الإصرار على أن نكون مواطنين عالميين

 

ناصر الحارثي

ثمَّة هوس لدى مواطني ومؤسسات دول الخليج للحصول على قبول ورضا الغرب، لذلك نجد هناك تسارعا في ضخ استثمارات بمئات الملايين في الأسواق الأوروبية والأمريكية دون غيرها، مع أنها أسواق محدودة الجدوى عند الاستثمار فيها لأنها أسواق مكتملة.

وأبرز ملامح هذا السعي تتمثل في الآتي:

•     ضخ استثمارات بمئات الملايين في الأسواق الغربية دون غيرها، مع محدودية العائد المالي وغياب القدرة على التدخل في قرارات تلك الدول والرضوخ لهيمنتها وكذلك هي أسواق ناضجة متشبعة بالقوانين والسياسات والضرائب.

•     الحرص على تأسيس مراكز بحثية في جامعات غربية وشراء أندية رياضية غربية.

•     حرص الوفود التجارية على السفر إلى الدول الغربية على الرغم من قلة الفرص التجارية الحقيقية للاستثمار فيها.

•     الرغبة في السفر دائمًا إلى الغرب على الرغم من أن زيارتنا لا تتعدى زيارة شوارعهم وفنادقهم.

لا أدري لماذا نرغب في أن نكون غربيين أكثر من الغرب أنفسهم، في حين أن الغرب يحرصون أشد الحرص على الاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة، فالدول الغربية لا تنظر إلينا على أننا غربيين مهما حاولنا التماهي؛ بل تنظر إلينا على أننا مواطنون من دول ذات أهداف ضبابية شرق أوسطية.

إن سبب هذا الهوس هو أننا لم نؤمن بمشاريعنا ولا بشعوبنا ولا بجامعاتنا. وفي المقابل، ننتظر من الآخر يعترف بنا وكأننا نسينا قول الشاعر:

من يهن يسهل الهوان عليه // ما لجرح بميت إيلام

هنا لا أدعو إلى التخندق ولا إلى التحزب في مفاهيم ضيقة والاستقطاب في ثنائية الشرق والغرب، ولكن أدعو إلى تجنب أن تكون مؤسساتنا وأموالنا رهينة لسياساتهم، بل نرسل أفرادنا ليستفيدوا من تجاربهم ويساهموا في نقل المعرفة. لأن الغرب عبر تجارب السنين يقدر الفرد أكثر من احترامه للشعوب، لأنه ينظر للدول والمؤسسات بمفهوم التنافسية والندية الحتمية.

أختم مقالي بهذه الرسالة والمتمثلة في أهمية تعزيز الثقة بالنفس والتصالح مع الموروث، ودعم المشاريع الوطنية والمحلية والاستفادة من التجارب العالمية محليًا وتطوير الجامعات والمراكز البحثية، إضافة إلى تعزيز العلاقات مع الدول النامية والمتقدمة، ودعم التعاون الاقتصادي والثقافي معها.

تعليق عبر الفيس بوك