اسقطوا الجدران

 

سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

بهذا العنوان كان صديقي يتحدث عن غياب المتعة في الطريق الممتد من مسقط إلى صحار وشناص شمالا، الأمر في أغلبه طلب يرجو تحققه في القريب، وسببه مقدار التلوث البصري الذي يعتمل على هذا الطريق جراء الجدران المتهالكة للمزارع المنتشرة عليه، أما الطلب فهو إسقاط الجدران وترك الطبيعة تمخر في عقولنا وقلوبنا ولنسمح بخروج الجمال من بين جنباتها.

هناك بعض الآراء التي تحتاج إلى وقفة وتفكر بين مرحلة وأخرى، الرأي حول تشييد جدران المزارع جاء بعد التلوث البصري أيضًا؛ حيث المزارع محاطة بمواد غير ثابتة، متمايلة ومتساقطة وقديمة وتسييج غير متجانس أو متناسق، أما الآن وبعد مرور سنوات على هذه التجربة أرجو الوقوف على الأمر، وكما نراه في السابق نراه الآن أيضًا، جدران متهالكة، أكلتها الرطوبة، وفتتها الزمن، وتساقط بعضها وتغير لونها، أصبح المنظر مزعجاً للعين والقلب فعلًا.

الرأي قيام أصحاب المزارع المقابلة أو التي تقع على الشارع العام من الجانبين بتسييجها وفقًا لشروط معينة تسمح بتخلل الأنظار لها، وبحيث يكون هذا السياج من الأنواع القوية الثابتة وأن تتمتع المزارع بطول هذا الطريق وغيره بالحماية الكافية.

وعادة ما تتمتع الطرق الطويلة في بلدان العالم بامتدادات خضرية كبيرة تعكس جمال المكان وحيويته وتنعش النفس؛ بل ورغبة سائق المركبة في ولوجه مرات ومرات براحة نفسية ودون تذمر أو سخط.

المطلب ليس غريبًا؛ بل رغبة في تعزيز التوجه السياحي للبلاد من خلال مشاريعها الكبيرة على معظم محافظات السلطنة، ولأن طريق "مسقط- الباطنة" من الطرق الطويلة التي تحتوي على مزارع ذات مستوى متفاوت، فإن تشجيع أصحاب المزارع على هذا التوجه ربما يؤدي لاهتمام أكبر بها يساهم في تعزيز المسار بإنشاء مزارع نموذجية قد تكون وجهة سياحية ثرية.

هذا الطريق لا ينقصه سوى بعض الاهتمام يسوقه رغبة صادقة من أصحاب المزارع، ويدعمه التوجه الحكومي، وبعض الضوابط التي تحد من التشوه البصري وإظهار جمال المكان ونضارته وروعته، الجمال في طرق بناء المزارع، وتنسيقها وريّها، وفي أنواع الزراعات بمواسمها المختلفة، وفي البيوت المحمية، وفي الحيوية والحركة الدؤوبة، بعامليها وسيارات التسويق المختلفة التي تمخر المكان روحة وجيئة، تقدم هذه المشاهدات لسائق الطريق وأبنائه في مركبته دروسا وعِبَرَ لا تقدمها المراكز التعليمية المختلفة.

وهنا دعوة لإسقاط الجدران، جدران المزارع المواجهة للشوارع العامة، وطريق مسقط صحار إلى ولاية شناص خصوصا لما يتمتع به هذا الطريق من وجود مزارع على جانبيه تبهر الأنظار وتعطي انطباعًا جميلًا يتخلله شوق للمكان وربما مزارا سياحيا على المدى الطويل.

اسقطوا الجدران عيشوا

خلفها وجها جديدا

واستظلوا زرعها

عمرا مديدا

واستغلوا ماءها وريحها؛

فالحب مزروعٌ هناك

ثم عشبٌ، فنخيل

ثم أيْدٌ حيةٌ،

ثم كدْحٌ وحراك

منظر مواسم الحصاد ينتشلنا من الأجساد الثقيلة التي نحملها في مكيفات التبريد، والحركة غير المطواعة تحت أشعة الشمس الحارقة، والظروف النفسية المؤلمة في مشاهدة الجدران الصامتة والمشوهة، يشعرنا هذا المنظر بجمال الصيف ونشاطه، يجعله جمالا صرفا وأيقونة جماله هي هذه المزارع التي تذكرنا بماضي الأجداد وتحثنا على العمل والمثابرة، وتسقط النظرة التي تحصر الصيف في حرارته الشديدة؛ فتلبّستنا، لذا نطلب الفرار إلى أماكن أخرى أكثر مواءمة وحبًا.

الدروس التي سوف نخرج بها من خلال بعض الاهتمام وبعض الضوابط كبيرة جدًا، بل لا تحصى على الفرد بجميع مراحله، وعلى المجتمع؛ بل على عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك