سراج صحار

 

هند الحمدانية

يبتهج الناس باستقبال شهر رمضان، ويشرعون لكل مظاهر الفرح والسرور والاستعداد لتفاصيل أيامه ولياليه من جمعات وفطور وسحور، فهو ضيفنا الذي لا يزورنا إلا محملا بالمحبة والملائكة ومضاعفا لنا الهدايا والأجور، ضيفنا الذي خصه الله الغفور الشكور بباب في الجنة لا يدخل منه إلا محبوه وضيوفه ومستضيفوه، فما بالكم بتعطش المدن والقرى للقائه، وكيف للأرض والسماء التأهب لاحتضان أعياده، وكما قال جلال الدين الرومي: "رمضان؛ إن كل صباح منه عيد وكل ليلة منه قدر".

تبتهل روح صحار هذا العام فتحتفي بشهر رمضان على طريقتها الفريدة المستوحاة من قوله تعالى: "وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا"، مطلقةً فعاليات شمال الباطنة الرمضانية تحت مسمى "سراج"، فتستعرض مباهج الشهر الفضيل بديباجة شبابية مميزة، الفعاليات لم تقتصر على ولاية صحار؛ بل شملت جميع ولايات محافظة شمال الباطنة وتنوعت بين البرامج الثقافية والدينية والترفيهية المختلفة للصغار والكبار وغيرها من الأنشطة المصاحبة، بالإضافة إلى المشاركة الفعالة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والدعم المتواصل للأسر العمانية المنتجة والمتعففة.

سراج أضفى على ليالي رمضان بهجة وسرور وأضاء لنا فتيل المسرات والأمسيات، ومن بين كل الأنشطة الممتعة والمفيدة استوقفتني فقرة مدهشة وفريدة، وهي فقرة الحكواتي الحية، وهم عبارة عن أربع شخصيات حقيقية مرتدون أزياء توحي للزائرين بأنهم من زمنٍ قديم أو من عصرٍ آخر فتستفز بذلك فكر العابرين، أطلق عليهم اسم: سراج، ومرشد، وقنديل، ومصباح.

"الحكواتي" روح حيَّة يتفاعل معها الجمهور، صوته العالي يستفز الحاضرين وزيه المختلف يخطف لب الناظرين، وهو في فعاليات صحار كان أيقونة بارزة جسدت القيمة الفكرية والأخلاقية والثقافية لفعاليات سراج الرمضانية، وبفضل أسلوب الحكواتي التعليمي والتهذيبي والترفيهي احتشد الزوار حول الشخصيات الأربعة يستقون منهم نفحات القيم والفضائل للشخصيات التي يروون عنها ويتساءلون حول السيرة النبوية والصحابة الكرام والشخصيات التاريخية العِظام، ويزرعون القيم بأسلوب سرد القصص الملهمة ورواية الملاحم الدينية بصورة ارتجالية وعفوية من شأنها أن تثبت في العقل الجمعي للضيوف والمتفرجين.

ختامًا.. إنَّ فقرة تجسيد الشخصيات الدينية والتاريخية بالأداء والأزياء وبطريقة الحكواتي الرمضاني لها أثر عظيم في نقش القيم وترسيخ الأخلاق وبث المعاني النبيلة من التآلف والتراحم وإذكاء روح المحبة بين أجيالنا الحالية وبين العصر النبوي والحقب التاريخية الإسلامية المتعاقبة.

تعليق عبر الفيس بوك