خير الشهور

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

ساعات قليلة وسيحتفي المسلمون في شتى بقاع الأرض بقدوم شهر الخيرات شهر الرحمات شهر تلاوة وتدّبر القرآن الكريم.. شهر خير من ألف شهر، أنزل الله فيه كتابه وشرع فيه عبادة الصيام..  فأهلًا رمضان.

لا شك أنَّ شهر رمضان مختلف عن غيره من أشهر السنة؛ حيث يستعد المسلمون في شتى أرجاء المعمورة لاستقبال شهرهم المبارك، وكأنهم ينتظرون ضيفًا عزيزًا على قلوبهم، فرحين مستبشرين يترقبون أن يهلَ هلالهُ يتسابقون في تهنئةِ بعضهم البعض بقدومه، استعدادًا لأداء أحد أركان الإسلام الخمسة وهي عبادة الصيام، يقول الله تعالى في الكتاب العزيز﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة﴾، ويُحيي المسلمون أيام وليالي شهر رمضان بالمداومة على الذكر ويبتهلون إلى ربهم بالدعاء ويلازمون بيوت الله لأداء الفرائض والقيام وتلاوة القرآن، ويسارعون إلى زيارة الأرحام والأهل والجيران، كما أن أحب الأعمال إليهم يؤدونها في رمضان كأداء العمرة لما لها من عظيم الأجر والثواب، وعنِ ابنِ عباسٍ، رضي اللَّه عنهُما، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجة أَوْ حَجَّةً مَعِي) متفقٌ عليهِ، وكذلك الحال بالنسبة للزكاة، حيث يتسابق المسلمون في تأديتها بالإضافة إلى إخراج الصدقات اقتداءً بسنة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ أجر البذل مضاعف في هذا الشهر لذلك نجد انتشار موائد الرحمن الخاصة بإفطار الصائمين التي يُقيمها الأهالي أو تلك التي تُقام عن طريق الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية والتي تُعدّ سانحة لإيصال الصدقات للمحتاجين بحسب سجلات تلك الفرق والجمعيات.

كما يُحيي المسلمون العشر الأواخر من شهر رمضان ويترقبون خلالها ليلة القدر التي خصّها المولى عزَّ وجلَّ بعظيم فضلهِ ووصفها بأنها ليلة خير من ألف شهر، وليس هذا فحسب؛ بل إنَّ دول العالم الإسلامي تحتفي بالكثير من الأيام التي خلّدها التاريخ وسجل المسلمون فيها إنجازاتٍ بأحرفٍ من ذهب لازلنا نتحدث عنها وستتحدث عنها الأجيال القادمة ابتداءً من غزوة بدرٍ الكبرى في السابع عشر من رمضان للسنة الثانية للهجرة، وفتح مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة وحتى انتصار العرب على دولة الاحتلال في حرب العاشر من رمضان من عام 1393هـ في التاريخ الحديث.

لا شك أنَّ شهر رمضان المبارك هو أحد أشهر السنة الهجرية، ولكن عظمته تتجلّى في خصوصيته التي خصّها الله تعالى به وجعلته مختلفًا وجعلت الأعمال التي يتقرّب العباد بواسطتها إلى ربهم مُضاعفة الأجور.

وتقبل الله مِنَّا ومنكم الصيام والقيام وهنئتم بقدوم خير الشهور.