بين نظرة متشائمة وأخرى متفائلة

 

سلطان بن ناصر القاسمي

يتردد في المجتمع رؤية متناقضة بين التفاؤل، والإحباط، ويبدو أن هناك توازنًا غير مستقر بين النظرتين: الإيجابية، والسلبية، ونرى كيف يتلقى بعضنا بعض القرارات، والقوانين الصادرة عن الجهات الحكومية بطريقة محبطة، حيث تفتقر إلى النظرة الإيجابية، وتنظر إليها على أنها فاشلة، أو بلا جدوى، دون أن يتمَّ التفكير فيها بعمق، ودون أن يتمَّ تقييم فائدتها على المجتمع، والدولة بشكل عام.

وهذا النوع من الرؤية المتشائمة ينتشر بسرعة في المجتمع، ويتمُّ تناقله، وتداوله بشكل سلبي دون تفكير، أو تمعُّن، أو إعطاء العقل مجالًا، ولو برهة من الوقت؛ ليدرس ما إذا كان هذا القرار أو القانون، أو حتى التصريحات التي تصدر من الجهات الحكومية ذات فائدة على المجتمع بشكل عام، وعلى الفرد بشكل خاص، أم لا.

ومن الأمثلة اليسيرة على انتشار هذه النظرة السلبية بين أفراد المجتمع هو ما تمَّ تداوله حول قانون الحماية الاجتماعية على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تصريح أحد أعضاء مجلس الشورى الذي تضاربت فيه الآراء حول الارتياح، وعدم الارتياح، وذلك من خلال التصريح بعدم توافق المجلسين التشريعيين حول زيادة بعض النقاط على القانون،  والتي يراها مجلس الشورى في مصلحة المواطن؛ مما تسبب في إثارة الرأي العام،  واستُقبِل بجدل كبير بين الأشخاص المؤيدين، والمعارضين، والمتفائلين، والمحبطين.

ولزيادة الوعي، والإدراك وبُعْدًا عن النظرة السلبية، والمتشائمة المتكررة لدى المجتمع- لابد من تدخل من قبل الجهات الرسمية في الدولة، تلك التي تصدر القرارات، أو البيانات، أو القوانين من خلال تعيين متحدثٍ رسميٍّ لتوضيحها، وشرحها بطريقة واضحة، وشفافة للمجتمع.

لاحظ المتابعون لمواقع التواصل الاجتماعي التي يتمُّ فيها مناقشة المسائل العامة انتشارَ نظرة سلبية، ويائسة تجاه المجتمع، والأجيال القادمة، ونرى أن هذه النظرة ينقلها الآباء إلى أبنائهم في الأسرة الواحدة،  ومن هذا المنطلق، يعتبر وجود متحدث رسميٍّ ذي كفاءة في شرح تلك القرارات، والتوجيهات، والقوانين ضروريًا لإيضاحها بشكل جيد للمواطنين، بما في ذلك التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تسبب الارتباك في فهم المعلومات.

ومن أجل ذلك، يجب تنظيم مؤتمرات صحفية لتوضيح هذه القرارات، والتوجيهات، والقوانين، والرد على الأسئلة المتعلقة بها.

وتكمن أهمية دور المتحدث الرسمي في إلقاء الضوء على الموضوعات الحيوية التي يتعين على الجمهور معرفتها، وفهمها بشكل جيد، وحيث إن المجتمع قد أصبح أكثر وعيًا، وفهمًا في الوقت الحاضر، فإن وجود متحدث رسميٍّ قد أصبح هو الآخر ضروريًا أكثر من أيِّ وقت مضى، ونتمنى أن تتخذ الجهات الرسمية هذا القرار المهم، وأن يرى النور في الأيام القليلة القادمة؛ لأنه يمثل أهمية كبيرة في تحسين تواصل المجتمع، وفهمه للمسائل الحيوية بصورة سليمة، لا تتجاوز هذا الهدف، وذلك المقصد  الذي صيغت له تلك القرارات، والتوجيهات، والقوانين.

نعم.. بالتأكيد نحتاج إلى زيادة الوعي، والإدراك فيما يجري حولنا من أحداث، وتوضيح حول ما يتمُّ إصداره من قرارات، وقوانين، وعلى الجهات الرسمية، والمسؤولين في الجهات الحكومية أن يتريثوا، ويدرسوا بعنايةٍ تامة ما يمكن أن يصدر من تصريحات تجعل المجتمع يشعر بالغضب، والانفعال دون توضيح.

المجتمع يحتاج إلى رفع معنوياته خصوصًا بعد فترة السنوات القليلة الماضية، التي بدأت برحيل باني نهضة عُمان المغفور له بإذن الله، جلالة السلطان قابوس- طيب الله ثراه-؛ ومن ثم ما تلاها من جائحة كورونا، مرورًا بالأزمة الاقتصادية العالمية، والدَّيْنِ العام الذي أثقل كاهل الميزانية العامة للدولة خلال السنوات الخمس إلى السبع الماضية، والتي أدارها باقتدار، وقيادة حكيمة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

إنَّنا جميعًا ننظر إلى السنوات القادمة نظرة متفائلة، متطلعين بطموح عالٍ إلى رؤية "عُمان 2040" التي سوف تتحقق بنجاح، وتوفيق كاملين بإذن الله، وأن ينعم هذا المجتمعُ بالرخاء، والازدهار على المدى الطويل، إنْ شاء الله.

ولتحقيق هذه الأهداف، يجب على جميع الجهات الحكومية، والمجتمعية أن يتعاونوا، ويعملوا بجدية، ونزاهة، وشفافية، وأن يتبنوا رؤية واضحة، وملموسة للمستقبل، تستند إلى الاستراتيجيات الحكيمة، والخطط الجادة، والحلول الإبداعية، والله الموفِّق، والهادي إلى سواء السبيل.

تعليق عبر الفيس بوك