عُمان.. عبر الزمان

 

د. أحمد العمري

سلطنة عُمان.. البلد العريق الأصيل المتميز العظيم الذي يحتضن إرثا حضاريا كبيرا، عُمان الماضي التليد والحاضر المجيد.

لقد تابعت وبكل فخر واعتزاز مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وهو يشمل برعايته السامية الكريمة الافتتاح الرسمي لمُتحف عُمان عبر الزمان، ويهدي المتحف أول تذكرة تحمل اسم جلالته، وكذلك عصاه الشخصية؛ لتكونا ضمن مقتنيات المتحف، كما شاهدنا السيارة التي أقلّت السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عندما وضع حجر الأساس للمتحف.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فالسلطان قابوس يضع حجر الأساس، والسلطان هيثم يفتتح وكأنما الحدثين في تناغم وانسجام وتكامل وتواصل؛ ليمتد هذا المتحف بين نهضة تأسست ونهضة تجددت، بما يحتويه من كنوز لا تقدر بثمن تتعدى الزمان والمكان والتاريخ والجغرافيا والجيولوجيا.

لكن لماذا ولاية منح؟ قد يسأل البعض هذا السؤال وقد عودنا حكامنا وسلاطيننا أن لا يتركوا أي شيء للصدف، وإنما يتم التخطيط ومن بعده العمل بحنكة مدروسة وأهداف واضحة المعالم ظاهرة المقاصد. فعلى الرغم من الموقع الاستراتيجي المميز لولاية منح وأهميتها السياحية وكونها أحد أهم ولايات محافظة الداخلية، لكن في منح وتحديدًا في حصن الشموخ، توجد شجرة يُقال إن الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي- رحمة الله عليه- كان يتفيأ ظلها في طريقه من أدم إلى نزوى، من هجير النهار ومن بعد العصر يكمل طريقه إلى نزوى، وهكذا عند العودة من بيضة الإسلام نزوى إلى الساكبية أدم.

ولهذه المعاني الشيء الكبير في نفس كل عُماني، وهو ربط منسجم ومتناسق مع الحدث التاريخي. حتى مبنى المتحف لم يُترك للصدفة أبدًا؛ بل كان مستسقى من جبال الحجر، وكذلك المواد المستخدمة في البناء.

هذه هي الحضارة والعراقة والإرث التاريخي، وكما يعلم الجميع فإنَّ المتحف يحتوي على قاعتين رئيستين هما قاعة التاريخ وتضم 9 أجنحة (هي: جناح أرض عُمان، وجناح المستوطنين الأوائل، وجناح حضارة عُمان، وجناح مملكة عُمان، وجناح التراث البحري، وجناح الأفلاج، وجناح اعتناق الإسلام، وجناح دولة اليعاربة، وجناح دولة البوسعيديين).

أما قاعة عصر النهضة فتحتوي على 12 جناحًا، وهي: جناح فجر النهضة، وجناح بناء الوطن، وجناح مجتمعنا، وجناح البيئة الصحية، وجناح الأمن والاستقرار، وجناح نحو اقتصاد مستدام، وجناح البنية الأساسية والنقل، وجناح الشورى، وجناح عُمان والعالم، وجناح التعبير الإبداعي، وجناح عُمان والاتصالات، وجناح الإلهام. إضافة إلى العديد من المرافق والتوابع  المصاحبة للمتحف.

لقد شُيِّد المتحف بتقنية عالية ودقة متناهية حتى في أصغر الأمور وكل تفاصيلها، ولقد ربطنا هذا المتحف بتاريخ عُمان منذ 800 مليون عام ليوصلنا إلى حاضرنا ونهضتنا المتجددة.

إنه غرس وتجذير للهوية الوطنية العُمانية الضاربة في جذور التاريخ بماضيها الزاهر وحاضرها الباهر، وهكذا وبهذا يفتخر كل عُماني، فمن ليس له ماضٍ ليس له حاضر.

نعم.. هكذا هي عُمان الحضارة والتاريخ والمجد والسؤدد.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.