أكد أهمية إدخال الوثائق في المناهج الدراسية لتعزيز الانتماء الوطني

الضوياني لـ"الرؤية": "هيئة الوثائق" تحمل على عاتقها مسؤولية التعريف بالتاريخ العُماني.. ونُشجع المواطنين على تسجيل الوثائق

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ نعكف على ترجمة ملايين الأرشيفات الدولية بالتعاون مع مؤسسات عالمية

◄ المؤتمرات والمعارض الوثائقية تحفّز المواطنين على تسجيل الوثائق

◄ الندوات من أفضل الوسائل لإبراز تاريخ وحضارة المحافظات والولايات

◄ إقبال واسع من المواطنين على تسجيل الوثائق التاريخية لحفظ الذاكرة الوطنية

◄ مواقع تراثية متعددة تبرهن مكانة الحضور العُماني في شرق أفريقيا

◄ نعتزم التوقيع على عقد تحسين وترميم المقبرة السلطانية في زنجبار

◄ إقامة معرض وثائقي عن تاريخ سلاطين عُمان في زنجبار

◄ "متحف متكامل" في زنجبار للاحتفاء بالتاريخ العُماني

◄ اعتماد نظام إدارة الوثائق لـ35 شركة حكومية

◄ تنظيم ندوات ومعارض وثائقية ومسابقات طلابية خلال الصيف

◄ أكثر من 37 نوعًا من الإصدارات بعضها يزيد عن 4 أجزاء

◄ التعاون مع "وثيقة وطن" السورية يحقق منافع متبادلة للبلدين

الرؤية- مدرين المكتومية

أكد سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أن الهيئة تبذل جهودًا كبيرة محليًا ودوليًا في مجال حفظ وتصنيف الوثائق، وإبراز الدور الحضاري لمحافظات وولايات سلطنة عمان ، وذلك من خلال الندوات والمعارض ومذكرات التعاون، بهدف تسليط الضوء على التاريخ والحضارة العمانية على مر العصور.

وقال الضوياني- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن الهيئة تعتزم التوقيع على عقد لتحسين وترميم المقبرة السلطانية في زنجبار إلى جانب إقامة معرض وثائقي عن تاريخ سلاطين عمان في زنجبار، ليكون متحفا متكاملا احتفاء بالتاريخ العماني في هذه المنطقة، بالإضافة إلى مذكرات تعاون مع دول أخرى أفريقية وأوروبية.

وإلى نص الحوار:

 

عقدت مؤخرا ندوة "جنوب الشرقية في التاريخ العُماني".. ما أهمية مثل هذه الندوات؟

تكمن أهمية هذه الندوات في أنها تأتي ضمن برامج وخطط هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، لإبراز الجوانب التاريخية والحضارية بالمحافظات العمانية على مدار الحقب التاريخية المختلفة، إذ إن محافظات السلطنة وولاياتها يمتد تاريخها لقرون عديدة، وبالتالي تفتقد هذه المحافظات إلى تسليط الضوء على هذه الجوانب.

وفي الهيئة، نعمل على إعادة صياغة متكاملة لتاريخ هذه المحافظات وإبرازها، ولذلك فإن تنظيم ندوات على المستوى الداخلي هو أفضل وسيلة لتحقيق هذا الهدف، للحديث عن كل ما يتعلق بتاريخ الولايات أو المحافظات، بدءا من عصور ما قبل الميلاد والعصور المختلفة الأخرى ووصولا إلى عصرنا الحاضر ونهضة عمان المتجددة، ونعتقد أن هذا التوجه هو الأنسب لأنه يقودنا إلى اهتمام الباحثين وتعمقهم في بحث ودراسة تاريخ هذه المحافظات وولاياتها، إذ ثبت ذلك من خلال ما عقدناه من ندوات مثل: "مسندم في ذاكرة التاريخ العماني"، "محافظة الظاهرة في التاريخ العماني"، و"جنوب الشرقية في التاريخ العُماني".

وفي ندوة جنوب الشرقية، تم تقديم 27 ورقة عمل والتي تناولت تاريخ المنطقة الممتد لقرون عديدة، بالإضافة إلى ما تمَّ ذكره من مصادر تاريخية تشكل جانبا مهما من تاريخ المحافظة المكتوب وما تم توثيقه بخصوص التنقيبات الأثرية والبعثات الأثرية ولمحات عن التاريخ القديم والمعاصر، بالإضافة إلى استعراض المخطوطات والوثائق التي تتوفر لدى الهيئة ولدى بعض المواطنين.

إننا نعتقد أنه في ظل توفر كل هذه الأبحاث والوثائق والمصادر التاريخية، وما تبذله الهيئة من جهود مثل إقامة الندوات، سيكون له الأثر المستقبلي ليصبح لدينا تاريخ على مستوى المحافظات والولايات لتعتز كل محافظة بتاريخها، ولقد لاحظنا حرصا كبيرا من قبل المواطنين والباحثين على حضور الندوات للاطلاع على الجوانب الحضارية والتاريخية، بالإضافة إلى حضور المعارض التي تقيمها الهيئة.

وماذا عن الوثائق التاريخية التي يمتلكها المواطنون؟

نعمل على رفع الوعي بأهمية تسجيل الوثائق التي يمتلكها المواطنون، ونقيم المعارض لعرض هذه الوثائق، وفي المعرض الأخير ركزنا على إبراز وثائق المواطنين لخلق نوع من المنافسة لتسجيل الوثائق لدى الهيئة وتحفيزهم على القيام بذلك، الأمر الذي انعكس إيجابًا على مدى إقبال المواطنين على هذا الأمر.

وأذكر مثلا قيام امرأة بتسجيل مجموعة كبيرة من المخطوطات والوثائق لدى الهيئة، وأوصت بها بعد وفاتها أن تعود للهيئة، وقمنا بعرض سيرتها الذاتية ونماذج من الوثائق القيمة في صناديق عرض، وفي محافظة أخرى عرضنا نموذجا من نماذج الهبة، بعد أن قام عدد كبير بتسليم وثائقهم الأصلية ومخطوطاتهم للهيئة، ولقد زاد شعور المواطنين في السنوات الأخيرة بأهمية دور الهيئة في حفظ الذاكرة الوطنية، وهذا نابع من مدى إدراك ووعي أبناء الوطن وأهمية تسجيل وثائق العائلات والأسر لأنها تشكل ذاكرة الأمة.

وتتعزز هذه المفاهيم من خلال المناهج الدراسية والكتب الجامعية والحلقات التعليمية، والتي تساهم في غرس مفاهيم الوطنية والانتماء للوطن، وفي نفس الوقت تشكل الوثائق جانبا مهما يمكن إدخاله في المناهج الدارسية باعتبارها واحدة من الأمور التي تسهم في تعزيز الانتماء والوطنية.

هل المواطنون هم المصدر الوحيد لوثائق الهيئة؟

لا، الهيئة تصلها الوثائق من مصادر متنوعة، فبجانب الحصول على الوثائق من المواطنين تصل الهيئة عدة وثائق من مؤسسات الدولة مثل الوزارات، لأن الهيئة هي من تحفظ إنجازات الوزارات وهيئات الدولة، وهي وثائق مرتبطة بمجالات متنوعة مثل المجال الصحي والمجال الاجتماعي والسياسي والسياحي وغير ذلك من المجالات، فكل هذه الوثائق تؤول في النهاية إلى الهيئة كذاكرة وطنية وإنجازات يتم حفظها.

وهذه الوثائق والمحفوظات تفيد الباحثين في أبحاثهم عبر الاطلاع على ما يحتاجونه في مجال تخصصهم، فتجد بعضها يتحدث عن مُبايعة اقتصادية، وأخرى عن جانب تجاري، ووثيقة تتحدث عن إعفاء في العشور والضرائب، وغير ذلك من الأمور.

 ما المحطات المقبلة لندوات الهيئة وخططها المستقبلية؟

كان من المفترض عقد مؤتمر خارجي في البحرين خلال شهر مايو الماضي، لكن تم تأجيله إلى أكتوبر أو نوفمبر المقبل، وذلك حول العلاقات العمانية البحرينية، كما سيتم إقامة معرض وثائق مصاحب  أيضا.

ومحليا، سيتم استكمال مسار إقامة الندوات والمعارض الوثائقية والمسابقات الطلابية خلال فترة الصيف، وأود الإشارة إلى أن برامجنا تلامس الطلاب والباحثين والمفكرين وكل من يرغب في التعرف على تاريخنا الوطني، وسيكون لدينا نشاطات متنوعة في محافظات وولايات أخرى في السنة المقبلة، خاصة وأن هذه الندوات تحتاج إلى تخطيط وعمل دؤوب، لأننا نعمل على تقديم قراءات متكاملة من خلال الورقات البحثية وحتى المقاطع الفيلمية المعروضة.

أصدرت الهيئة مؤخرا 4 إصدارات جديدة.. كم يبلغ عدد الإصدارات منذ تأسيس الهيئة؟

لدينا أكثر من 37 نوعًا من الإصدارات، وهناك إصدارات تتكون من 3 أو 4 أجزاء، ولو تحدثنا عن الإمبراطورية العمانية مثلا سيكون لدينا ما يقرب من 5 إلى 6  إصدارات، ونحن اليوم نعمل على الجزء الثالث، ولدينا إصدارات عن نتائج المؤتمرات.

وفي الوقت الحالي قمنا بالتركيز على إبراز العلاقات الدولية وإبراز قيمة الوثائق في علاقاتنا مع بعض الدول، مثل العلاقات مع الدولة العثمانية والتي بدأت منذ عام 1552، إذ بدأت على شكل دعم عسكري متبادل، ثم علاقات وطيدة بين السلاطين وتبادل الزيارات بين حكام عمان والدولة العثمانية، وزيارات بين الوزراء، وتقديم دعم لوجستي في بحر عُمان ومنطقة الخليج وشرق أفريقيا بعد الامتداد العماني لشرق أفريقيا.

هذه العلاقات تضمنت تبادل الأوسمة والهدايا ورسائل الوقود، كل ذلك عبارة عن وثائق تمت ترجمتها وتلخيصها إلى اللغة العربية والتركية الحالية ثم إلى الإنجليزية، وفي الجزء الرابع من الإصدارات بدأنا في العلاقات العمانية التركية في الفترة ما بعد ظهور الجمهورية التركية، والذي تضمن بدء التمثيل القنصلي ثم الدبلوماسي وأيضًا الاتفاقيات والبرتوكولات.

ومن المقرر أن يكون هناك إصدار خامس سيضاف إلى هذه الإصدارات، وسيكون عن العلاقات العمانية التركية من منظور الأرشيف الدبلوماسي، والذي يركز على وثائق الخارجية والوثائق بين الرؤساء الأتراك المتعاقبين وسلاطين عمان، وخاصة الرسائل في عهد السلطان قابوس- طيب الله ثراه- فهناك الكثير من بطاقات التهنئة والمراسلات.

والشيء المميز في الجزء الرابع أننا أوردنا وثيقة عبارة عن التحاق صاحب السمو السيد طارق بن تيمور بدراسته في إحدى المدارس بتركيا بمنطقة الأناضول، وورد في هذا البيان متى ولد وكم سنة مكث في المدرسة ومتى تخرج فيها، ثم نتائجه وشهادته ووالدته وغيرها من الجوانب.

وهذه العلاقة الممتدة بين عمان وتركيا، قد باركها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- فلقد تشرفنا بكلمة من جلالته وهذه الكلمة أعدت باللغة العربية وترجمت إلى اللغة الإنجليزية، ومن ثم إلى التركية، وكلمة أخرى مماثلة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وستتناول مدخلا حول هذه العلاقات كقراءة لهذه العلاقات.

حدثنا عن علاقات الهيئة بالجهات المُماثلة في الدول الأخرى ومدى التعاون المشترك؟

لدينا ارتباطات بأكثر من 20 أرشيفًا دوليًا عبر مذكرات تفاهم، بالإضافة إلى دورنا في المجلس الدولي للأرشيف- الفرع الإقليمي العربي للأرشيف- وأيضا علاقاتنا مع مراكز الوثائق في الأمانة العامة لمراكز وثائق لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، الأمر الذي يعزز إمكانية الحصول على الوثائق الخاصة التي تخص العديد من الدول.

ونستطيع القول إن لدينا الملايين من الأرشيفات الدولية من الوثائق التي شرعنا في ترجمتها الآن من الروسية إلى العربية ومن الألمانية والهندية والباكستانية والمصرية والبرازيلية والبرتغالية وأيضا من دول شرق أفريقيا.

كل هذه الوثائق لها أهمية تاريخية كبيرة، بالإضافة إلى الوثائق الفرنسية والأوروبية التي نعمل على ترجمتها لتكون في متناول الباحثين والدارسين.

ومن الأمثلة على التعاون مع المؤسسات المختلفة، تعاوننا مع موريتانيا في مجال تقديم الخبرات وإعداد خطط تدريب لخلق كوادر في مجال الوثائق والمختبرات وأيضًا في مجال الترميم، وبالنسبة لسوريا هناك مؤسسة "وثيقة وطن" والتي ترأس مجلس الأمناء معالي الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية؛ إذ نعمل على تعزيز الاستفادة المتبادلة في توثيق كثير من القضايا في سوريا والأحداث المختلفة وآثار الحروب، وكل هذا يأتي في ظل ما تمتلكه عمان من تجارب مميزة في التوثيق يشهد له الجميع.

ولقد ناقشنا مع الأشقاء في سوريا موضوع عقد مؤتمر وندوات، وقدمنا رؤية كاملة عن توجهات الهيئة في مختلف المستويات، وبالفعل أقمنا ندوة في جامعة دمشق وامتلأ المسرح عن آخره بالباحثين والأكاديميين والطلاب، وكان لنا لقاء مع الاتحاد العربي للكتاب، وتحدثنا عن أهمية الوثائق الأدبية والسير الذاتية للأدباء وتاريخهم وإنتاجهم الأدبي، بالإضافة إلى لقاء في "مكتبة الأسد" وكانت الزيارة شاملة، ونحن مقبلون على تعاون مهم مع سوريا في المستقبل.

لسلطنة عُمان دور تاريخي في شرق أفريقيا.. ما ملامح هذا التعاون وآثاره المتحققة؟

لدينا 3 مواقع تراثية في كينيا، كان آخرها موقع في لاموا، وتم ترميم وتحسين وتطوير أحد القصور الذي كان مقرا للوالي ويعود لعام 1892 في عهد السلطان علي بن سعيد؛ إذ تحكي هذه المواقع تاريخ عمان في تلك المنطقة، كما قمنا بتخصيص قاعة كبيرة حول التاريخ البحري وأنماط السفن التي كانت تبحر إلى شرق أفريقيا، ثم صنعنا السفينة سلطانة، إضافة إلى متحف مشترك عن جانب الساحل الإفريقي ودور العمانيين في نشر الإسلام، وقمنا بعمل تدريب للشركاء في كينيا حول استنساخ الوثائق.

وبالنسبة لزنجبار، فنحن بصدد توقيع عقد لتحسين وترميم المقبرة السلطانية وإقامة معرض وثائقي عن تاريخ السلاطين واستنساخ وثائق، وخلال الشهر الجاري سيتم توقيع اتفاقية للبدء في تنفيذ هذا التعاون، الأمر الذي سيكون له الأثر الكبير لأنه سيكون متحفاً متكاملاً.

ومن بين الجهود المبذولة في شرق أفريقيا، ما عقدناه من ندوات ومؤتمرات في جزر القمر وبروندي، وهناك حراك مهم في هذه المنطقة ومع الدول الأوروبية من خلال مشاركاتنا في المؤتمرات الدولية وتنظيم زيارات متبادلة.

ما عدد الجهات التي تتعاون معها الهيئة في نظام تصنيف الوثائق؟

في مجال إدارة وحفظ الوثائق أنجزنا تقريبًا كل وزارات الدولة، ولم يبق سوى إعادة ترتيب بعض الأمور بعد عملية الدمج والهيكلة لبعض الجهات، كما أننا قطعنا شوطا كبيرا فيما يتعلق بإدارة وثائق الشركات الحكومية؛ إذ وصل العدد حتى الآن 35 شركة حكومية تم اعتماد نظام إدارة وثائقها.

تعليق عبر الفيس بوك