الظاهرية لـ"الرؤية": 5 مؤسسات صحية عمانية تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج

 

 

تنافس الشركات للاستثمار في التقنيات الحديثة المتعلقة بالرعاية الصحية

عمان تستخدم الوسائل الحديثة بشكل مسؤول وآمن لتطوير بيئة الرعاية الصحية

الاعتماد الأعمى على التكنولوجيا خطر على حياة المرضى

غياب التشريعات القانونية يثير المخاوف من التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي بالمجال الطبي

الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل البشر في القطاع الطبي بل مساعدا لهم

 الرؤية - سارة العبرية

تؤكد الدكتورة رقية بنت إسماعيل الظاهرية رئيسة قسم الدراسات والأبحاث القانونية في المستشفى السلطاني، أن الكثير من الشركات تتنافس في الاستثمار بتطبيقات الذكاء الاصطناعي القابلة للاستخدام من قبل مقدمي الرعاية الصحية والمرضى، مضيفة أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتيح فرصا كبيرة لتحقيق تطورات هائلة في مجال الصحة ورعاية المريض إذا ما روعيت الأخلاقيات وحقوق الإنسان خلال تصميم هذه التقنيات.

وأشارت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لها دور محوري في تحسين جودة الرعاية الصحية ورفع كفاءة الخدمات وتقليل التكلفة وتحسين العمليات الإدارية في المستشفيات والمرافق الصحية عبر تقليل الجهد المبذول من الكوادر الصحية والإدارية خاصة مع ندرة بعض التخصصات الطبية الدقيقة، مبينة: "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث تحسينات كبيرة في عمليات التشخيص والعلاج، على سبيل المثال يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحليل كميات هائلة من البيانات المرتبطة بتاريخ المرضى والصور الطبية والأبحاث العلمية، والتنبؤ بالتشخيص ووضع خطط العلاج، كما تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأمراض في مراحلها المبكرة، مثل السرطان وأمراض القلب، من خلال تحليل الصور الطبية والفحوصات المخبرية".

doctor-1193318_1280.jpg
 

وتبين الظاهرية أن التنسيق بين الذكاء البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي في غرف العمليات مثل الوصول إلى أماكن لا تستطيع يد الجراح الوصول إليها، يساعد الأطباء في التخطيط للتدخل الجراحي بشكل مفصل، مضيفة: "التجارب العلمية والأبحاث السريرية القائمة حول العالم استفادت بشكل كبير من خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات والمعلومات العلمية للتجارب السريرية، كما خدمت هذه التقنية المستشفيات لإدارة العمل وتنظيم ملفات المرضى بعد إدخال مجموعة من البيانات الضخمة إلى أنظمة الحواسيب، وسيستمر هذا المجال في التطور مستقبلاً مع تحسين الأداء والتطبيقات".

 

وتوضح الدكتورة رقية أن وزارة الصحة في السلطنة توجهت نحو تحسين منظومة القطاع الصحي باعتماد أفضل الممارسات الطبية العالمية واستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وآمن، وذلك لتطوير بيئة رعاية صحية، مع التركيز على بناء نظام صحي يرتكز على المعايير الأخلاقية والقانونية، مع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل استباقي لتقليل التهديدات وإدارة المخاطر وضمان سلامة المرضى.، لافتة إلى أنه يتم تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خمس مؤسسات صحية وهي المستشفى السلطاني ومستشفيات خولة والبريمي وإبراء، بالإضافة إلى مستشفى السلطان قابوس بصلالة كمرحلة تجريبية امتدت لمدة سنة لقياس فاعلية النظام، مُبينة أن أهم الأمثلة على تبني هذه التطبيقات في وزارة الصحة تقنية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتطبيق برنامج تفاعل الأدوية الذي يساعد الأطباء في معرفة حالة وصف الأدوية وتفاعلها مع بعضها البعض، وكذلك استخدام الروبوت في إجراء بعض العمليات الجراحية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل فحص الدم الكامل الطبيعي في مختبر أمراض الدم و تطبيقات التصوير التشخيصي في الأشعة القلبية".

وعن أبرز التحديات، تلفت الظاهرية إلى أنها تتمثل في فقدان اللمسة الإنسانية والتفاعل العاطفي بين الطبيب والمريض، وهو جزء أساسي من العلاج، كما أن التقنية تفتقر إلى القدرة على إظهار التعاطف والفهم الحقيقي، وهما عنصران حيويان في عملية الشفاء، وعلى الرغم من كفاءة نظم الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تستطيع تقليد لمسة اليد المطمئنة والنظرة المتعاطفة من مقدم الرعاية.

وتضيف الدكتورة رقية: "يواجه الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية تحديات تتعلق بالتحيزات والأخطاء الخوارزمية، مع عدم وجود آليات واضحة للمساءلة القانونية، وهذه النظم قد تفشل أحيانًا وتسبب ضررًا بسبب التشخيصات الخاطئة أو التوصيات العلاجية غير المناسبة، مما يؤدي إلى ردود فعل دوائية ضارة أو نتائج علاجية غير فعّالة بسبب عدم مراعاة التباين الفردي أو الظروف السريرية الخاصة للمريض، ورغم أن الجراحة بمساعدة الروبوتات توفر دقة وتحكمًا عاليين، إلا أن الأعطال التقنية أو الأخطاء في النظام قد تسبب نتائج جراحية سلبية، مثل تلف الأنسجة أو الأعضاء، مما يستدعي تدخلات تصحيحية ويعرّض سلامة المريض للخطر، ولذلك فإن الاعتماد الأعمى على الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية خطير، فلا يمكن وضع حياة المرضى بين أيدي آلات معرضة لهذه العيوب".

يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية أصدرت إرشادات بشأن أخلاقيات وحوكمة نماذج الذكاء الاصطناعي؛ حيث أعطت المنظمة توصيات للحكومات وشركات التكنولوجيا ومقدمي الرعاية الصحية حول كيفية الاستفادة من هذه التكنولوجيا بأمان تام.

ويثير التفاعل مع الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية مخاوف بشأن الثقة من المرضى والمهنيين، وتقول الظاهرية: "قد يشك المرضى في موثوقية وشفافية ومسؤولية الخوارزميات، خاصة فيما يتعلق بسرية وأمان معلوماتهم الطبية، فهناك مخاطر متزايدة في الأمن السيبراني، مثل انتهاكات البيانات والهجمات الخبيثة على نماذج الذكاء الاصطناعي، والمخاوف بشأن التحيزات الخوارزمية أو الأخطاء قد تؤدي إلى تآكل الثقة في الذكاء الاصطناعي والتأثير سلباً على نزاهة الرعاية الصحية".

وحول الأخطاء الطبية الناتجة من سوء تقدير الذكاء الاصطناعي، توضح: "لا توجد تشريعات قانونية وأخلاقية تنظم مسألة المسؤولية عن الأخطاء الطبية في حالة الذكاء الاصطناعي المستقل، وذلك بسبب الجدل المستمر حول نوع المسؤولية التي يجب أن تُطبق هل هي مسؤولية بشرية أم مسؤولية عن المنتج من الشركة المصنعة".

وردا على سؤال تأثير الذكاء الاصطناعي على المهنيين الصحيين، تعتقد الظاهرية أنه على الرغم من الجوانب الإيجابية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب، فإنه لا يمكن تجاهل خطر اعتماد المهنيين الصحيين بشكل مفرط على هذه التقنية، مما يؤدي إلى تراجع خبراتهم وتآكل مهاراتهم الطبية الأساسية ما يعرض سلامة المرضى للخطر، إذ يتسبب التفاعل المكثف مع نظم الذكاء الاصطناعي في إرهاق وشعور بالتوتر لدى المهنيين الصحيين، ويزيد من مشاعر العزلة المهنية والإجهاد العاطفي بسبب فقدان التفاعل الاجتماعي مع المرضى.

وتؤكد: "يجب وضع تشريعات قانونية وأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في رعاية المريض، ووضع احترام حقوق الإنسان وكرامته وحريته أساساً بما يتناسب مع المعايير والأنظمة الطبية المعتمدة، والحفاظ الأخلاقيات الطبية، مع ضرورة أن تكون البيانات المُستخدمة في تغذية الآلات الذكية ذات جودة عالية ويمكن الوثوق والاعتماد عليها، وذلك للحد من المخاطر وتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص التي ينطوي عليها استخدامه لأغراض الصحة".

واختتمت الظاهرية حديثها قائلة: "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي دورًا مُهمًا في تحسين صحة ورفاهية الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، إذا تم تطبيقه بشكل أخلاقي وقانوني وشامل، ومن المهم جدًا حوكمة التطبيقات ودعم التثقيف والتدريب والبحث في مجال أخلاقياته لزيادة الوعي والثقة بين المستفيدين من هذه التقنية، كما يجب أن نضع في اعتبارنا أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يحل محل الإنسان والعاملين في مجال الصحة؛ بل يجب أن يكون شريكًا ومساعدًا لهم، يزيد من كفاءتهم وإبداعهم ورضاهم".

تعليق عبر الفيس بوك