عُمان.. حضارة أصيلة وتاريخ تليد

 

 

صالح بن سليمان الحارثي **

 

يأتي افتتاح متحف عمان عبر الزمان ليشكل في هيئته ومضمونه ومحتواه إضافة مهمة وقيمة عالية للتاريخ الإنساني تُستوحى منه العبر وتنهل من ينابيعه الفكر؛ فالمتاحف ذاكرة التاريخ ومستودع مسيرتها السياسية والعسكرية والأدبية والثقافية، والتاريخ هوية الأمم والشعوب، وخلاصة أحداث الماضي وخارطة طريقها إلى المستقبل.

ولأن التاريخ حكم وعبر ودروس فلقد مرت عُمان طوال أزمنتها السحيقة الغابرة وعصورها المختلفة بكل هذه المحطات من انتصارات وانتكاسات نجاحات وإخفاقات، خاضت الحروب وأبتليت بالمؤمرات، واجهت الأزمات وتصدت للمحن واعتركت الشدائد والنوائب، فكانت دائماً كجبالها الراسيات الشامخات مهابة الجانب مفعمة بالعزيمة شديدة المراس قوية الشكيمة، حكمها أعظم السلاطين وملوك الأرض فكانوا لها عيناً راعية ورأياً فاحصاً وفكرًا رشيدًا، وكانت لهم أرضا طاهرة وسدا منيعا ووطنا عظيما، وأنجبت عُمان قادة أفذاذا لهم في ميادين الحروب صولات وجولات، ساهموا في توطيد شوكة الإسلام.

خيرة العلماء أسهموا بفكرهم الوقاد وإيمانهم الشديد في نشر الدين الإسلامي شرقًا وغربًا، وإثراء اللغة العربية بمؤلفاتهم الأدبية العظيمة في النحو والشعر والأدب. تواصلت حضارة عمان مع الفينيقيين وبلاد الرافدين والمصريين القدماء فكانت رافدا للحضارة في شتى العلوم الإنسانية، ومخرت سفنها عباب البحار والمحيطات وطارد أسطولها العتيد فلول الاستعمار فربطت شرق الدنيا بغربها من الهند إلى السند ومن زنجبار إلى منطقة البحيرات العظمى ومن الصين إلى أمريكا.

خاطب ملوك وسلاطين عُمان ملوك الدنيا، وعطّر لبانها دور العبادة والبيوت المقدسة وصهرت النحاس وسكت النقود وصنعت السبائك المعدنية، ولأن التاريخ يلهم ويُفيد ويُعطي ويزيد فقد استفادت عمان من أحداث الماضي بكل ظروفه وصروفه ما جعلها اليوم قبلة للحكمة يطلبها القاصي والداني وبيتًا للسلام ينشده الجميع بلا استثناء.

ستظل عُمان تستفيد من تاريخها العظيم في أداء رسالتها السامية النبيلة إلى العالم أجمع، لما فيه خير العالم والإنسانية جمعاء.

** سفير سابق

تعليق عبر الفيس بوك