رئيس "جهاز الرقابة" يرعى انطلاق المنتدى وسط حضور رفيع المستوى

"المنتدى العُماني الصيني" يدعو إلى توظيف الطفرة التنموية في مختلف القطاعات لتعزيز مستويات التعاون بين البلدين

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ الطائي: ضرورة بناء شراكات استثمارية استراتيجية بين القطاع الخاص العُماني والصيني

◄ السفيرة الصينية: علاقات الصداقة مع عُمان تمر بنقطة انطلاق تاريخية جديدة ومسارات أكبر للتنمية

 

الرؤية- فيصل السعدي- سارة العبرية

 

دعا المنتدى العماني الصيني إلى توظيف الطفرة الهائلة في كافة القطاعات التنموية العمانية والصينية لتعزيز مستويات التعاون المشترك بين البلدين، والاستفادة من مسيرة العلاقات الثنائية على مدى 45 عاماً من الصداقة الدبلوماسية، لا سيما بعد إعلان قيام علاقات الشراكة الاستراتيجية بين سلطنة عُمان مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة في مايو 2018.

وأوصى المنتدى بإطلاق برنامج متكامل لتعليم العمانيين اللغة الصينية؛ كونها لغة الصناعة والاقتصاد في المستقبل، وتدشين برامج ابتعاث لتدريب الشباب العماني على الصناعة الصينية؛ ليصبح متمكنًا وقادرًا على دخول السوق الصيني.

وكان المنتدى قد انطلق، الخميس الماضي، تحت رعاية معالي الشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، تحت عنوان "علاقات تاريخية وآفاق واعدة"، بفندق كراون بلازا صلالة؛ تزامنًا مع الذكرى العاشرة للبناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، ومرور 45 عامًا على إقامة علاقات الصداقة الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، بتعاون ثلاثي بين جريدة "الرؤية" وجمعية الصداقة العُمانية الصينية، وسفارة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان.

وبدأت أعمال المنتدى بكلمة ترحيبية قدمها المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية والأمين العام للمنتدى، أكد خلالها أن ظفار كانت بمثابة همزة وصلٍ بين الحضارتين العُمانية والصينية، ومنارةً سامقةً تهتدي بها السفنُ الصينيةُ التي مخرتْ عبُابَ البحارِ، لتصلَ إلى شبهِ الجزيرةِ العربيةِ، وتستكشف كنوزها الثمينة، وفي المقدمة اللُبان الظفاري، بعطره الزاكي، وخصائصه الطبية المُميزة والتي أدركها الحكماء الصينيون، واستفادوا منه في العديد من الصناعات.

صداقة متينة

وقال الطائي إن سلطنةُ عُمانَ احتفظتْ بعلاقاتٍ صداقةٍ متينةٍ معَ الصينِ على مَرِ العصور، سواءً في الحقب الزمنية السابقة، أو في العصر الحديث، ففي الماضي جميعنا يعلم برحلات البحّار العُماني عبدالله بن القاسم الشهير بـ"أبي عبيدة"، ماخرًا الأمواج العاتية بالمحيطين الهندي والهادئ، من صحار إلى مدينة قوانغتشو الصينية قبل ما يزيد عن ألفٍ ومئتي عامٍ، وغيرهم من أسياد البحار العُمانيين الذين تواترت أخبارهم وسيَرَهم في كُتب التاريخ وعلى لسان الأجداد. وأضاف أن القائد البحري الصيني الأدميرال "تشنغ خه"، والذي عرفه العُمانيون والعرب باسم (حجّي محمود شمس الدين)، والذي وفد إلى شبه الجزيرة العربية من البوابة العُمانية في القرن الخامس عشر، زار عُمان قبل أكثر من ستمائة سنة، وذلك ضمن رحلاته البحرية السبعة، التي انطلق بها بأوامر من الإمبراطور الصيني في عهد أسرة مينغ الملكية.

وتابع أن كل هذه الأحداث وغيرها، مما وصل إلينا من تاريخ العلاقات العُمانية الصينية القديم والحديث، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن عُمان والصين حرصتا طيلة الحقب التاريخية المختلفة على علاقات صداقة تخدم مصالح البلدين والشعبين، وتتعاطى مع التحديات ببصيرةٍ وحكمةٍ. وأكد الطائي أن الحفاظ على هذه العلاقات ساهم في انتعاش التجارة بين عُمان وبلاد العرب من جهة والصين من جهة أخرى، وما طريق الحرير إلّا خير شاهدٍ على هذه الحركة التجارية النشطة؛ إذ كان التبادل التجاري الركيزة الأساسية في نمو العلاقات وازدهارها، والمُنطلق الذي من خلاله سعت الصين إلى بناء جسر راسخ من الروابط الاقتصادية، في مختلف العهود والحُكّام. وذكر الطائي أن مما يبرهن على قوة تلك العلاقات، أنه على الرغم من نفوذ الدول الكبرى في حقب تاريخية مضت، والكثير منها انتهج المسار الاستعماري، إلّا أنَّ الإمبراطورية الصينية نأت بنفسها تمامًا عن هكذا مسار، واستثمرت العلاقات في ترسيخ أواصر التعاون الاقتصادي.

وقال: "لذلك عندما نعقد مُقارنةً بين وصول الأسطول الصيني بقيادة الأدميرال "تشنغ خه" إلى السواحل العُمانية لمرات عدة، وبصحبته نحو 28 ألف من البحرية الصينية بصحبة 317 سفينة، وبين وصول الأسطول البرتغالي بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك، نكتشف الفوارق العظمى بين الحضارتين الشرقية والغربية؛ فالصينيون سَعُوا إلى التعاون وبناء الشراكات التجارية وتعزيز روابط الصداقة مع الشعوب، بينما الحملات البرتغالية مارست القتل والتنكيل والتدمير في مدن الساحل العماني". وتابع: "يؤكد ذلك أن الحضارة الشرقية ترتكز في جوهرها على الروحانيات والاحترام والتسامح والتعايش مع الآخر حتى لو كان مختلفًا في كل شيء، بينما الغرب دائمًا ما ينتهج العنف والقتل والدمار".

مسار تعاوني

وأشار إلى أنَّ المسار التعاوني بين عُمان والصين امتد حتى عصرنا هذا، بفضل حكمة قيادتي البلدين، والحرص المُشترك على الارتقاء بعلاقات الصداقة إلى أبعد مدى مُمكن، وفق ثوابت وطنية تقوم على تبادل المصالح وتعزيز القيم المُشتركة.

وشدد الأمين العام للمنتدى على أن العلاقات الاقتصادية والثقافية تُمثلُ ركيزة أساسية لمستقبل التعاون العماني الصيني في العصر الحالي، لافتًا إلى أن الاستثمارات الصينية في عُمان تتجاوز 6.6 مليار دولار، ومعظمها يتركز في قطاع الطاقة والبتروكيماويات، لكن ثمة استثمارات أخرى بدأت تتزايد في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما تتواصل الجهود الساعية إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات، في ضوء تحقيق مُستهدفات الرؤية الطموحة "عمان 2040"، لا سيما في القطاعات الواعدة منها.

وحثَّ الطائي الشركات العُمانية على العمل من أجل بناء شراكات ثنائية مع شركات صينية، في مختلف المجالات، لا سيما المجالات المرتبطة بالتقنيات الحديثة، في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي والبرمجيات، مع التركيز على توطين التقنيات عبر تأسيس استثمارات مشتركة في قطاع التصنيع.

علاقات تعاونية

عقب ذلك، ألقت سعادة لي لينغ بينغ سفيرة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان، كلمة أعربت في مستهلها عن سعادتها بتواجدها في ولاية صلالة، للمرة الثانية في 3 أشهر، عندما احتفلت السفارة بتدشين النصب التذكاري للأدميرال البحري الصيني تشنغ خه تزامنًا مع الذكرى الـ45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وعُمان، معبرة عن سعادتها بأن النصب التذكاري على شاطئ الحافة أصبح نقطة جذب خلابة يزورها الكثير من السياح. وقالت إن هذا النصب التذكاري يرمز إلى الصداقة الصينية العمانية عبر طريق الحرير البحري على مر التاريخ.

وذكرت سعادتها أنه قبل عشر سنوات، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرات التعاون لبناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد" و"طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، وذلك انطلاقًا من التغيرات الكبرى التي لم يشهدها العالم منذ 100 سنة. وأوضحت أن المحتوى الرئيسي للبناء المشترك لـ"الحزام والطريق" يتضمن 5 جوانب تتمثل في: تناسق السياسات، وتواصل إنشاء الطرق، وتيسير التجارة، وتداول الأموال، والتفاهم بين الشعوب. وأضافت أن المبادرة أكدت أهمية التشاور المشترك والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة لجميع البلدان، ودمجت تنمية الصين مع تنمية البلدان الأخرى في العالم، ومنحت طريق الحرير القديم دلالة جديدة في العصر الحديث.

وأشارت سعادة السفيرة الصينية إلى أنه على مدى السنوات العشرة الماضية، تعمل الصين مع شركائها على التطوير عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق"، وتحويل المبادرة من مخطط إلى واقع، خاصة فيما يتعلق بالتزامها بتعزيز بناء مرافق الطاقة والبنية التحتية، الأمر الذي عزز الترابط والتواصلات بشكل فعال وأصبح محركًا جديدًا لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتعزيز العولمة الاقتصادية.

وقالت: "حتى يناير 2023، وقعت الصين أكثر من 200 ثيقة لتعاون بشأن البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» مع 151 دولة و32 منظمة دولية، تُغطي الاستثمار والتجارة والتمويل والتكنولوجيا والمجتمع والعلوم الإنسانية ومعيشة الناس والعديد من المجالات الأخرى، وأظهر ذلك المفاهيم المتمثلة في الانفتاح والشمولية وتبادل التعلم والاستفادة والمشاركة في التشاور والبناء والتمتع لتحقيق نتائج مثمرة في بناء طريق الحرير".

وأضافت سعادتها أنَّه بين عامي 2013 و2023، ازداد حجم التجارة في السلع بين الصين ودول "الحزام والطريق" من 1.07 تريليون دولار أمريكي إلى 2.07 تريليون دولار أمريكي، ووصلت الاستثمارات المتبادلة أكثر من 270 مليار دولار أمريكي. ومضت تقول: "حتى نهاية عام 2022، لقد استثمرت الشركات الصينية 57.13 مليار دولار أمريكي في مناطق التعاون الاقتصادي والتجاري التي أنشأتها في البلدان الواقعة على طول الطريق والحزام، وخلقت 421 ألف فرصة عمل محلية، إضافة إلى تشكيل أكثر من 3000 مشروع تعاون، وتفعيل ما يقرب من تريليون دولار أمريكي من الاستثمار، الأمر الذي حقق "حلم السكك الحديدية" و"حلم الجسر" و"حلم القضاء على الفقر" للشعوب في كثير من الدول.

الحزام والطريق

وقالت السفيرة الصينية: "بالنسبة إلى الصين وسلطنة عمان، تمثل مبادرة "الحزام والطريق" طريقًا للمنفعة المتبادلة والكسب المشتركة ذات الأهمية الكبيرة، ففي مايو عام 2018، وتزامنًا مع الذكرى الأربعين لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين وسلطنة عمان، وقّع الجانبان على مذكرة تفاهم بين حكومة جمهورية الصين الشعبية وحكومة سلطنة عمان حول العمل المشترك لدفع بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.

وأضافت أنه على مدى السنوات الخمسة الماضية، وبفضل التناسق بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية "عُمان 2040"، جرى تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وحتى نهاية عام 2022، بلغت قيمة الأعمال لمشروعات المقاولات للشركات الصينية في سلطنة عمان 9.5 مليار دولار أمريكي، وبلغ حجم الاستثمارات التراكمية 3.5 مليار دولار أمريكي، أما في الفترة من يناير إلى ديسمبر عام 2022، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وعمان 40.45 مليار دولار أمريكي بزيادة سنوية وصلت إلى 25.8%. وأوضحت سعادتها أن قيمة واردات الصين من سلطنة عمان سجلت ارتفاعا نسبته 26.7% لتبلغ 36.24 مليار دولار، وبلغت قيمة عقد المشروع الذي وقعته الصين حديثًا في عمان 660 مليون دولار أمريكي، وبلغت قيمة الأعمال المنجزة 1.09 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 100.49%.

وأشارت سعادتها إلى أن الاستثمار الصيني المباشر الجديد في عمان بلغ 21.74 مليون دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 116.75%.

وذكرت سعادة السفيرة أنه منذ بداية العام الجري، وقّعت العديد من الشركات الصينية العاملة في مجالات التصنيع والتعدين والطاقة الجديدة والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، اتفاقيات لتنفيذ مشاريع استثمارية وهندسية جديدة في سلطنة عمان.

وقالت سعادتها إن الصين ستستضيف في أكتوبر المقبل منتدى "قمة التعاون الدولي الثالث" لمبادرة "الحزام والطريق"، مما يضخ زخمًا جديدًا ويبعث أملًا جديدًا للانتعاش الاقتصادي العالمي والتنمية المستدامة العالمية.

واختتمت سعادتها بالقول إن الصداقة بين عمان والصين تمر اليوم بنقطة انطلاق تاريخية جديدة وتنتظرها فرص جديدة للتنمية، مؤكدة أن الصين ستعمل مع سلطنة عمان على تعزيز الصداقة والتبادلات والتعاون بشكل متواصل في مختلف المجالات، وتعميق الصلة بين البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" ورؤية "عُمان 2040"، وهي الرؤية المستقبلية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه، مع توسيع التعاون العملي في مجالات متعددة، وبناء مجتمع المستقبل المشترك لتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب للكل والتنمية المشتركة بما لخير شعبي بلدينا بشكل أفضل.

الجلسة النقاشية.JPG
د. عبدالله السعدي.JPG
د. خالد السعيدي.JPG
حاتم الطائي (2).JPG
حاتم الطائي (1).JPG
جماعية.JPG
تشين جيانهان.JPG
الحضور.JPG
السفيرة الصينية.JPG
الجلسة النقاشية.JPG
 

تعليق عبر الفيس بوك