أغاني المقاومة

 

مدرين المكتومية

لم ينفصل الفن يومًا عن نضال الشعوب والأمم في معركتهم لنيل الاستقلال والحرية، ولطالما كان الفن أحد أوجه التحرر؛ ارتكازًا على ما تختزنه الشعوب من فكر ومعرفة وثقافة، تُشكِّل عناصر أي حضارة إنسانية، وفي منطقتنا العربية أسهمت الفنون المُغناة بدور حاسم وفاعل في مسيرة كل نضال وحركة تحرر وطني، بدءًا من الشعر الجاهلي الذي احتوى على فنون متعددة في شعر الحرب والفخر والحماسة والمدح وحتى هجاء العدو، مرورًا بالأغاني الوطنية في كل قُطر عربي منذ القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر.

وفي هذا الإطار، تُنظِّم جريدة الرؤية بالتعاون مع النادي الثقافي أمسية شعرية وغنائية بمشاركة كوكبة من الشعراء والمُلحنين والعازفين إلى جانب حضور خاص لفرقة الزاوية للسماع العرفاني، لعرض قصائد شعرية وأغانٍ وطنية دعمًا لنضال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكل الأراضي المُحتلة، وذلك في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي أودى بحياة أكثر من 24 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد عن 61 ألف مصاب، علاوة على نزوح جميع سكان القطاع تقريبًا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وأكثر من 800 ألف إنسان على حافة المجاعة الحقيقية، وغيرها من الأوضاع المأساوية التي تُمزّق القلب.

هذه الأمسية تتماهى تمامًا مع الوعي الشعبي العُماني وتنسجم مع مشاعره الوجدانية تجاه قضية العرب والمُسلمين الأولى؛ قضية فلسطين، والهدف منها حشد المزيد من الدعم والمؤازرة لقطاع غزة، وتنديدًا بمذابح الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وما يمارسه هذا الاحتلال المجرم من إبادة جماعية.

الجميل في هذه الأمسية أنها نتاج جهد جماعي لعدد من الشعراء والملحنين، على رأسهم الشاعر سماء عيسى، والشاعرة هند الحمدانية، وكذلك المُلحن الموسيقي الدكتور ناصر الطائي، وعازفة البيانو جوخة الناعبية، إلى جانب مشاركة فرقة الزاوية للسماع العرفاني، والتي ستشدو بأروع الأناشيد الحماسية والداعمة للشعب الفلسطيني. كل هذا الجهد الجماعي قادته جريدة الرؤية من منطلق إيمان رئيس تحريرها الأستاذ القدير حاتم الطائي، وبتعاون وثيق وإيجابي مع النادي الثقافي، لنؤكد للجميع أن الشراكة بين المؤسسات واجبة وضرورية، وتدعم مسيرة العمل الوطني في كل جوانبه، ومنها العمل الإعلامي والفني، وهما لا ينفصلان أبدًا عن أي عمل آخر في قطاعات الاقتصاد أو التنمية أو التعليم أو الصحة، فكل هذه القطاعات تتكاتف جهودها من أجل أن يكون الوطن في المقدمة دائمًا، وسبّاقًا إلى الإيجابيات.

مثل هذه الفعاليات مطلوبة وبشدة خلال المرحلة الراهنة، لأنه في الجانب الآخر نجد الغرب يُقدم كل سبل الدعم للمُحتل الإسرائيلي، دون حُمرة خجل من الدماء التي ملأت قطاع غزة، نجدهم يدعمونهم بسلاح الإعلام، من خلال ترويج الأكاذيب والإفك، وادعاء المظلومية لدولة الاحتلال، مُتناسين أنَّ هذا الكيان اعتدى بكل عنف ووحشية على شعب فلسطين قبل أكثر من 75 عامًا، وسرق وطنهم وطردهم بقوة السلاح وبشتى أنواع التهديد الوحشي. ومن هنا يجب على كل مواطن عربي، بل كل إنسان صادق مع إنسانيته في هذا العالم، أن يُدافع عن الشعب الفلسطيني وأن يُقدِّم له كل الدعم والمؤازرة، وأن يكون عونًا له في مختلف المحافل، وما أعظم ما قامت به دولة جنوب أفريقيا الأبيّة، عندما قررت أن تُقاضي الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه الشنيعة، وتُلاحقه في محكمة العدل الدولية، لمعاقبته على ما ارتكب من مذابح وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. فطوبى للنبلاء المؤمنين بحق الإنسان في الحياة الكريمة والعيش الآمن، والويل والثبور لكل مُجرم إسرائيلي يمارس الإبادة الجماعية دون وازع من ضمير.