الكلمة العُمانية!

المعتصم البوسعيدي

كثُرَ الحديثُ عن بطولةِ كأسِ الخليجِ الخامسة والعشرين التي أُقيمت في "أرض بصرة"، الأميرةُ التي غزلت ضفائرها حتى حدود القمر، لكن ثمة "هرج ومرج" لم يترك مجالًا لأقلامنا دون أن تكتب وجهة نظرها- ربما- بعد أن هدأت النفوس، لنأخذ العبرة والدروس، ولعلَّ فيما نكتب صوابًا من خطأ يُقال.

العراق كان الغاية والوسيلة؛ الغاية التي أفرحت القلوب بعودة النبض-ولو نسبيًا- لأرض الحضارات العظيمة وإنسان الأمجاد الشامخة، أما الوسيلة فهي كُرةٌ منفوخةٌ تنطوي على فرحةٍ لم تستطع وسائل شتى أن تغسلنا بماءِ الرافدين المبارك، فتدفق الحب واجتمع الخليج والعرب من الخليج إلى المحيط، ونقطة آخر السطر دون مزايدات ولا مجاملات.

نحنُ في عُمان كنَّا- دائمًا- اليد مع الجماعة، وجذرونا تشربت بنصرة الأخ واجبًا لا منة، ومواقفنا ليست بحاجة لإعادة فتح كتاب يعيدنا إلى ما قبل مائة عام، فهذا العدد من الأعوام -والقرن- لا نحسبه تأريخًا قط، بقدر ما نعده حاضرًا لا زلنا نتنفسه، فنحن البذور والجذور، وثمارنا سقيت بماء المكرمات النبوية، ورويت بشهادة "ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ"، ولو وقفنا على المنبر لصمتت الألسن وأطرقت الرؤوس، وما زال جابرنا يتضوعُ بعبقِ ربيعنا ليحكي عن فراهيد سمتنا وعهدنا "من كرامِ العربِ"، وهذه البحار شاهدة على قطعنا للسلاسل والأغلال عن المظلومين، كما وأنها شاهدة على جحيم غضبنا الحارق لكلِ مستبدٍ وظالم.

وقبل أن ينحرف المسار عن طريقه، يجب أن نعلم أولًا بأن قضيتنا منَّا وفينا؛ فنحن نحتاج لتقييم ما حدث منذ ما قبل بداية بطولة الخليج وإلى ما بعد النهاية؛ فخيارات برانكو عجيبة غريبة، وأداء دور المجموعات عليه ألف علامة استفهام، وإذا كان مدير منتخبنا صرح بأنَّ العبرة بالنتائج، وأن الأداء "ما وكلنا عيش" في المونديال العربي ولا في تصفيات المونديال العالمي، فماذا يقول بعد خروجنا بالفضة وترك الذهب لأصحاب الدار؟ ولا تثريب علينا فقد "خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ"، ثم نأتي على من يتمنى خسارة منتخبه حبًا في الآخر، فلا يبلغ الغرام -وإن كان قد وجب- هذا المبلغ "غير المقبول" وأنت ما أنت عليه؛ مدربًا لمنتخب وطني يعول عليك تعليم الفريق معنى الفوز، وترسيخ لغة النصر تحت كل الظروف، على أنَّ هذا الغرام أصابَ الشيخ المخضرم، فسمعنا منه قصة الفيلم الذي لا نهاية سعيدة له إلا بفوز أخ- محدد- دون أخيه الشقيق، "ولربما كلمة قالت لصاحبها دعني" فيا أيها الشيخ "لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه" فقد أوغلت في الطعن لابنك "الكريم" لكلمةٍ قالها، فكيف بنا إذ نحاكمك على قولك؟ لكنما لساننا في اتحادنا معقود، وقد "آثرنا على أنفسنا وبنا خصاصة" فتمرد الكريم علينا قبل الليئم، "فلا نامت أعين الجبناء".

جماهيرنا- يا اتحادنا العزيز- تستحق معاملة كريمة عادلة، فقد ذهبت وحيدة في المطارات وعادت، وجلست حزينة على المضامير وهامت، طموحها ناصية فُرط بقيادها، أما حُلمها الآتي فيقع في بنية حديثة -كالآخرين- تسر الناظرين، ودوري متطور يجذبها ويصقل ويرفع من قيمة اللاعبين، وأن يقدر العطاء لأهله ولو بكلمة "كلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد" لا تجعلوها لقمة سائغة، وهي لا تريد أكثر من حقها، ونحن أصحاب الحق، وسلامنا وعفونا هو سلامٌ وعفو القوي الأمين، وقبل أن أختم أذكر نفسي وغيري بأن "الدشداشة والمصر العُماني" رزانة وضبط نفس وحكمة وقول حسن وفعل يورث للأجيال.