المعولي يرعى ختام ندوة "الوثائق والمحفوظات"

جنوب الشرقية على مر العصور.. تاريخ مؤثر وشواهد حضارية منذ آلاف السنين

النبهاني: صور تعد مركزا حضاريا قديما وحديثا

المعمرية: تميزت صور بتاريخ بحري عريق جعلها محط أنظار القوى الكبرى عبر التاريخ

شلبي: جنوب الشرقية لعبت دورا مهما في تجارة الكويت البحرية

العذوبية: جزيرة مصيرة كانت محطة لتقديم التسهيلات للطيران البريطاني والأمريكي

البكري: الاستيطان البشري يمتد في المحافظة لأكثر من 10 آلاف سنة

صور- الرؤية

تختتم اليوم أعمال ندوة "محافظة الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني"، تحت رعاية سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي محافظ جنوب الشرقية، والتي سلطت الضوء على التاريخ الحضاري العماني بشكل عام وتاريخ وحضارة محافظة جنوب الشرقية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعبر الحقب التاريخية المختلفة.

وضمن أعمال اليوم الثاني، ترأس الدكتور موسى البراشدي الجلسة الأولى، والتي شهدت تقديم ورقة "صور.. المدينة والميناء في كتب الرحَّالة والمستكشفين والتقارير الأجنبية" للدكتور سالم النبهاني من وزارة التربية والتعليم،  موضحا أن مدينة صور هي مركز ساحل الشرقية في حده الجنوبي، وتعتبر مركزا حضاريا قديما وحديثا، وارتبطت شهرتها القديمة بالبحر والرحلات التجارية بين الموانئ العُمانية والموانئ المرتبطة بالمحيط الهندي، مضيفا"العديد من الرحَّالة قصد ميدنة صور بالزيارة أو كان عابرا ليسطر مشاهداته وانطباعاته عن المدينة وسكانها ونشاطهم التجاري، ومن خلال هذا تكمن أهمية هذا الدراسة، فعبر قراءة ما كتبه الأجانب عن مدينة صور يمكننا رسم صورة واضحة عن المدينة التي تعد مركزا تجاريا هاما على بحر العرب، وتهدف الدراسة إلى تبيان أهمية ميناء صور من الناحية الاقتصادية من خلال وجهات نظر الرحالة، وتتبع الأهمية التاريخية لمدينة صور من خلال الكتابات الأجنبية، والتعرف على مدينة صور من خلال الكتابات والتقارير الأجنبية من الناحية الحضارية والعلاقات الخارجية والتواصل الحضاري".

وجاءت ورقة العمل الثانية بعنوان: "ميناء صور في الوثائق والسرديات الروسية للفترة من 1880م – 1910م" للدكتور ضرار محمد فضل المولى وقدمها بالإنابة عنه أحمد الشبلي، الذي بين أن: "منطقة الخليج العربي تحتل موقعا بارزا ومهما في تاريخ العلاقات التجارية بين روسيا والمنطقة، حيث جاء الاهتمام الروسي المبكر بالمنطقة وبموانئ الساحل العُماني وعلى وجه الخصوص ميناء صور".

وتناولت الورقة الاهتمام الروسي بمنطقة الخليج وأهمية الموانئ العُمانية لروسيا، وما مثلته موانئ عُمان وخاصة ميناء صور من أهمية لروسيا، بالإضافة إلى توصيف طبيعة الموانئ العُمانية وما يتضمه كل ميناء من سفن والجهات التي يتصل بها خارجيا والمناطق التي يخدمها داخليا وأهم البضائع التي تمر عبره.

 كما كشفت الورقة البحثية أن الموانئ العُمانية كانت بمثابة الوريد الذي تتغذى عليه مناطق الداخل، سواء باستيراد بضائع العالم الخارجي أو تصدير المنتجات الداخلية، كما أن الرسوم الجمركية من الموانئ كانت مورد الدخل الرئيسي لإمامة عُمان، لافتة إلى الأهمية الجيوسياسية للموانئ العُمانية والتي عبرت عنها الوثائق والسرديات الروسية في الرحلات البحرية التجارية التي جرت ونفذها الأسطول البحري الروسي بين موانئ روسيا وميناء بندر الجصة وميناء صور.

وفي ورقة العمل "النشاط التجاري لمدينة صور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر" للدكتور  بدوي رياض عبد السميع، والتي قدمها بالإنابة عنه الدكتور فيصل طه حافظ، تم تسليط الضوء على الأنشطة التجارية لمدينة صور خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ميلادي، ودور نواخذة وبحارة صور في هذا النشاط البحري، بالإضافة إلى دورها في حملات الحج اعتمادًا على المادة الوثائقية المستقاة من سجلات عُمان Records of Oman   1867-1947م، والتي قدمت وصفًا دقيقًا لأحوال صور أواخر القرن التاسع عشر ميلادي، بالإضافة إلى كتابات الرحَّالة الذين زاروا المدينة في ذلك القرن وسجلوا مشاهداتهم عن أحوالها.

أما ورقة العمل "الاضطرابات بصور فترة حكم السلطان فيصل بن تركي من خلال وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي"، للدكتور محمد بن عبد المومن محمد، فقد عالجت حلقة من حلقات التاريخ الحديث لعُمان، وبالأخص لبعض الأحداث السياسية التي عرفتها صور زمن حكم السلطان فيصل بن تركي (1888-1913م)، من خلال وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي المحفوظة اليوم بمركز "لاكورناف- La Courneuve" بباريس، والتي وردت في شكل تقارير وبرقيات موجهة من طرف قناصل فرنسا بمسقط لوزراء الشؤون الخارجية الفرنسية مع نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين.

وهدفت الدراسة إلى تقديم وعرض وثائق أرشيفية دبلوماسية فرنسية تطرقت لأحداث الاضطرابات التي عرفتها صور، والكشف من خلال هذه الوثائق الأرشيفية عن طبيعة علاقة شيوخ صور فيما بينهم وتجاه السلطان ومواقفهم من فرنسا وبريطانيا، إلى جانب التطرق للدور الفرنسي والبريطاني من الأحداث التي عرفها سكان صور، إذ اعتمد الباحث على نماذج من وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي.

وتتبعت ورقة العمل"النشاط التجاري في مدينة صور خلال النصف الأول من القرن 20م" للدكتور سليمان بن عمير المحذوري، النشاط التجاري في مدينة صور خلال النصف الأول من القرن العشرين، ومدى تأثره بالظروف السياسية والاقتصادية العالمية، وبيان أهم السلع سواء الصادرات أو الواردات، والطرق التجارية التي اتبعتها السفن في رحلاتها الطويلة، إضافة إلى معرفة الموانئ التي وصلت إليها السفن الصورية وأنواع السفن المستخدمة في تلك الفترة.

وقدمت الدكتورة هيفاء بنت أحمد المعمرية ورقة عمل بعنوان "صور العُمانية في التقارير والسجلات البريطانية: تقرير الوكيل السياسي ج.ب. ميرفي عام 1929م نموذجا"، موضحة أن مدينة صور العُمانية تميزت منذ القدم بتاريخها البحري العريق الذي جعل منها محط أنظار القوى الكبرى لاسيما بريطانيا باعتبارها أحد الموانئ البحرية المهمة التي لعبت دورا حيويا في المبادلات التجارية بين عُمان وشرق أفريقيا والهند والبصرة، وكانت مركزا مهما لصناعة السفن العُمانية، وعليه كان لها سرد وتفصيل في السجلات والتقارير البريطانية التي كانت ترصد كل الأحداث في منطقة الخليج العربي.

وهدفت هذه الورقة إلى تتبع ورصد ذكر مدينة صور العُمانية في التقارير والسجلات البريطانية سواء السياسية أو الاقتصادية أو سير الشخصيات الصورية العُمانية، بالإضافة إلى التعمق في دراسة نموذج من تلك التقارير متمثلاً في تقرير الوكيل السياسي ميرفي عام 1929م لأهميته في سرد الأوضاع الجغرافية والسياسية والاقتصادية لصور خلال العقد الثالث من القرن العشرين، إلى جانب شموليته لعدد من المصطلحات السياسية والعسكرية المهمة.

وترأس الجلسة الثانية الدكتور عبدالواحد النبوي عبدالواحد، وقدم فيها الدكتور ناصر بن سعيد العتيقي ورقة بعنوان "التعاملات التجارية بين عُمان وشرق أفريقيا: مخطوطة دفتر حسابات محمد المديلوي وصالح العتيقي أنموذجاً (1350- 1361هـ/ 1932- 1942م)، بهدف التعريف بالمخطوطة المذكورة، وتتبع التعاملات التجارية التي جرت بين عُمان وشرق أفريقيا وتحليلها، لتوضيح تأثير الوجود التجاري العُماني في شرق أفريقيا.

وتأتي أهمية هذه الدراسة من الناحية التاريخية الاقتصادية كونها تستند على مخطوطة أصلية تعتبر مصدر يوضح وجود وكالات تجارية عُمانية في داخل شرق أفريقيا، عملت في الاستيراد والتصدير للبضائع المختلفة بين عُمان وشرق أفريقيا وغيرها من البلدان في الفترة 1932- 1942م وهذه الوكالة التجارية أنموذجا لهذا الوجود التجاري العُماني.

وقدم الدكتور حسام السيد شلبي ورقة عمل "علاقة محافظة جنوب الشرقية بسلطنة عُمان مع دولة الكويت خلال النصف الأول من القرن العشرين" إذ لعبت صور دورًا مهمًا في تجارة الكويت البحرية، وقد أسهم ذلك في تعزيز التعاون التجاري بين المحافظة ودولة الكويت خلال النصف الأول من القرن العشرين، واتضح ذلك جليا في الوثائق الأهلية الكويتية.

وهدفت الدراسة إلى التعرف على دور محافظة جنوب الشرقية في تعزيز التعاون التجاري بين سلطنة عُمان ودولة الكويت، وإظهار الدور الحيوي لصور في تجارة الكويت البحرية، بالإضافة إلى توضيح دور تجار ونواخذة الكويت وصور في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولة الكويت وسلطنة عُمان.

واستعرضت الدكتورة بهية بنت سعيد العذوبية في ورقة "جزيرة مصيرة وتأثيرها الجيوستراتيجي في أربعينيات القرن العشرين"،موقع جزيرة مصيرة التي تعد جزيرة من أكبر الجزر التي تطل على بحر العرب، مضيفة: "وجهت القوى الاستعمارية أنظارها إلى الجزيرة بسبب موقعها الاستراتيجي ومميزاتها الطبيعية، وبالتالي لعبت دوراً استراتيجياً مهماً في فترة ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين كمحطة قدمت تسهيلات عديدة للطيران البريطاني والأمريكي في أربعينيات القرن العشرين".

كما تطرقت الدراسة لأهمية جزيرة مصيرة من الناحية الجغرافية والاستراتيجية أثناء الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى الاتفاقيات التي وقعها السلطان سعيد بن تيمور للاستفادة من خدمات الجزيرة.

وتضمنت ورقة العمل "تاريخ البحث الأثري في محافظة جنوب الشرقية وأبرز المواقع الأثرية المكتشفة"، والتي قدمها سلطان بن سيف البكري مستشار وزير التراث والسياحة، أن محافظة جنوب الشرقية من أكثر المحافظات التي حظيت بمسوحات وتنقيبات أثرية، حيث تعود هذه الدراسات إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي حتى الوقت الحاضر، كما أنها كانت محل اهتمام كبير من قبل علماء الآثار والأنثروبولوجيا لكون المحافظة تضم عددا كبيرا من المواقع الأثرية التي يمتد الاستيطان البشري فيها لأكثر من 10 آلاف عام، إذ كشفت الدراسات الأثرية وجود مستوطنات تعود للعصر الحجري الحديث في منطقة السويح والخبة، حيث اعتمدت حياة سكانها على صيد الأسماك في مياه الأخوار التي تنمو بها أشجار القرم وتكثر بها الأسماكـ، كما أنه مع بداية العصر البرونزي شهدت المناطق الساحلية نقلة ثقافية واقتصادية كبيرة ناتجة عن التجارة مع الحضارات والدول المجاورة كبلاد السند ودلمون وبلاد فارس وبلاد الرافدين.

وبينت الدراسة أن هذا يرجع إلى اكتشاف النحاس في عُمان وحاجة هذه الدول وبخاصة حضارات ما بين النهرين لهذا المعدن، وبدأ يبرز اسم مجان في الكتابات المسمارية الأكادية في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد كمورد أساسي لمعدن النحاس، وأن من أبرز الموانئ الساحلية من هذه الحقبة هي رأس الجنز ورأس الحد، كما استمرت هذه التجارة مزدهرة حتى نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد، ونشطت التجارة في محافظة جنوب الشرقية مجددا في العصر الاسلامي وبلغت أوجها في القرون الوسطى وتحديدا في القرن الثالث عشر الميلادي، حيث برزت مدينة قلهات كميناء تجاري ارتبط مع بلاد الهند واليمن وفارس ودول جنوب شرق آسيا وكانت تجارة الخيول من أبرز ما كان يصدر من هذه المدينة. 

أما الدكتور زكريا طعمه فقد تناولت ورقته "التحصينات الدفاعية بمدينة صور: العمارة والتأهيل" أشهر القلاع والحصون والأبراج والأسوار المنتشرة في كافة مناطق المحافظة، والتي تعد شاهدا حيّا على الرقي الحضاري الذي وصلت إليه خلال مختلف العصور التاريخية، موضحا: "تمثل القلاع والحصون العُمانية المنتشرة في مختلف مناطق وولايات السلطنة براعة فن وهندسة البناء العُمانية وتفاعلها التام مع احتياجات الإنسان العُماني، كما أن محافظة جنوب الشرقية كغيرها من محافظات سلطنة عُمان غنية بهذه المعالم التاريخية".

وركز البحث على دراسة حصون "العيجة، بلاد صور، رأس الحد والسنيسلة" وجميعها في ولاية صور، وهدفت إلى التعريف بمباني الحصون التراثية في محافظة جنوب الشرقية من حيث أنواعها وأشكالها ووصف وتحليل عناصرها المعمارية ومواد البناء المستخدمة.

وقدمت وضحه بنت محمد الشكيلية، روقة بعنوان"أهمّ معثورات المواقع الأثريّة ودلالاتها بمحافظة جنوب الشّرقيّة"، لتكشف بدايات العمل الأثري في عام 1952م عن عدة مواقع أثرية شهدت أعمالا ميدانية عديدة، تمثلت في المسوحات والتنقيبات والدراسات والبحوث من قبل بعثات وجامعات دولية بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة- وزارة التراث والثقافة سابقا-، إذ كانت هذه المواقع عبارة عن مستوطنات وأسوار وأبراج أو مبانٍ دفاعية ومدافن متضمنة رسوما ونقوشا صخرية وعددا من اللقى الحجرية والفخارية والمعدنية.

ويعد موقع HD-6 في رأس الحد بولاية صور وSWY-1 وSWY-11 في السويح بولاية جعلان بني بو علي من أقدم المواقع المعروفة على ساحل بحر العرب، فهي تعود إلى نهاية الألف السادس قبل الميلاد، وكان ارتفاع مياه البحر آنذاك قد بلغ المنسوب الحالي.  

وهدفت الدراسة إلى رصد أهم المواقع الأثرية في محافظة جنوب الشرقية وهي: موقع رأس الحد، وموقع رأس الجنز، وموقع قلهات، وموقع وادي شاب، وموقع السويح، وموقع رأس الخبة، ومحاولة تصنيفها وإبراز خصوصياتها ودلالاتها مقارنة بما هو متوفر بمختلف ولايات السلطنة ومحافظاتها.

تعليق عبر الفيس بوك