أطلال دمشقية

 

لينا الموسوي

أخذتني أجنحتي مجددا بعد حرب دامت سنوات طويلة، إلى أقدم عاصمة عربية، حملتني ذكرياتي إلى دروب دمشق وسككها الضيقة التي تعبر عن تخطيط النسيج الحضري للمدينة الإسلامية، الذي يقرأ بوضوح ملامحها الخارجية.

إنها مدينة متنوعة المعالم ما بين قديم وحديث، حضارات متتابعة ومذاهب وأديان مختلفة تطبع بصماتها على هيئة عمارة أصيلة في خطوطها وأحيائها الصغيرة، في أسوارها وقلاعها القديمة، في أبوابها المختلفة مثل باب توما وباب شرقي، مداخل لحارات متداخلة محافظة على نسيجها الاجتماعي. بصمات معمارية تنوعت في مساجدها ومزاراتها، في كنائسها وأديارها، حاملة ذكريات وتأريخ لأزمنة مختلفة.

بصمات دمشق تتميز بماهيتها وحياتها عن جيرانها من الدول العربية لكونها تمتلك طابع حضارة بلاد الشام، والتي تعتبر متفردة في بنائها من حيث بيوتها الحجرية ذات الفناءات المفتوحة والمنظمة بتلقائية معمارية فطرية انعكست على تقوية النسيج الاجتماعي الذي بدوره ساهم في تشكيل شخصية خاصة لرسم ملامح المدينة الدمشقية.

توقفت أجنحتي مذهولة حاملة عقلا مليئا بذكريات جميلة وقلبا يسامره فرح وعشق لتاريخ عريق؛ لتجد مدينة توقف نبضها، بعد أن هجرها سكانها وخلت حاراتها، مدينة تاركة رداءها، فتعرى أطفالها، مهزوزة أبوابها، مثقبة جدرانها، مدمر بناؤها، خرابة أرضها.

دمشق التي أطبقت فاهها، تغيرت معالم معمارها من شابة ضاحكة باسمة أيامها إلى باكية بائسة على حالها، مؤلمة أحوالها. لا أملك كلمات لأصف به خرابها، لكن كلي أمل أن تعود ضاحكة راقصة أيامها داعية دائما لها.

تعليق عبر الفيس بوك