قراءة في "اختراع الشعب اليهودي"!

حمد الناصري

فاجأ شلومو ساند أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب الأوساط الصهيونية والمُؤيِّدة لها بكتابه "اختراع الشعب اليهودي" والحقائق الدامغة التي ذكرها في ذلك الكتاب، حين عرض في تفاصيله نقدًا للخطاب اليهودي التقليدي بمختلف تياراته،  وطرح "ساند" أسئلة مُحَرّمة في الأوساط الصهيونية المُتطرفة حول ما يُعرف برواية نشأة اليهودية في عامة التاريخ مِمّا يُنذر بمنع ذلك الكتاب من التداول داخل الكيان الصهيوني!

ومن تلك الأسئلة.. هل وُجد شعب يهودي استمرّ لآلاف السنين كشعب حقيقي مُستقل كالشعوب الأخرى التي كان لها بصمة وتأثير وأكثر عددًا وأكثر استقرارًا وأعمق حضارة وتجذرًا في التاريخ والجغرافيا؟

وتأطيرًا لتلكم التساؤلات، يقول الكاتب: لماذا تحوّلت التوراة من كتاب شرائع دينية إلى كتاب يهودي مَحض يروي نشوء "أمة اليهود"؟ وأثار تعجّبًا دقيقًا، لا أحد يعرف بدقة متى كُتبت التوراة.؟ ومن الذي كتبها.؟ وما هو الطريق الذي سلكه اليهود المطرودين من مصر؟ ومتى تمّ نَفْي سُكان "مملكة يهودا" بعد تدمير الهيكل.؟ مُؤكدًا أنّ كل ما نعرفه لا يعدو عن أقصوصة من وحي أسطورة مسيحية شَقّت طريقها إلى التراث اليهودي.

ويُعد كتاب "اختراع الشعب اليهودي" من أشهر مؤلفات شلومو ساند، وبالعِبرية "متى وكيف أُخترع الشعب اليهودي". وفي إشارة لتلك الفكرة كتب الصحفي الإسرائيلي عُوفري إيلاني: إنّ فكرة إثبات اليهود، كأمة قومية لا وجود لها كأصل عرقي بل هم مزيج من جماعات تبنّت الديانة اليهودية.

خلاصة القول.. إنّ شلومو ساند أستاذ التاريخ العِبْري بجامعة تل أبيب، ينفي أسطورة الأمة اليهودية النقية أو المُتفردة واضعًا خصوصيتها في مهبّ الريح ومُؤكدًا على أنّ تلك الدولة  غير حقيقية ومن بنات أفْكار بعض زُعماء الصهيونية كثيودور هرتزل وغيره، فالشعب المَطرود، التائه، لا يُمكن أنْ يكون له وطن على حساب غيره، وأنّ إعادة بناء أقصوصة اليهود وإدماجها في التأريخ البشري كأمة هو بمثابة استنساخ تاريخي لوقائع النكبة لعام 1948 وأنّ طرد اليهود من مصر من المُسَلّمات اليهودية وأنّ العِرق اليهودي اختلط مع أعراق أخرى لذا فإنَّ وجودها كدولة عِرقية ودينية لا أساس له فهي لم تكن دولة في يوم من الأيام.

تعليق عبر الفيس بوك