تحت المجهر

 

 

مدرين المكتومية

يُسهم القطاع السياحي بدور فعّال في مسيرة التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادي، فضلًا عمّا يوفره من مصدر دخل للكثيرين، إضافة إلى أن المقومات التي تنعم بها سلطنة عُمان توفر البيئة المؤاتية لنمو القطاع، خاصة وأن مُستهدفات الرؤية المستقبلية "عمان 2040" تضع القطاع السياحي ضمن القطاعات الواعدة والتي يُعوَّل عليها لتحقيق نمو كبير.

ويمكن القول إننا استطعنا صناعة سياحة شتوية تلك التي يبحث عنها السائح الأجنبي أو تستهوي فئة معينة من السياح، لكن ما ينقصنا فعلا هو تطوير مفهوم السياحة العائلية، أي أن تجد الأسرة بجميع أفرادها أماكن خاصة يمكنهم من خلالها الاستمتاع والاستجمام.

عُمان تمتلك الكثير من المقومات التي تجعل منها مقصدًا سياحيًا مرغوبًا فيه من قِبل الكثير من السياح، بلد آمن ومجتمع مضياف، وبالتالي في ظل كل ما يحدث حولنا يمكن أن تكون عمان هي وجهة الكثير من السياح على المستوى العربي والخليجي، وهذا يتطلب إعادة النظر في تطوير السياحة العائلية التي يمكن أن تسهم في تحقيق زيادة كبيرة في معدلات السياحة وعدد الزوار.

كما إننا فعليًا بحاجة إلى زيادة جهود تسويق وترويج القطاع السياحي العماني بكل ما يتميز به من إمكانيات هائلة لا تتوافر لدى الآخرين، وهذا لن يتحقق دون القيام بجهود مُضنية وترويج في مختلف الأسواق السياحية. فعلى سبيل المثال، تحظى ظفار في موسم الخريف باهتمام واسع وتشهد إقبالًا كبيرًا من السياح؛ بفضل الترويج المباشر وغير المباشر لهذا الموسم الاستثنائي في منطقة الخليج والعالم العربي. لكن في المقابل، يجب أن نحصر فكرة الترويج المُكثّف على فصل الخريف وحسب؛ إذ لدينا مواسم سياحية أخرى، حتى في فصل الصيف. علينا أن نروج لسياحة الشتاء ونسلط الضوء على كل المواقع الخاصة بها، وبفنونها وتراثها وعاداتها المختلفة، وكذلك الحال في فترة الصيف لن نجد أفضل من الجبل الأخضر كوجهة سياحية رائدة يمكن أن تستقطب عشرات الآلاف من السياح، لكن في الوقت نفسه يجب أن تشجع الجهات المعنية الاستثمارات في هذه المنطقة، وأن تتسارع وتيرة تنفيذ الطريق الجديد بين الرستاق والجبل الأخضر، والذي سيُتيح لأصحاب المركبات العادية الذهاب إلى الجبل، دون الحاجة إلى وجود سيارة دفع رباعي كما هو الحال الآن.

ويمكن للجبل الأخضر أن يكون أيضًا نقطة جذب كبيرة للسياحة العائلية، خاصة إذا ما توسعنا في مشاريع المنتجعات والحدائق، ومدن الملاهي وغيرها، وهي التي تستهوي الأسر؛ حيث تعد مواقع مناسبة للغاية للشباب والفتيات والأطفال الذين يسافرون مع أسرهم من أجل الاسترخاء والتمتع بأوقات مختلفة، بعيدًا عن ضغوط الدراسة وغيرها.

وهناك العديد من الدول حول العالم، تشتهر بكونها دولًا جاذبة للسياحة العائلية، وتقدم العديد من التسهيلات لاستقطاب السياح من الأسر والعائلات، واستطاعت أن تؤسس لنموذح سياحي مُستدام طوال العالم. فما الذي يمنع أن تتحول عُمان إلى السياحة العائلية، خاصة وأن الكثير من السياح في منطقة الخليج لا يفضلون المقاصد السياحية الشهيرة، سواء في محيطنا الإقليمي أو حتى الدول البعيدة عنّا نسبيًا، والتي عادة ما يكثر فيها السُيَّاح الغربيون، وهؤلاء ربما لديهم ثقافة سياحية لا تتناسب مع السياحة العائلية، وهذه الأخيرة تميل بدرجة كبيرة إلى الدول المحافِظة حمايةً لأطفالهم من مخاطر الاختلاف الثقافي والفكري مع الغرب.

إذن يمكن القول إننا في عُمان نملك المقومات والإمكانيات التي تؤهلنا للتربع على قمة السياحة العائلية، لكن مُجددًا نحتاج إلى المزيد من المشاريع السياحية التي تتواءم وتُناسب هذه الفئة من السياح، وهم كُثُر، ويتعين على الجهات المختصة اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات من أجل تسهيل التراخيص السياحية وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز المشاريع.