنَّ الذي يحفظ الحقوق بين النَّاس ليست الأخلاق ولا الدين ولا الأصل ولا الفصل ولا النسب ولا الرحمة ولا العرق؛ إنِّها فقط قيم العدل والمساواة والحياة الكريمة بين النَّاس هي التي تجعل الوطن آمنًا مُستقرًا، وهي التي ترسخ استقرار النظام وأمن المجتمع، وتُكسِب المجتمع القوة لاحترام الأمن والأمان كنتيجة طبيعية لذلك.

وعليه.. فإنَّ آفة المجتمعات هي الظلم والقهر والفساد، خاصة عندما تتفشى؛ سواءً بشكل واضح أو من خلال الضعف في فرض القانون أو متابعته أو حتى التهاون في تنفيذه. وقد يحدث عند فرض القوانين الصارمة أن يقع انفلات، خاصة فيما يتعلق بالقوانين التي ربما تُفرض دون دراسة كافية لتحديات الواقع، ومن المحتمل أن يتسبب ذلك في ظلم مُباشر أو غير مُباشر، لأنه وكما أوصانا الحكماء أن خير الأمور أوسطها، حتى لا يُصبح الإنسان مجرد رقم يُحسب أو يُشطب، ويُصبح الحال كما نراه في عدد من الدول العربية للأسف الشديد، فمن بعد العز الذي كانوا به أصبحوا يتمنون النوم مطمئنين؛ فلم يعد لديهم الأمن ولا الأمان ولا العدل ولا المساواة ولا حتى الثقة بينهم؛ فالذي منهم يُصبح لا يعلم كيف سيجد قوت يومه، وأين سيجد الدواء للعلاج، وكيف سيعلم أطفاله وكيف سيحميهم!

لذلك علينا كمجتمع أن نحافظ على قوة الوطن من خلال طاعة ولي الأمر، والتصدي لكافة أنواع الظلم، ورفع مستوى الوعي لدى النَّاس من خلال التعليم والتعلُّم والثقافة، والعمل على مساعدة الآخرين قدر الإمكان من خلال الفرق والجمعيات الخيرية، وكذلك لابُد من الإسراع في الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية وتوفير الوقت والجهد والمال على المستفيدين، وتعزيز الشفافية والمساءلة والحوكمة والتركيز على تحقيق الأهداف المرجوة على أرض الواقع؛ لتصبح واقعًا مُعاشًا، والاعتدال في البهرجة الإعلامية، والتركيز على الأهداف المُمكِن تنفيذها؛ لأن النجاح الكبير سيأتي حتى لو نفّذنا مشروعًا كبيرًا واحدًا في كل محافظة سنويًا.

اليوم.. العالم يتَّجه في طريق مظلم ومظلم جدًا، ولم تعد هناك مؤسسات دولية تحترم حقوق الإنسان أو تستطيع فرض القانون الدولي، وهناك تخوف عالمي من انفلات الأمن العالمي، وعودة الاستعمار المباشر في العالم، ويصبح العالم مُجددًا في حاجة ماسّة للأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ختامًا.. علينا أن نساهم بالعطاء والعلم والتوعية ونعمل على حفظ الوطن وقوة تلاحم المجتمع، والدعوة إلى التكاتف والتعاون فيما بيننا، وزرع المحبة والاحترام والتقدير والقيم النبيلة بين أفراد المجتمع، ولا نسعى جاهدين للهروب من المساهمة في توظيف الطاقات الشبابية في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، وأن نستفيد من القوانين والتشريعات وإضفاء المرونة عليها لأجل جذب المستثمرين الأجانب، وتشجيع المواطنين على فتح مشاريعهم الخاصة.

** محامٍ بالمحكمة العُليا

تعليق عبر الفيس بوك