خلال مشاركتها بأعمال "منتدى الرؤية الاقتصادي" كشريك إستراتيجي

"أومينفست": رؤية "عمان 2040" وضعت مسارات فاعلة للتحول نحو تنويع اقتصادي مستدام قائم على الإنتاج

 

 

 

الرؤية - هيثم صلاح

شاركت الشركةُ العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومينفست"، كشريك إستراتيجي، في أعمال الدورة الثالثة عشرة من منتدى الرؤية الاقتصادي "الصناعات الوطنية الموجهة للتصدير"، والتي انطلقت تحت رعاية كريمة من معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، في الثاني والعشرين من مايو، بفندق جراند حياة مسقط.

وخلال جلسة الافتتاح، ألقى بدر بن عوض الشنفري الرئيس التنفيذي لاستثمارات الأسهم الخاصة بالشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومينفست"، كلمة الشريك الاستراتيجي؛ أشار خلالها إلى رؤية "عُمان 2040"، والتي منذ انطلاقة مرحلة تنفيذها، تعاظمت الجهود الحكومية لدفع الطموح إلى تنويع اقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وأضاف أن ذلك أدى إلى تحسينات كبيرة في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية والإصلاحات المالية الجارية؛ سعيًا لتحقيق الاستدامة المالية وإلى تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان. وتابع أنه في مارس من العام الجاري، أعادت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية تأكيد التصنيف الائتماني لعُمان عند درجة "BB+" وعدّلت النظرة المستقبلية إلى إيجابية من مستقرة، مع احتمال رفعها إلى درجة الاستثمار في المراجعة القادمة، موضحًا أن استعادة تصنيفها الاستثماري سيخلق بيئة أكثر ملاءمة للاستثمارات والنمو الاقتصادي.

 

القدرات التصديرية

وأوضح الشنفري أن عُمان حققت تقدمًا كبيرًا في تعزيز قدراتها التصديرية؛ ففي الفترة بين عامي 2021 و2023، ارتفعت صادرات السلع غير الهيدروكربونية (غير النفطية) بنسبة 55%، من 6.8 مليار ريال عُماني إلى 8.9 مليار ريال عُماني. وتابع أن الأسواق الرئيسية لهذه الصادرات تشمل: دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والهند.

وأشار إلى أن "منتجات الكيماويات والصناعات المرتبطة بها" و"المنتجات المعدنية" و"المعادن الأساسية ومصنوعاتها" تمثل نحو 70% من إجمالي الصادرات غير النفطية، لكن ما تزال هناك إمكانات كبيرة لزيادة الصادرات من الصناعات التحويلية والقطاعات الصناعية الأخرى، فضلًا عن زيادة مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في أنشطة التصدير.

وللوصول إلى هذه المنافسة العالمية في التصدير وتنويع الصادرات، أبرز الشنفري بعض النماذج العالمية؛ حيث نجحت العديد من الدول في تحويل اقتصاداتها إلى نماذج قوية تعتمد على التصدير من خلال التركيز على التحرر الاقتصادي، وتعزيز دعم القطاع الخاص، وصياغة الاتفاقيات التجارية، وتوفير الحوافز لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

وقال إن فيتنام برزت كمصدر رئيسي للإلكترونيات والمنسوجات والمنتجات الزراعية من خلال الإصلاحات الاقتصادية الاستراتيجية، وتنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة المتعددة، والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية التي خلقت بيئة صديقة للأعمال. وأوضح أن هذه المبادرات جذبت استثمارات أجنبية كبيرة، وخاصة من الشركات الكبرى مثل "سامسونج"، التي حفَّزتها للاستثمار مزايا مميزة مثل: العمالة المنخفضة التكلفة، وتوفير الأراضي المجانية، وإعانات الدعم المختلفة؛ بما في ذلك الإعفاءات من رسوم الاستيراد ومعدلات الضرائب التفضيلية.

وأوضح أنَّ تأثير مثل هذه الشركات العالمية يمكن أن يكون عميقًا في الدول الجاذبة لها، ومثال ذلك، أن أنشطة شركة سامسونج عام 2018 في فيتنام كانت تمثل ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفيتنام، واليوم تتجاوز عائدات صادراتها السنوية 65 مليار دولار، وهو ما يمثل 20% من إجمالي عائدات صادرات فيتنام، علمًا أن سامسونج تُوظِّف ما يزيد عن 100000 فرد في فيتنام، وقد ساهمت في جعل البلاد مركزًا محوريًا للتصنيع.

 

الهيدروجين الأخضر

كما تحدث الشنفري عن جهود السلطنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ففي عام 2022، أعلنت السلطنة عن هدف خفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن يساهم تطوير إنتاج الهيدروجين؛ بهدف استبدال الغاز في توليد الكهرباء، بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف وجذب استثمارات كبيرة. ويرى جهاز الاستثمار العُماني أن تصبح عُمان هي عاصمة الهيدروجين في العالم، ويهدف إلى إنشاء سلسلة قيمة كاملة للهيدروجين الأخضر، والاستفادة من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في البلاد. وتقدر قيمة إجمالي استثمارات المشاريع المعلن عنها 48 مليار دولار أمريكي لهذه المبادرة الضخمة. ومع كل ما في ذلك من افتخار بمثل هذه المبادرات إلا أنه يتعين علينا دراسة المخاطر بدقة وكذلك دراسة الجدوى مع التركيز في الافتراضات المستخدمة بما أن المجال جديد ومع الريادة تكثر التحديات ولكن بإذن الله وتضافر الجهود سوف نصل للغاية المنشودة.

وتابع قائلًا: في عالم متسارع التطور فإن سلطنة عُمان لديها الفرصة السانحة لتسخير الذكاء الاصطناعي (Artificial Inteligence) من أجل تعزيز الإنتاجية الصناعية والقدرة التنافسية والاستدامة. وعلى الصعيد العالمي، فإن المؤسسات العالمية الكبرى تسعى للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة وتحسين المنتجات والخدمات واكتساب ميزة تنافسية. وأكد الشنفري أنه من الضروري جدًا لتعزيز اعتماد التكنولوجيا والابتكار في مكونات الاقتصاد، أن تتم مراجعة الأنظمة القائمة ومعالجة الاختناقات. وأعرب الشنفري عن أمله في تبسيط قانون المناقصات وجعله أكثر مرونة للسماح بالترسية المباشرة في الحالات التي تكون فيها عروض القيمة واضحة، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد على اعتماد التكنولوجيا والابتكار بشكل أسرع، وتعزيز قطاع صناعي أكثر ديناميكية واستجابة.

ودعا الشنفري إلى أهمية تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة به، ويجب على الهيئات التنظيمية اعتماد إطار السياسة الصحيح لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول. وقال: "نحن في أومينفست كعضوٍ في المنتدى الاقتصادي العالمي، نشارك في المناقشات حول تأثير الذكاء الاصطناعي عبر القطاعات المختلفة، ونحن متحمسون لدمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجية أعمالنا واستثماراتنا".

واختتم بقوله: "يُمكننا بالتعاون والتكامل وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص، إعادة تموضع السلطنة كاقتصاد ناجح موجه للتصدير من خلال تحديد صناعات وأسواق تصديرية جديدة، ومعالجة التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى الأسواق الخارجية، والاستمرار في دعم قطاعنا الصناعي بالحوافز الاقتصادية المناسبة وتحرير الاقتصاد المفتوح. فلننطلق متكاتفين ومتحدين معا نحو مستقبل تكون فيه بلدنا الغالية عُمان رائدة في مجال المنتجات والخدمات ذات القيمة المضافة العالية والمتطورة، مما يساهم في النمو الاقتصادي المستدام والرخاء لمجتمعنا العُماني والمقيمين معنا فيه".

 

التوصيات

هذا وخلصت نقاشات الدورة الثالثة عشرة من "منتدى الرؤية الاقتصادي" إلى جُملة توصيات على النحو التالي: ضرورة دعم جهود توطين الصناعات المُوَجِّهَة للتصدير عبر إطلاق برنامج وطني لجذب وتحفيز المستثمرين لضخ رؤوس أموال في القطاع الصناعي، وتحديث القوانين والتشريعات المُنظِّمة للقطاع الصناعي بما يضمن تقديم مزيد من التسهيلات والإعفاءات للمصانع، وتوفير الدعم الحكومي لإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى القطاع، لتعزيز جودة وإتقان المنتج العُماني، وتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي للتخفيف من المخاطر المرتبطة به ودعوة الهيئات التنظيمية لاعتماد إطار السياسة الصحيح لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، وضرورة وضع آليات تنفيذ للاستفادة من الكفاءات الوطنية الشابة واستغلال الموارد الطبيعية والمقومات الاستراتيجية على نحو يضمن الاستدامة والتطوُّر، والإسراع في بدء أعمال بنك الاستثمار لتقديم التمويل المرن اللازم لنمو القطاع الصناعي ودعم توسع المصانع، وتعزيز التعاون بين غرفة تجارة وصناعة عُمان والأطراف الفاعلة الأخرى في نمو القطاع الصناعي.

إضافة إلى استكشاف التحديات التي تواجه القطاعات المُعوَّل عليها في التنويع الاقتصادي وعلى رأسها قطاع التصنيع، والدعوة لرسم مسارات أكثر تطورًا لدعم توجهات الاقتصاد المفتوح الجاذب للاستثمارات وتعزيز مساهمة الصناعات في الناتج المحلي الإجمالي، واقتراح تبسيط قانون المناقصات وجعله أكثر مرونةً للسماح بالترسية المباشرة في الحالات التي تكون فيها عروض القيمة واضحة، والعمل على مُعالَجة التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى الأسواق الخارجية، إلى جانب ضرورة الاصطلاح على بنود استراشادية لميثاق وطني يضمن تمكين مبادئ حوكمة التنمية الصناعية في عُمان، وتوجيه المناقصات والمشتريات الحكومية لشراء المنتج الوطني وتمكين سلاسل القيمة المضافة الوطنية، والدعوة إلى تعزيز القنوات التمويلية، من خلال إنشاء بنك صناعي مُتخصِّص يضم كفاءات فنية ومالية على مستوى عالٍ من التميُّز، مع ضرورة إعادة دراسة تأثير ضريبة الدخل على الأفراد دراسةً شاملةً من كل الجوانب، مع دراسة الآثار والتداعيات التي نجمت عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتوظيف مُمكِّنات الذكاء الاقتصادي في جميع القطاعات الاقتصادية- وخصوصًا الصناعية- للوصول إلى مرحلة الازدهار الصناعي والاقتصادي في عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك