جدلية "قائمة المجيدين"

أصيلة بنت سليمان الشيادية

جدلية تبدأ في نهاية كل فصل دراسي مع السعي لتحديد قائمة المجيدين في كل مدرسة، فكيف سيتم الاختيار؟ وما الآلية المتبعة؟ ومن ستشمل هذه القائمة (الأفراد)؟

فكل إدارة مدرسة تقوم بصياغة تعريف خاص بها لهذه القائمة، فالبعض يحدها بعشرة طلبة من كل مرحلة؛ بدعوى مادية بحتة، فهي لا تملك كإدارة تكريم أكثر من هذا العدد ماديا، وهذه معضلة أكبر وهي إقران الإجادة ولوحة التميز بالتكريم المادي، فبعض المدارس يفوق عدد طلبتها 1300 طالب لأكثر من 10 فصول لكل مرحلة، فتأتي قائمة المجيدين لتشمل الطلبة الحاصلين على 99٪ وجزء من طلبة 98٪؛ بمعنى أن تكون حاصلا على 98.7٪ فتكون ضمن آخر القائمة. أما الطالب الحاصل على 98.6٪ فيكون خارج القائمة؛ أي ليس من المجيدين، ولكم أن تتخيلوا كمية الإحباط والضيق والإنكسار التي يصاب بها الطالب وأسرته. وأيضا ممكن ألا يشمل عددا من الفصول هذا التكريم بسبب أن نسبة الطالب الحاصل على المركز الأول في هذه الفصل أقل من آخر طالب في قائمة العشرة. ومدرسة أخرى عدد طلبتها أقل من 400 طالب تشمل قائمة العشرة على طلبة حاصلين على نسبة 80٪، وهنا يختل تعريف درجة التميز والإجادة.

بعض الإدارات ترى أن تكرم الطلبة الثلاثة الأوائل لكل صف بغض النظر عن الترتيب الأعلى والأقل على مستوى المرحلة. ومن وجهة نظر أخرى أن كل صف يستحق أن يتكرم طلبته الأوائل فيه بغض النظر عن الفروقات في النسب بين كل صف وآخر حتى يشمل التكريم كل الفصول، واختيار ثلاثة فقط، رغم أنه ممكن أن يكون الثلاثة بنفس النسبة والفروق بينهم درجة؛ وذلك أيضا لأسباب مادية بحتة. ومن الممكن أن يكون الصف ضعيفًا في المستوى التحصيلي، فيكون الطلبة الثلاثة الأوائل غير حاصلين بالأصل على درجة الامتياز.

هذه النماذج أسوقها على سبيل المثال وليس الحصر في تعريف كل إدارة لقائمة المجيدين، ومن تشملهم وهي من واقع بيئاتنا المدرسية.
هذه الإشكالية والاختلاف في قائمة المجيدين لها الكثير من الآثار  النفسية والاجتماعية والتحصيلية على الطلبة المجيدين التي لم تسمح القائمة بدخولهم فيها، كما إن لها تأثيرًا سلبيًا في علاقتهم بأقرانهم الذين قد تفرق بينهم أجزاء من العشرة في الدرجات.

قد لا يلتفت البعض والكثير من الإداريين والتربويين لهذه التأثيرات السلبية على الطلبة المجيدين من خارج القائمة؛ كونهم جميعًا خارج نطاق التأثير، فلم يتطرق أحد منهم لقياس هذه التأثيرات أو دراستها، ومن الطبيعي أن تبقى الجدلية قائمة ومستمرة نهاية كل فصل دراسي.

من المعلوم في الحقل التربوي والمتفق عليه في تحديد المستويات التحصيلية للطلبة أن درجة الامتياز محصورة بين (٩٠ - ١٠٠) سواء على مستوى  المادة الواحدة أو كل المواد، وقد تنقسم درجة الامتياز إلى مستويين ( +أ ) من الدرجة ٩٥ - ١٠٠ ، ( -أ ) من الدرجة ٩٠ - ٩٤، معنى ذلك أن درجة التميز محددة تحديدًا تاما.

لذلك يتطلب الأمر من المسؤولين في الحقل التربوي وإدارات  المدارس، وقفة جادة لهذا الأمر وإيجاد صياغة منصفة وعادلة لكيفية ترتيب هذه القائمة والمستحقين أن يكونوا فيها؛ فالطالب المتميز من حقه أن يكون ضمن قائمة المجيدين وأن يفتخر أهله ومعلموه به، وعدم إقران قائمة الاجادة بالتكريم المادي الذي قد لا يعني للطالب شيئا (فالهدية يمكن ألا تتعدى مصروفه اليومي).

وكمقترح يمكن أن تُقسَّم هذه القائمة إلى قائمة الشرف بالمدرسة الحاصلين على ( +أ ) وقائمة المجيدين  الحاصلين على ( -أ )، وتُكرَّم ماديًا الفئة الأولى، بينما يُكرَّم بشهادات تقدير طلبة الفئة الثانية؛ إذ من الضروري جدًا الالتفات لهذا الموضوع وإعطاؤه قيمة وأهمية كبيرة، والبحث والدراسة في الآثار المترتبة عليه.

تعليق عبر الفيس بوك