نفس

 

أنيسة الهوتية

عندما تذهب إلى مهرجان الطعام (فوود فيستفل) "بالعنجريزي" ستجد أنواعًا كثيرةً من الطعام بمختلف نكهاتها ومكوناتها وكل ركن يتميز بمطبخ عالمي مختلف بهارات ومواد ووصفات مختلفة حتى وإن كانت بعض المطابخ متشابهة في وجباتها الأساسية والجانبية والحلويات إلا أن مذاقها لازال يختلف من مطبخ عالمي إلى آخر مثل البرياني الهندي والخليجي!

ليس فقط هذا؛ بل حتى في نفس المطبخ ستجد أن الطعم يختلف حسب نفس الشيف فهناك طباخ يطبخ بحب وإن كانت المواد بسيطة تجد أنك تشعر بذلك الحب في كل لقمة من تلك الطبخة، وهناك طباخ سيأتيك بأجمل وأغلى أنواع البهارات ويكثر المواد في نفس نوع الطبخة إلا أنه لانعدام وجود النفس الذي هو حب وعشق الطبخ لن تجد ذلك السحر واللذة فيما تأكله وإن كان مقدمًا بطريقة (سوبر لوكجري) لفنادق عشر نجوم الخيالية كما يعمل عليها الآن لإقامة مطاعم طائرة في الهواء وأخرى عائمة في الماء وسيتم الإعلان عنها خلال السنوات القادمة من قبل أصحاب المشاريع بعد الإشارة الخضراء من السلطة التجارية العالمية العليا.

حتى البيض بالطماطم يختلف طعمه ونكهته ليس من دولة إلى دولة؛ بل من يد طباخ إلى آخر وإن كانوا يسكنون تحت نفس السقف معا إلا أنهم لا يحملون المكون السحري ذاته وهو النفس.

وكمثل "الفوود فيستفل" الذي يحتوي شتى أنواع الأطعمة والوجبات من كافة مطابخ العالم، المتفرعة حسب الخفيفة من المقبلات إلى الثقيلة الوجبات الرئيسية واللطيفة مثل الحلويات والمنعشة مثل المشروبات ساخنةً أو باردة حسب ذائقة من يهوى شربها في تلك اللحظة!

فإن "البووك فيستفل" كذلك كان يحمل نفس الصفة في معرض الكتاب الدولي مسقط 2023، وبالأغلب كل المكتبات العالمية التي تحتوي على المواليد الأدبية المختلفة التي ولدتها عقول المؤلفين والمفكرين والكتاب والقاصين والروائيين في مجالات التنمية البشرية الإدارية المباشرة، والصقل للنفس البشرية وتهذيبها بطريقة غير مباشرة بوضع الحبكة والعبرة في قصة أو بإثارة المشاعر في رواية، أو برفع القدرات الحوارية للقارئ عن طريق الحوارات بين الشخصيات...إلخ

ليس هناك كتاب أو إصدار أدبي لا يستحق القراءة، ولكن ذائقة القارئ وحاجته للنوع الذي يقرأه هو ما يُحدد له ماذا سيقرأ وإن كان قارئًا راقيًا فإنِّه لن ولن ينتقد ما لا يحب قراءته لأن هناك أيضًا من لايحب قراءة ما يحب هو قراءته!

وكوني قارئة نهمة قبل أن أكون كاتبة، فإنني أشعر بنفس الكاتب الذي تعودت على القراءة له وإن عدل شاعر بيتًا شعريًا لشاعر آخر أشعر به لأنَّ النكهة تختلف تمامًا فهذه البهارات مثلًا ليست لمرتضى بل هي لسراج! أو في القصة والرواية إذا تم التعديل فإنني كذلك أشعر بأن النكهة هذه وطريقة الطبخة في كرملة البصل لا تعود إلى شمس بل هي لسمية! والأسماء تلك هي لشخصيات خيالية متواجدة في القصص التي تم إصدارها لي للمشاركة في آخر نسختين من معرض مسقط الدولي للكتاب.

نعم دخلت بالعيار الخفيف في أول فرصة للإصدار بعد أن آمنت دار الدراويش بقدراتي فأتيت بمسوادات قديمة جددتها دون أن أفقدها حس الطفولة والمراهقة للكاتبة القديمة، ووقعت عقدًا حصريًا معهم لإصدار أول عشرة إصدارات حصرية لهم، يشمل ترجمة كل إصدار إلى لغات أخرى بدون أن تعترض جدول العشرة.

ومثل التدرج في أي عزيمة عشاء راقية على المستوى العالمي أحببت تقديم المشروبات المنعشة ثم المقبلات لاستحسان الهضم، وأمنيتي أن تحصل كل مسوداتي على فرصة للولادة والطيران في هذا العالم قبل أن أغادره... لتبقى من بعدي.