تعلم القانون ولو اليسير

 

حمود بن سيف السلماني **

قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (علم الإنسان ما لم يعلم)، من منطلق الآية القرآنية الكريمة، فإنَّ الإنسان يتعلم كل يوم معلومة جديدة ومفيدة، وبما إننا أمة اقرأ، فإنه وللأسف الشديد لا نقرأ أبداً، وإذا قرأنا لا نستفيد.

ويجب على الإنسان القراءة والاستفادة من كل كلمة يقرأها، وعليه أن يتعلم كل يوم معلومة جديدة ومفيدة تفيده في حياته اليومية، حيث إنه في الوقت الراهن وفي ظل الأنظمة الحديثة، وتطور الحياة وتطور القوانين الوضعية، والقرارات التي تصدر بشكل شبه يومي، فإنه يتوجب على الإنسان أن يكون مطلعاً ولو على الجزء اليسير من تلك القوانين والأنظمة، وذلك من أجل زيادة المعرفة لديه والاستفادة منها.

وفي ظل التطورات التي يشهدها العالم بصفة عامة، وسلطنة عمان بصفة خاصة، وصدور الكثير من القوانين واللوائحة والأنظمة والقرارات التي تهم الأفراد والمجتمع بالدولة، وتنظم سير العدالة، يتوجب على الإنسان أن يطلع ولو على الشيء اليسير عن تلك القوانين حتى يستفيد منها ويعرف ما له وما عليه من حقوق والتزامات.

وبحكم عملنا في مجال القانون -مهنة المحاماة- فإننا نجد أن الكثير من الذين فقدوا حقوقهم بسبب عدم علمهم أو معرفتهم بالقوانين المنظمة لطبيعة عملهم أو العلاقة التي بينهم وبين الطرف الآخر؛ سواءً كان فردا أو شركة أو مؤسسة حكومية أو خاصة، حيث إن الحقوق لها فترة زمنية معينة حتى يطالب بها الشخص، فإن تعدت تلك الفترة الزمنية سقط حقه في المطالبة بها، بالإضافة إلى أنه ترتب على أنفسهم التزامات كبيرة وإذا كان على معرفة بسيطة بالقانون لتجنب ذلك الالتزام، الذي لا دخل له فيه.

وعندما يقع الشخص في مشكلة ما فإنه يظل قلقاً بالتفكير بكيفية الخروج من تلك المشكلة التي حلت به، ومع ذلك لا يتوجه إلى أهل الاختصاص للحصول على المعلومات والمعرفة الكاملة للخروج من تلك المشكلة التي وقع فيها، وقد يصل البعض منهم إلى سؤال عامة الناس، للحصول على إجابات لا تفيدهم بشيء سوى زيادة المشكلة وتعمقها.

 المحامون والقانونيون والأطباء والعلماء والمهندسون وغيرهم هم جزء كبير من هذا المجتمع وكل يوم يتعلمون ملعومة جديدة من خلال عملهم كل في مجال اختصاصه، لأنه من الواجب عليهم الرجوع إلى الكتب والبحوث بشكل دائم للاطلاع على كل ما هو جديد في مجالهم العملي والعلمي، بالتالي فإنَّ الشخص لما تواجهه مشكلة ما فإنه يتوجب عليه الاستعانة بصاحب الخبرة في ذلك.

ومثال على ذلك، يوجد الكثير من الأشخاص عليهم قروض لدى البنوك العاملة بالسلطنة، ولكن الكثير منهم يجهل حقه في كيفية سداد مبلغ القرض في حال تعرضه لعجز جزئي أو كلي أو كيفية تعامل الورثة في حالة وفاة مورثهم، حيث إن قانون التأمين قد نظم كل تلك المسائل بشكل مفصل، ويمكن للجميع الاطلاع عليها من خلال المواقع الرسمية لشركات التأمين أو سوق المال.

كما إن للعمال حقوق وعليهم التزامات، والجميع يعلم بوجود قانون العمل، إلا أن الأغلبية يجهلون وجود لوائح وقرارات صادرة من وزارة العمل تنظم حقوقهم والتزاماتهم، بالإضافة إلى وجود مميزات لهم قد منحها لهم القانون، إلا وبسبب عدم اطلاعهم على القانون الخاص بهم يفقدون كل تلك المميزات أو بعضها، والحال كذلك بالنسبة لرواد الأعمال وأصحاب الشركات.

وفي الوقت الحالي فإنَّ الحصول على المعلومة أصبح سهلاً ويسيراً بشكل كبير جداً وذلك من خلال البرامج والمنشورات والمواقع الإلكترونية، حيث إن الهاتف النقال أصبح بمثابة العالم المصغر، ويستطيع الشخص الاطلاع على كل شيء من خلاله، ولهذا تعلم القانون ولو اليسير منه يحفظ حقك ويجنبك خسارته.

** محامٍ ومستشار قانوني

تعليق عبر الفيس بوك