السيارات الكهربائية.. فرص واعدة ومستقبل "نظيف"

فايزة بنت سويلم الكلبانية

Faizaalkalbani1@gmail.com

لم يخطر ببالي أن تَخيلت نفسي مرة وراء مقود لسيارة تعمل بالكهرباء، أو أن سيارةً من هذا الطراز تعبر بجانبي على نفس الطريق، إذ كنت أعتقد ككثيرين غيري أنَّ إقناع النَّاس أساسًا بالتحول للسيارات الكهربائية رِهَانٌ يصعب الفوز به أيًّا ما كانت الامتيازات، لأجد نفسي خلال صباحات أحد أيام هذا الأسبوع، وفي طريقي إلى العمل، أستمع لنقاش هادف على إحدى إذاعاتنا المحلية، وكان الشخص المحاوَر أحد المختصين، الذي أسهب في إبراز جُملة من التسهيلات والحوافز التي اعتمدتها حكومتنا الرشيدة لتشجيع أبناء السلطنة والمقيمين على أرضها للتحول من استخدام السيارات الحالية التي تعمل بالوقود، إلى السيارات الكهربائية، وأخذ يعدِّد جُملة من الآثار الإيجابية لمثل هذه الخطوة، تلخصت في أنها ستقلل الانبعاثات الكربونية ومن ثمَّ تحافظ على النظام البيئي، كما أنها تواكب التوجهات الإستراتيجية لحُلم عمان الكبير رؤية "عُمان 2040"، التي يستهدف أحد محاورها الرئيسية الوصول لبيئة مستدامة تتقلص فيها الفجوات بين متطلبات التنمية والاستدامة البيئية.

حقيقة، كنت أعتقد أن الموضوع مجرد لقاء إعلامي كغيره، إلا أنَّ الأمر شغل حيزًا كبيرًا من التفكير، لأبدأ رحلة بحث مطولة عن هذه السيارات التي هيَّأت لها حكومتنا كل هذه التسهيلات، واستوقفني خلال رحلة بحثي مُبادرات شركات تسويق النفط في بلادنا للعمل على توفير محطات خاصة لتعبئة السيارات الكهربائية، بهدف تشجيع الشباب من رواد الأعمال لتبني وتأسيس مشاريع لمحطات كهربائية مستقبلاً، تذكرت على الفور جهود شبابنا الواعد في العمل قبل فترة ليست بالطويلة ولا القصيرة على تدشين سياراتهم الكهربائية، واستقبال أكثر من 100 طلب خلال فترة التدشين، والعمل على تطويرها، تذكرت "سيارة ميس" التي جاءت ضمن استثمارات الصندوق العماني للتكنولوجيا، وتذكرت طموح الشباب وتفاؤلهم باستمرارهم في مواصلة التصنيع والإنتاج.

حوَّلت بوصلة بحثي إلى الحوافز والتسهيلات التي وفَّرتها الحكومة للتشجيع على الإسراع في التحول للمركبات الكهربائية، والتي شملتْ إعفاء السيارات الكهربائية بنسبة 100% من الضريبة الجمركية ومن رسوم التسجيل، إضافة لتحديد نسبة ضريبة القيمة المضافة للسيارات الكهربائية، وقطع الغيار الخاصة بها إلى 0%، مع ضمان تطبيق هذه الحوافز لمدة 3 سنوات قابلة للتمديد. ووجدت أنَّ مجلس الدولة يناقش حاليا دراسة "السيارات الكهربائية بين التكيف والمواكبة"، وأنَّ هيئة تنظيم الخدمات العامة أصدرت بالفعل لائحة تنظيم نشاط شحن المركبات الكهربائية، ضمن اعتماد الإطار التنظيمي لأنشطة شحن المركبات الكهربائية والمتطلبات الفنية لربط محطات وأجهزة الشحن بالشبكة.

ومع هذا الزخم في الجهود، وما سيطر عليَّ من بَهجة بأننا وضعنا قدمًا على مسار جديد لمواكبة التوجهات العالمية في الاستثمار بالطاقة البديلة، استوقفتني بعض النقاط خلال ما دار من نقاشات بيني وبين زملاء وأصحاب تجارب حية مع السيارات الكهربائية، أردتُ توضيحها خلال هذه السطور:

أولها: وكما سبق وأشرت، ابتكار أفكار جديدة لتكثيف التوعية بثقافة التحول لاستخدام السيارات الكهربائية عِوضًا عن الحالية، والتعريف بكونها سهلة الاستخدام وأقل تكلفة في الصيانة أو الشحن.

ثانيا: تفنيد مخاوف البعض من أنَّ التحدي الحالي يكمُن في سعر السيارة الكهربائية الباهظ، وذلك من خلال بيان أنه إذا ما أخذنا في الحسبان ما تحتاجه السيارات الحالية من بترول وصيانة دورية وأي أعطال أخرى، سنجدها تتجاوز سعر السيارة الكهربائية قليلة المتطلبات، والتي تسمى اليوم بـ"السيارات صديقة البيئة".

ثالثاً: التوسُّع إعلاميًّا في التعريف بامتيازات سوق السيارات الكهربائية على مستوى صناعة الفرص أمام أصحاب العمل الحر؛ وذلك من ناحية أنه سيفتح أبوابا وآفاقا رحبه أمام الشباب العماني ورواد الأعمال للسعي لتملك وتأسيس محطات شحن كهربائية على امتداد طرق السلطنة بمختلف محافظاتها، وهو بالفعل ما أعلنته وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بتوزيع عدد من محطات شحن السيارات الكهربائية، والتي من المتوقع أن تُغطِّي 90 موقعاً بمختلف محافظات السلطنة؛ منها: 48 محطة في محافظة مسقط وحدها مُوزَّعة على الطرق السريعة وبعض الأماكن العامة.

... إنَّ التجارب العالمية المختلفة في تبني فكرة التحول نحو السيارات الكهربائية مُبشرة، ويُمكن البناء عليها هنا في سلطنة عُمان، ليس فقط على مستوى قيادتها والتحول لاستخدامها، بل وحتى على مستوى تصنيعها، ولنا في تجربة "تسلا" خير نموذج، حيث تعتمد "تسلا" على الطلب المباشر من المشتري إلكترونيا، وبعدما تكون السيارة جاهزة تصل المستخدم مباشرة دون الحاجة لوجود وكلاء بأي دولة، كما تعدُّ الصين منافسًا قويًّا في تصنيع هذا النوع من السيارات والجميل أنها تسعى للوصول إلى نسبة 40% من إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية.

وأختم بالعودة للقاء الإذاعي الذي فجَّر الشغف بداخلي لكتابة هذه السطور، حيث ذكر الضيف أنَّ السلطنة تستهدف الوصول لنسبة 35% للسيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات بالسلطنة بحلول 2030م، قد يظن البعض أنها نسبة متفائلة جدًّا، وأقول: لمِ لا؟