توقعات برفع التصنيف الائتماني في التقرير المقبل مع استمرار تحسن المؤشرات

خبراء لـ"الرؤية": تعديل النظرة المستقبلية لسلطنة عُمان إلى "إيجابية" يعزز الاستثمارات ويدعم النمو

المحرمي: الاقتصاد يتأثر بالأخبار الجيدة.. ونتوقع نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة

تحقيق الفوائض المالية وخفض الدين العام من أبرز أسباب قرار وكالة التصنيف

الوردي: سداد الحكومة لـ4.1 مليار ريال في 15 شهرًا "إنجاز ممتاز جدًا"

وصول الناتج المحلي بالأسعار الجارية خلال 2022 إلى 44 مليار ريال "سابقة تاريخية"

عُمان مقبلة على مزيد من الفوائض المالية مع استمرار ارتفاع أسعار النفط

تحسن التصنيف الائتماني يعزز الاستثمار الأجنبي ويقلل تكلفة التمويل

الوكالة تشيد بمبادرات وقرارات الحكومة لتعزيز الاستقرار المالي

توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بمعدل متوسط 2.5% حتى 2026

خام برنت يصل إلى 90 دولارًا للبرميل في 2023.. و80 دولارًا العام المقبل

 

 

الرؤية- مريم البادية

 

عدّلت وكالة "ستاندرد آند بورز" النظرة المستقبلية لسلطنة عمان من مستقرة إلى إيجابية، وثبتت التصنيف عند "BB"، وذلك بفضل استمرار جهود ضبط الأوضاع المالية التي أدت إلى استمرار تحسن الأداء المالي، وكذلك تراجع الدين العام ونمو الناتج المحلي.

وقال المكرم الأستاذ الدكتور سعيد بن مبارك المحرمي أستاذ الاقتصاد، إن التصنيفات الائتمانية تتضمن نظرة مستقبلية إما إيجابية أو مستقرة أو سلبية، موضحًا أنه إذا كانت النظرة سلبية مع استمرار نفس الظروف والمعطيات الاقتصادية فمن المحتمل أن تعمد الوكالة إلى تخفيض التصنيف في تقريرها التالي، وإذا كانت النظرة مستقرة وظلت الأوضاع الاقتصادية دون تغيير فسيكون التصنيف مستقرًا، أما إذا كانت إيجابية (مثل ما هو عليه الآن في عمان) مع استمرار نفس الأوضاع الاقتصادية أو تحسّنها، فيكون قرار الوكالة في تقريرها التالي رفع التصنيف الائتماني.

أ.د. سعيد المحرمي.png
 

وأضاف المحرمي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أن تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى إيجابية، يؤشر على أن الوكالة سترفع التصنيف الائتماني لعُمان في المرة المقبلة إلى التصنيف الأعلى.

وأشار المحرمي إلى أن تعديل النظرة المستقبلية يحقق نتائج إيجابية لعُمان، أولها خفض تكلفة التمويل، سواءً إذا كان المقترض الحكومة أو المؤسسات المالية المحلية، وكذلك شركات القطاع الخاص الكبرى. وأكد أن هذا التعديل ينعكس أيضًا على المستثمرين؛ سواءً كانوا محليين أو أجانب، لافتًا إلى أن الأخبار الجيدة دائمًا ما يتأثر بها الاقتصاد والعكس صحيح، فإذا كانت الأخبار جيدة فإنها تعطي الدافع للاستثمار، وتبعث برسائل طمأنة للمستثمرين المحليين وتشجعهم على التوسع في أعمالهم ومشاريعهم.

أما على مستوى استفادة المواطن، فذكر المحرمي أن المواطن سيستفيد من هذا التعديل من خلال ما سيتم تنفيذه من أعمال ومشاريع جديدة، تسهم في توفير وظائف جديدة للباحثين عن عمل، مشددًا على أن الاقتصاد دائماً ما يتأثر بالأخبار الجيدة، التي تنعكس إيجابًا على بيئة الأعمال والمواطن.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي الدكتور محمد بن حميد الوردي إن وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" رفعت نظرتها المستقبلية للسلطنة من مستقرة إلى إيجابية مع تثبيت التصنيف السيادي للسلطنة عند درجة BB، مشيرًا إلى أن من المؤمل رفع التصنيف السيادي للسلطنة في الاجتماع المقبل للوكالة.

د. محمد الوردي.jpg
 

وعزا الوردي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أسباب هذه الخطوات الإيجابية الأخيرة إلى استمرار تحسن الأداء المالي؛ إذ تمكنت السلطنة من تحقيق فوائض مالية لسنة 2022 بمقدار مليار و100 مليون ريال عماني، واستمر تحقيق الفوائض أيضا مع بداية العام الجاري، مشيرًا إلى أن الفائض بلغ مع نهاية يناير 2023 نحو 145 مليون ريال عماني، ويعود ذلك إلى برنامج التوازن المالي الذي بدأت الحكومة في تطبيقه منذ عام 2021، إضافة إلى الارتفاع المتواصل في الإيرادات النفطية.

وأوضح الوردي أن من بين أسباب تعديل النظرة المستقبلية تراجع حجم الدين العام؛ حيث عانت السلطنة كثيرًا من ارتفاع المديونية والتي وصلت مع بداية عام 2022 إلى قرابة 20.8 مليار ريال مشكلة نحو 70% من الناتج المحلي، لكنها انخفضت مع نهاية الربع الأول من 2023 إلى 16.6 مليون ريال عماني، مشكلة  نحو 37% فقط من الناتج المحلي بالأسعار الجارية، ويعود ذلك إلى تمكن السلطنة من سداد نحو 4 مليارات و 100 مليون ريال عماني في غضون 15 شهرًا الماضية، ويعد هذا انجاز "ممتاز جدًا".

السبب الثالث، بحسب المحلل الاقتصادي، يتمثل في نمو الناتج المحلي؛ حيث ارتفع بالأسعار الجارية ليصل في نهاية عام 2022 إلى 44 مليار ريال عماني، وهذا يعد سابقة تاريخية في تاريخ اقتصاد السلطنة.

وأضاف الوردي أن وكالة التصنيف توقعت استمرار بقاء متوسط أسعار النفط بالقرب من 90 دولارًا للبرميل، مما سيمكّن السلطنة من تحقيق المزيد من الفوائض المالية، كما تتوقع الوكالة نمو الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 2.5% على مدار السنوات 2023 إلى 2026.

وأوضح الوردي أن أهمية تحسن التصنيف السيادي للسلطنة تتمثل في الوثوق بمستقبل الوضع المالي والاقتصادي للسلطنة؛ مما سيعزز الاستثمارات الأجنبية ويقلل من تكلفة التمويل سواء للقطاع الحكومي أو الخاص، وسيساعد ذلك أيضًا على تحفيز الاستثمار المحلي، وتعزيز قدرة الدولة على مواصلة الاستثمار في مشاريع البنية الأساسية، والمشاريع الإنتاجية المختلفة، والذي بدوره سيساهم في تعظيم الاقتصاد العماني ورفع معدلات النمو وخلق المزيد من الوظائف للشباب الباحث عن عمل.

مبادرات وإجراءات

تعديل النظرة المستقبلية لعُمان من مستقرة إلى إيجابية، جاء على إثر ما تقوم به الحكومة من مبادرات وإجراءات تطويرية في الجوانب المالية والاقتصادية؛ حيث تتوقع الوكالة أن استمرار الحكومة في اتخاذ مثل هذه الإجراءات سيعزز المركز المالي لسلطنة عُمان مما سيزيد من المرونة في مواجهة تقلبات أسعار النفط.

وأشارت الوكالة إلى أن جهود تحسين الأداء المالي والسياسات الداعمة للنمو الاقتصادي انعكست في خفض حجم الدين العام، وما يشهده الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من نمو قوي.

وتتوقع الوكالة أن ينخفض الدين العام إلى نحو 16.5 مليار ريال عماني بنهاية هذا العام، في حين تمكنت الحكومة من خفض الدين العام إلى 16.6 مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري؛ حيث سددت سلطنة عُمان منذ أيام قليلة جزءًا من القروض الحكومية بنحو 1.5 مليار دولار أمريكي قبل موعد استحقاقها، كما خفضت في الوقت ذاته معدل الفائدة لبعض القروض؛ من خلال التفاوض مع المقرضين، ونتج عن ذلك الحصول على كلفة تمويل أقل من أسعار التمويل السائدة حاليّاً، بالإضافة إلى استمرار المؤسسات العالمية والإقليمية ضمن المقرضين؛ ما يؤكد متانة المركز المالي لسلطنة عُمان.

ويأتي ذلك في إطار المراجعة المستمرة للمحفظة الإقراضية وتكاليف التمويل المرتبطة بها، وعزم الحكومة على خفض معدل الدين العام، من خلال الاستفادة من الإيرادات المالية الإضافية المحققة إثر ارتفاع أسعار النفط العالمية.

وبذلك تمكنت الحكومة بنهاية الربع الأول من العام الجاري 2023م من سداد عدد من الالتزامات، التي تُقدّر بنحو 1.1 مليار ريال عُماني أي ما يعادل 2.8 مليار دولار أمريكي، دون اللجوء إلى إعادة الاقتراض من أجل تمويلها، متضمنةً 1.3 مليار دولار أمريكي ما سددته الحكومة في يناير الماضي من القروض، لينخفض حجم الدين العام إلى نحو 16.6 مليار ريال عُماني بنهاية مارس 2023م، مقارنةً بـ17.7 مليار ريال عُماني المسجل بنهاية عام 2022.

وأكدت وزارة المالية أن الإجراءات المتخذة ستؤدي إلى تحقيق المزيد من حجم الوفورات في كلفة خدمة الدين العام، والفوائد المترتبة على التمويل، والتي تقدر بنحو مليار دولار أمريكي؛ أي بنحو 385 مليون ريال عُماني، وذلك باحتساب فترات شرائح التمويل وعدم اللجوء إلى الاقتراض لإعادة التمويل؛ الأمر الذي من شأنه أن يُمكّن الحكومة من استغلال هذه الوفورات في جوانب ذات أولوية.

جرافات (1).jpg
 

إلى جانب ذلك، تتوقع الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بمعدل متوسط يبلغ نحو 2.5% خلال الفترة 2023 إلى 2026م، كما تتوقع أن يبلغ متوسط نمو القطاع غير النفطي نحو 3.5% خلال الفترة من 2025 إلى 2026. وتتوقع كذلك أن يصل متوسط سعر خام برنت إلى 90 دولارًا للبرميل في 2023، و80 دولارًا للبرميل في 2024، و55 دولارًا للبرميل في 2025.

ارتفاع الإيرادات

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الإيرادات العامة للدولة سجلت ارتفاعًا بنسبة 22% بنهاية يناير 2023، مسجلة نحو 982 مليون ريال عماني، مقارنة مع 804 ملايين ريال عماني في الفترة ذاتها من عام 2022، ويُعزى ذلك بشكل رئيس إلى ارتفاع إيرادات النفط والغاز التي شكلت نحو 88% من الإيرادات العامة.

وارتفع صافي إيرادات النفط حتى نهاية يناير 2023 بنسبة 9% مسجلا نحو 602 مليون ريال عماني مقارنة بتحصيل 554 مليون ريال عماني حتى نهاية يناير 2022. ويأتي هذا الارتفاع مدفوعا بارتفاع متوسط سعر النفط المحقق إلى نحو 91 دولار أمريكي للبرميل، بالإضافة إلى ارتفاع متوسط الإنتاج إلى نحو 1,063 ألف برميل. كما ارتفعت إيرادات الغاز بنحو 39 مليون ريال عماني أي بنسبة 18% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022.

وزادت الإيرادات الجارية المحصلة حتى نهاية يناير 2023 بنحو 91 مليون ريال عماني حتى بلغت نحو 122 مليون ريال عماني مقارنة بتحصيل 31 مليون ريال عماني في الفترة ذاتها من عام 2022م.

وبلغ الإنفاق العام حتى نهاية يناير 2023، نحو 837 مليون ريال عماني، بارتفاع قدره 51 مليون ريال عماني أي بنسبة 7% عن الإنفاق الفعلي للفترة ذاتها من عام 2022، وتمثلت أوجه الإنفاق في المصروفات الإنمائية للوزارات والوحدات المدنية نحو 1 مليون ريال عماني، بنسبة صرف بلغت 0.1% من إجمالي السيولة الإنمائية المخصصة لعام 2023م والبالغة 900 مليون ريال عماني.

وبلغت المصروفات الجارية للوزارات المدنية نحو 299 مليون ريال عماني مقارنة بنحو 296 مليون ريال عماني في يناير 2022م. فيما بلغت جملة المساهمات والنفقات الأخرى نحو 37 مليون ريال عماني، مرتفعة بنسبة 19.3% مقارنة بتسجيل 31 مليون ريال عماني في الفترة ذاتها من عام 2022م، وقد بلغ دعم المنتجات النفطية حتى نهاية يناير 2023 نحو 4 ملايين ريال عماني، كما بلغ التحويل لبند مخصص سداد الديون نحو 33 مليون ريال عماني.

التصنيف الائتماني

يُشار إلى أن التصنيف الائتماني يُقصَد به درجة تظهر حكم مؤسسات التصنيف العالمية على مدى القدرة على سداد الديون، فمعنى أن يكون التصنيف ضعيفا أن هناك احتمالا بألا يستطيع المدين الوفاء بالتزاماته، أما التصنيف المرتفع فيعني استبعاد الاحتمال. ويسهل التصنيف المرتفع على الحكومات والشركات الحصول على تمويل وقروض سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية، وتتم عملية التصنيف بناء على معايير اقتصادية ومحاسبية معقدة أهمها الربحية، ثم الموجودات أو الأصول، والتدفقات المالية التي توضح الوضع المالي للمؤسسة.

وتُعد مؤسسات التصنيف الائتماني شركات خاصة تصدر تقييمات للجدارة الائتمانية لدولة أو مؤسسة ما، وينعكس التصنيف الذي تصدره إيجابا أو سلبا على ثقة المستثمرين في هذه الدولة أو المؤسسة وعلى كلفة استدانتها من الأسواق المالية.

ومستويات التصنيف لدى وكالات التصنيف الائتماني، تتراوح بين (AAA) "درجة أمان عالية"، وهو أعلى تصنيف للجدارة الائتمانية، وإن كان يتضمن درجات تابعة مثل (AA)، أو (A)، ثم تصنيف (BBB) ويعني جدارة ائتمانية متوسطة" ودرجاته المختلفة، كما هو في التصنيف السابق، ثم التصنيف (CCC) "جدارة ائتمانية عالية المخاطر"، ثم التصنيف الأخير (DDD) "جدارة ائتمانية متعثرة" ودرجاتهما المختلفة كما في التصنيفين السابقين.

ويتمثل دور وكالات التصنيف الائتماني في تقليص ما يصطلح عليه الاقتصاديون بـ"تباين المعلومات" بين المقترضين والمستثمرين، من خلال تزويد الأسواق المالية بمعلومات عن جودة الديون التي يتم إصدارها ومخاطر عدم وفاء المدينين بالتزاماتهم. وتسمح هذه المعلومات للمستثمرين باتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمار من عدمه في سندات الديون التي تصدرها الجهات الراغبة في الاقتراض. كما تقوم وكالات التصنيف الائتماني بتصنيف الديون التجارية بالنسبة للشركات الخاصة والعمومية التي تلجأ إلى الأسواق المالية لإصدار سنداتها، والديون السيادية بالنسبة للدول أو ما دون السيادية بالنسبة للجماعات الترابية (مجالس بلدية أو جهات)، والمنتجات المالية المركبة التي تدمج بين مشتقات مالية مختلفة. تعتبر وكالات التصنيف الائتماني أن التصنيفات التي تقوم بها مجرد آراء تعبر عنها، وأنها لا تضمن أي شيء بالنسبة للمستثمرين، وترى تبعا لذلك أنها لا تتحمل العواقب الناجمة عن أي قرار يُتَّخَذ بناء على هذه الآراء.

تعليق عبر الفيس بوك