كل رمضان وأنتم أفضل

 

خليفة بن عبيد المشايخي

halifaalmashayiki@gmail.com

 

 

كانت الأمة الإسلامية يفصلها عن شهر رمضان المبارك أيام كثيرة، وها هي اليوم على مشارف روحانياته وبركاته، وفي بقاع الأرض سنجد المسلمون يؤدون هذه الفريضة كل حسب حالته الصحية ومقدرته، وإذا كان حال المسلمين قبل هذا الشهر في تناحر وخلاف وشقاق، فإنه في هذا الشهر ينبغي أن تزاح كل الخلافات، وتذهب الشحناء والبغضاء بيننا، وتحل محلها الرحمة والشفقة، إذ ليس من المسوغ أن لا نتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين من الضعفاء والمساكين، وأن لا نتصالح مع الجميع.

إن الذي أدرك وسيدرك هذا الشهر الفضيل وظروفه تسمح له أن يجعله كله لله، فليفعل ولا يسوِّف ولا يتأخر، فالغني الذي في سعة لن يشغله همه وفكره كيف ومن أين سيأتي بما سيفطر به هو وعياله بعد أذان المغرب، ولن يفكر أن بعد انقضاء شهر رمضان كيف ومن أين سيوفر مستلزمات العيد لأطفاله ولأسرته.

أما الفقير فيعيش حربًا لا هوادة فيها مع ظروفه وأوضاعه المعيشية الصعبة، ومع كيفية ما سيأكله وسيوفره من طعام يفطر به هو وعياله.

ونظام العمل في شهر رمضان المبارك سيتغير لا محالة، ونظام التعامل والحركة أيضا سيتغير، وسينكب اهتمام الناس حسب توجههم على أشياء مختلفة، فهناك من سيجعل للقرآن نصيبا وافرا من وقته، وهناك من سينظر إلى هذا الشهر على أنه الأخير في حياته ربما، وبالتالي سيجتهد كل الاجتهاد أن لا يفوت أي فرصة لا يستغلها في الطاعات والعبادات.

إننا ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك فإني أقول الرحمة يجب أن تكون أيضا حاضرة وبقوة، وكذلك فعل الخير وعمله، ومن هنا فإني أوجه كلمة لمن له مبالغ مالية على شخص معسر وغير مقتدر، أن يعفو عنها ويصفح ما استطاع إلى ذلك سبيلا، لأنَّ هناك تعاميم ومذكرات بإلقاء القبض، صدرت قبيل هذا الشهر بأيام على من عليه دين لشخص أو لجهة ما، وهناك غيرها على وشك أن يصدر وينفذ، وبالتالي فإن إيداع المعسر في السجون بعيدًا عن أولاده وأسرته في هذه الأيام المباركة، أمر صعب على من به رحمة وشفقة.

عليه نرجو من الحكومة أن تتدخل وتؤجل مثل هذه القرارات في هذا الشهر الكريم.

إنَّ التحلي بالرحمة في شهر رمضان الفضيل يفضي إلى أمور طيبة، كما إن وقف أحكام التنفيذ ومذكرات إلقاء القبض في هذا الشهر الفضيل على من عليه دين، تعكس الرحمة المجتمعية.

إنها دعوة أُوجهها في هذه الأيام المباركة أن لا نكون فقط سيوفًا مسلطة بقوة القانون والمنصب والسلطة على رقاب المديونين ومن عليه دين وهو معسر.

تعليق عبر الفيس بوك