منتخبنا الوطني.. بطل لم يتوّج

 

◄ "الأحمر العماني" لعب بروح قتالية في النهائي الأفضل بتاريخ "كأس الخليج"

الرؤية- وليد الخفيف

سطر منتخبنا الوطني لكرة القدم ملحمة كروية رفيعة المستوى على إستاد جذع النخلة بالبصرة، أمام 100 ألف مشجع عراقي، في نهائي مثير وتاريخي هو الأفضل في تاريخ بطولات الخليج منذ انطلاقتها عام 1970، لينال وصافة "خليجي 25" بعدما أحرز المنتخب العراقي الفوز بعد 35 عامًا من التتويج بآخر ألقابه عام 1988.

ورغم خسارة الأحمر العماني للقب الخليجي في الوقت القاتل من زمن الشوط الإضافي الثاني، إلا أنه ضرب أروع الأمثلة في الروح القتالية والأداء الفني العالي والدفاع عن ألوان الوطن، ليكون بطلا غير متوج.

وخاض منتخبنا اللقاء مؤمنًا بإمكاناته، ماضيًا قدمًا بكل ما أوتي من قوة لإسعاد جماهيره متحديًا الصعاب وقاهرا للتحديات، ليواجه وبكل شجاعة جماهير حاشدة داخل الملعب وخارجه، متجاوزًا حدود المنطق نحو منطقة الجنون الكروي لتشهد البصرة ملحمة كروية سطّرها العمانيون بحبر من ذهب على استاد جذع النخلة.

ولم يتأثر الأداء الفني للاعبين بالأحداث التي سبقت المباراة رغم صعوبتها، بعد أن أحاطت الشكوك حول إقامة المباراة من عدمه، ولاحت سيناريوهات عدة في الأفق منها تأجيل إقامة المباراة ونقلها لدولة محايدة أو إقامتها في يوم آخر بالبصرة دون جماهير، أو إقامتها في نفس التوقيت شريطة أن يستعيد الأمن العراقي سيطرته على المناطق المحيطة بملعب المباراة، مع ضمان فرض سيطرته على المدرجات والجماهير المحتشدة أثناء المباراة. ورغم كل ما حدث، نجح الأحمر في الظهور بشكل متزن وواثقا من أدائه، فلم تشهد تحركات لاعبيه أي ارتباك، فأمسى في درجة تركيز عالية مكنته من فرض أفضليته على أرض الملعب في عدة فترات. واجتهد منتخبنا وكافح حتى عاد للمباراة بعد التأخر مرتين، دون أن يتأثر بإهدار ركلة جزاء، ليعود مجددا لحصار 100 ألف مشجع و11 لاعبا حبسوا جميعا الأنفاس حين أدرك التعادل مرتين قبل أن تغدر به الكرة في الوقت القاتل من عمر الشوط الرابع.

وستظل ريمونتادا عُمان هي الأجمل في تاريخ بطولات الخليج، فالفريق الذي لعب تحت ضغط جماهير هائل، عاد مرتين في الأوقات القاتلة، ليؤكد أن تجاوزه أمر صعب المنال وأضحى رقمًا صعبًا في بطولات الخليج.

ووجه محللون انتقادات لاذعة لبرانكو مدرب منتخبنا الوطني حول قائمة اللاعبين والتغييرات الفنية وإدارة المباريات، وعلى الرغم أن هذه الانتقادات بعضها دقيقة إلا أن المدير الفني تمكن من إزاحة النقاب عن منتخب قوي ومنظم وخصم عنيد.

وتبقى بطولة الخليج في مجملها محفلا وديا، كشف قدرة منتخبنا الوطني على تحقيق أهداف أبعد في بطولة قارية قادمة، وكذلك في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم القادم.

ورهن مراقبون قدرة منتخبنا الوطني على تحقيق أهداف أهم بتطوير يلمس ملف كرة القدم عبر إجراءات يتخذها اتحاد الكرة، يتضمن تطوير المسابقات والاهتمام الفعلي بالمراحل السنية والمضي قدما نحو تطوير مكونات اللعبة (اللاعب والمدرب والحكم والإداري)، تزامنا مع تطوير العمل في الأندية بما يضمن لها موازنات موازية للدعم الحكومي.

ويرى محللون أن بطولة الخليج في مجملها فقدت جانبا من بريقها لذلك شاركت بعض المنتخبات بالصف الثاني مثل قطر والسعودية، تزامنًا مع تراجع الكرة الكويتية والإماراتية فضلا عن التحديات التي تعيشها الكرة اليمنية. كما أبدى مختصون ملاحظات عدة على تنظيم البصرة لخليجي 25، معربين عن استيائهم من التنظيم في لقاء الافتتاح والنهائي، واصفين باقي أيام البطولة بالجيدة، ومنتقدين في الوقت نفسه اتحاد كأس الخليج ومسؤوليه لابتعاد لجانه العاملة عن اللجنة المنظمة.

وذهب المراقبون إلى أن الاحداث التي سبقت المباراة النهائية قد تبدد أي مساعي من اتحاد كأس الخليج العربي لاعتماد البطولة ضمن مسابقات الفيفا والاعتراف بها ووضعها ضمن روزنامتها، لافتين إلى أن تلك المباراة قد تكون حجر عثرة أمام استضافة العراق لمبارياته القادمة في الاستحقاقات الرسمية.

ويرى محللون أن البطولة لم تفصح عن نجوم واعدين كعادتها، باستثناء العراقي محمد بايش أفضل لاعب في البطولة بحسب اختيار اللجنة المنظمة، وصلاح اليحيائي نجم منتخبنا الوطني، وكميل الأسود نجم خط وسط البحرين، تزامنا مع تراجع مستوى كل حراس المرمى في البطولة.

ولم تكشف البطولة أيضًا عن مدرب كامل الأوصاف، إذ ودعت البحرين البطولة وفقدت اللقب نتيجة عدم قدرة البرتغالي هيلو سوزا من تحقيق الانسجام بين اللاعبين وكثرة التغييرات، فضلا عن بعض الملاحظات في القائمة والتغييرات التي أتى بها الكرواتي برانكو ايفانكوفيتش مدرب منتخبنا الوطني، وربما يحتل مدرب المنتخب الإماراتي المركز الأخير بين مدربي البطولة، في الوقت الذي لا يمكن اعتبار البطولة معيارا لتقييم السعودي سعد الشهري وميروسلاف سكوب مدرب اليمن.

ورغم فوز المنتخب العراقي باللقب، الا أن أداءه لا يعكس وضعه الحقيقي بمعايير التقييم الفنية الدقيقة، فالعراق يعاني على مستوى الأداء الفردي والجماعي، ويعيبه منظومة دفاعه التي ترتكب أخطاء ساذجة. وبوصول العراق للقب الرابع، انفرد المنتخب العراقي بالمركز الثاني في قائمة أكثر المنتخبات فوزا باللقب الخليجي، بعد المنتخب الكويتي صاحب الألقاب العشرة.

وشهدت البطولة 15 مباراة، على استادي البصرة الدولي (8 مباريات) والميناء الأولمبي (7 مباريات)، تم خلالها تسجيل 39 هدفا من بينها هدفان ذاتيان بمتوسط 2.6 هدف في كل مباراة. وتصدر قائمة الهدافين لاعبا المنتخب العراقي أيمن حسين وإبراهيم بايش برصيد 3 أهداف لكل منهما، فنال الأول لقب الهداف وحصل الثاني على جائزة أفضل لاعب.

واحتسب حكام المباريات 11 ركلة جزاء خلال مشوار البطولة، سُجل منها 7 أهداف، فيما أهدرت 4 ركلات أخرى. وأشهر الحكام في البطولة 54 بطاقة صفراء، وبطاقة حمراء وحيدة أشهرت في وجه الكويتي حمد القلاف في مباراة البحرين ضمن الجولة الثالثة من مباريات المجموعة الثانية.

واهتزت الشباك في جميع مباريات البطولة باستثناء مباراة الافتتاح بين منتخبا العراق ومنتخبنا الوطني التي انتهت بالتعادل السلبي. ويعد المنتخب العراقي صاحب أقوى خطي هجوم ودفاع في البطولة، حيث أحرز لاعبوه 12 هدفًا، واستقبلت شباكه 3 أهداف خلال 5 مباريات، منهم هدفان من منتخبنا الوطني في النهائي.

تعليق عبر الفيس بوك