أيام شامية

السعادة قرار

 

أمينة أحمد **

في المناسبات السعيدة تتجمع الأسرة العربية عامة والشامية خاصة لتتشارك الفرح والسعادة والسرور والكل يتقاسم جزءا من الفرح والسعادة حسب مفهومه له، بعض الفتيات يعبرن عن ذلك بارتداء الفساتين الجميلة الجديدة وبعضهن تزداد سعادتهن بالغناء والرقص، ربّما الأمهات يعبّرن عن سرورهن بتحضير ما لذَّ وطاب من الطعام والحلويات.. والأطفال يستعدون للعب والهدايا، ويكون الشباب بأزهى حلة وأحسن حال يضحكون ويتبادلون الأحاديث المبهجة وأحيانا يرقصون ويمرحون بالغناء كالفتيات.

هكذا كانت السعادة تبدو على بساطتها في تلك الأيام الخوالي وهي في الحقيقة أبسط من ذلك هناك أشياء كثيرة تجلب لنا السعادة دون عناء أو تعب. وهنا نتحدث عن السعادة الذاتية المرجوة والمتحققة للإنسان بذاته ومن خلال سلوكياته.

إنها السعادة يا سادة يا كرام كثرت فيها الأقوال والأشعار فقد قال فيها غاندي: السعادة هي عندما يتوافق فكرك وقولك وفعلك.. ففي ثمانينيات القرن العشرين حصل تحور في مسار علم النفس، وتضاعفت أعداد الأبحاث المنشورة عن السعادة والأمل والرضا عن الحياة بمقدار أربع مرات عن سابقه. وقد ترجم العلم لنا وجود بعض الناس الذين يبتسمون بشكل دائم من حولنا وقد نلحظهم ونتعامل معهم في حياتنا اليومية، ويتّسمون بالتفاؤل تجاه المستقبل، وحتى عند تعرضهم للمشاكل التي قد يضطرب فيها الإنسان العادي نجدهم متماسكين، وينظرون للجانب المشرق من الأحداث التي يمرون بها، فهل السعادة أمر منوط ببعض الأشخاص دون غيرهم؟ وما سبب سعادة هؤلاء الأشخاص؟ هل السعادة أمر شخصي بالمجمل أم أن العوامل الخارجية تلعب دورا مهما في سعادة الإنسان؟

في الحقيقة أكد العلم أن السعادة عبارة عن مجموعة من الخصائص والسمات والأفكار والسلوكيات ذات الطبيعة الإيجابية والتي تنعكس في مختلف جوانب حياة الفرد الأسرية والشخصية والمهنية والاجتماعية.

فالسعادة أولاً وأخيراً قرار نتخذه في صباح كل يوم لمنح أنفسنا فسحة من الأمل وقليل من الرضا بالقضاء والقدر... لنعلم أن القادم أجمل مهما ضاقت السبل... السعادة قد تكون برسالة صباحية تحمل الكثير من الود لنا... وقد تكون بمساعدة معنوية منحناها لشخص عجوز في يومنا... أو ابتسامة نرسمها على وجه طفل صغير ربما بقطعة حلوى صغيرة... أو أن نردد بعض الكلمات اللطيفة لإنسان بائس في محيطه. السعادة حب واحترام يبدأ لأنفسنا وينتهي بالآخر ذلك الاحترام الذي يجعلك تبتسم بوجه زميلك بالعمل... ذلك الاحترام الذي يمنعك من قولٍ مؤذٍ لجارك.. والأهم أن نتعامل مع الأمور في محيطنا بروية ونؤمن دوماً أن كل مر سيمر ولا شيء مستحيل من حولنا لكننا نحتاج للوقت وبعض العزيمة في أغلب الأحيان.

نعم هكذا تعلمنا من أجدادنا وآبائنا أن السعادة سلوك نكتسبه ببعض المهارات الحياتية اليومية البسيطة والخالية من التصنع والتملق. وقد أكد ذلك العلم بكل أبحاثه المنوطة بذلك في علم النفس أن التدريب على مهارات الحياة بالإضافة إلى ممارسة أنشطة معينة ومقصودة يؤدي إلى زيادة مستدامة في مستوى شعور بالسعادة. وقد توصلت الأبحاث إلى أن التعبير عن الشكر والامتنان يزيد من شعور الفرد بالسعادة ويساهم في بناء العلاقات الاجتماعية، ويؤدي التعبير عن الامتنان إلى تخفيف المشاعر السلبية مثل الغضب والحسد، كما أن غرس التفاؤل المناسب وغير المضخم يهيئ الإنسان مسبقاً للتصرف بطرق مفيدة وبناءة في مواقف محددة.

السعادة عبادة، فمن منَّا لا يحمل هموم وأعباء وآلام ومشاكل في حياته... من منَّا يعيش في المدينة الفاضلة؟ فعندما تضحك رغم مشاكلك… فلتعلم أنك في حضرة السعادة.

** كاتبة سورية

تعليق عبر الفيس بوك