مدير "الحياد الصفري" لـ"الرؤية": خفض الانبعاثات الكربونية يتطلب سن تشريعات جديدة والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة

◄ الحياد الصفري ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة

◄ تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 21% بحلول 2030

◄ الصناعة والطاقة والنقل والإنشاءات من أكثر القطاعات تسببا في الانبعاثات الكربونية

الحفاظ على البيئة مسؤولية فردية ومجتمعية

عمان تدعم جهود التحول إلى الطاقة البديلة ومشاريع الهيدروجين

الرؤية- سارة العبرية

أكد المهندس عبدالله بن علي البوسعيدي مدير الحياد الصفري بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أن سلطنة عمان وضعت أهدافا واضحة لتحقيق الحياد الصفري في عام 2050، إذ إنها ألزمت نفسها بتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 21% بحلول عام 2030 وفقا لاتفاقية باريس التي انضمت لها عام 2015.

وأشار- في تصريح لـ"الرؤية"- إلى أنَّ السلطنة حددت القطاعات التي ينتج عنها انبعاثات بنسبة كبيرة وفقاً لدراسات علمية، لتكون قطاعات الصناعة والطاقة والنفط والغاز والنقل والإنشاءات والمباني، من الأكثر القطاعات التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون أو الغازات الدفيئة، مضيفاً: "بناء على هذه النتيجة تم عقد عدد كبير من الورش وإجراء المزيد من الدراسات، لينتج عن ذلك تحديد 49 مشروعا في المرحلة الأولى يتم استهدافها للوصول إلى الهدف المستهدف من خفض الانبعاثات، يتبعها باقي المشاريع في المراحل الأخرى، إذ يعتبر الحياد الصفري ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والمحافظة على التوازن البيئي لضمان استدامة الحياة على كوكب الأرض".

وحول مفهوم الحياد الصفري، أوضح البوسعيدي:" أن الحياد الصفري يأتي عن طريق التوازن بين الانبعاثات التي تحتاجها الأرض وبين احتياجات البشر في ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة بشكل عام، وهناك معدل لا يؤثر على طبقة الأوزون وبالتالي لا يؤثر على التغيرات المناخية في الأرض، وجاء الاهتمام بهذا المصطلح بعد أن لاحظ العلماء ازدياد درجات حرارة كوكب الأرض التي تصل إلى معدلات ما يقارب 1.5 درجة، كما جاءت خطط العالم خاصة في اتفاقية باريس في 2015 متضمنة ضرورة أن تعود درجة حرارة الكوكب إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وأخذت بعض الدول في تخفيض الانبعاثات التي تأتي من مصادر مختلفة".

وذكر مدير الحياد الصفري بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أن تحقيق الهدف الزمني لسلطنة عُمان أو أي دولة يشكل تحديًا كبيراً لأن العمل على تقليل انبعاثات القطاعات الحيوية يحتم على الدول استبدال العديد من المعدات وتطوير البنية الأساسية والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وتدريب وتحسين مهارات المتخصصين في هذا القطاعات، لافتا إلى أن تطوير بعض القطاعات لإحداث هذا التغيير يستغرق ما يقرب من 50 سنة لمواكبة التطورات التي تحدث تخفيضا في الانبعاثات.

وتابع قائلا: "على سبيل المثال، في قطاع النقل تعتمد المركبات على الوقود الأحفوري، ويتعين البحث عن بدائل كهربائية أو هيدروجينية، وتلك التحولات تنطوي على تكلفة رأس المال وتتطلب تغييرًا في عادات وتفكير المستهلكين، ولهذا يجب توفير الإمكانيات المالية والتكنولوجية الضرورية، إلى جانب تنمية مهارات العاملين في هذه القطاعات، ولذلك يمثل الحياد الصفري تحدياً كبيراً في العديد من جوانبه، ويجب خلق نوع من التعاون بين القطاع العام والخاص لضمان نجاح المساعي الهادفة إلى الوصول إلى الحياد الصفري، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد التشريعات والقوانين التي تُراعي هذه التغيرات".

وقال البوسعيدي إن تحقيق الحياد الصفري مسؤولية تقع على عاتق كل من المؤسسات والأفراد، إذ إنَّ المحافظة على البيئة مسؤولية فردية ومجتمعية، كما يجب على الأفراد التحول إلى استخدام المركبات التي تعمل بالكهرباء في ظل الجهود المبذولة من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات لإيجاد حلول وخيارات متعددة للجميع.

وأضاف البوسعيدي: " قطاع الصناعة مستهلك كبير لطاقة الكهرباء، ولذلك تعمل السلطنة على تبني مشاريع التحول إلى الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وعُمان توجهها قوي في مسألة طاقة الهيدروجين والذي يتوقع إنتاجه في عام 2027، ولكن قد يكون استهلاكه في السوق المحلي في 2030".

وحول استثمارات القطاع الخاص في المشاريع البيئية، قال البوسعيدي: "استثمارات القطاع الخاص دائمًا ما تكون ذات جودة وأفضلية؛ نظرًا لقدرة القطاع الخاص على تطوير نظام المشاريع بشكل أفضل، كما أن القطاع العام يركز بشكل أساسي على وضع التشريعات التي تخدم المستهلك والمواطن والمقيم، بالإضافة إلى أن الحوافز تلعب دورًا كبيرًا في البداية الناجحة لمسيرة الحياد الصفري، وفي إقناع الأطراف بأهمية التغيير لحماية كوكب الأرض".

وبين أنَّ الخطة الوطنية لبرنامج الحياد الصفري حددت أهدافًا واضحة للفترات الزمنية 2030 و2040 و2050؛ إذ يعتبر هذا البرنامج كافيًا لتحويل أساليب المؤسسات والأفراد، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى حملة توعوية مجتمعية لنشر المعلومات بشكل واسع ومستمر بين جميع فئات المجتمع العماني، واستهداف طلاب المدارس لغرس مفاهيم الاستدامة والحفاظ على البيئة لديهن وترك أثر إيجابي مع مرور الوقت، موضحا: "التكنولوجيا والابتكار لهما أهمية كبيرة في تحقيق الحياد الصفري، وعلى الرغم من تكلفتهما إلا أنه كلما اتسعت أفق التكنولوجيا زادت الفرص للابتكار وهو ما يحتاج إلى استثمار مستمر".

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك