البطولة الأغلى

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

تُمثّل بطولة الخليج تجمعًا رياضيًا مُهمًا للدول العربية في جزيرة العرب. ومنذ انطلاقتها الأولى في عام 1970 في البحرين وهي مُستمرة كل عامين حتى إقامتها خلال هذه الأيام في مدينة البصرة العراقية. 

استضافت العراق البطولة لأوَّل مرة عام 1979 وفازت بها، وهذه هي النسخة الثانية التي تقام فيها بعد استبعادها من التنظيم عدة مرات بسبب الأوضاع السياسية والأمنية في الجمهورية العراقية. جاءت البطولة في وقتها تمامًا ورغم أنّها حدث رياضي إلا أنّها في ذات الوقت تحمل دلالات لا يُمكن تجاوزها من عودة العراق بعد الأحداث التي مرّت به خلال العقود الماضية، ولا زالت تداعياتها تلقي بظلالها على هذا البلد الجميل الذي يملك إرثًا حضاريًا كبيرًا أسهم في ثراء الحضارة الإنسانيّة. وما من شكّ أنّ هذا الرصيد الحضاري سيكون دعامة صلبة لعودة العراق مجددًا كدولة محورية في المنطقة.

وهذه البطولة فرصة ذهبية لكسب الثقة في أرض دجلة والفرات وقدرتها على تنظيم المناسبات الرياضية والثقافية ونحوها؛ والتي من شأنها تجميع شعوب المنطقة بعد التجاذبات والعواصف السياسية التي مرت على منطقة الخليج. ومن خلال الأخبار المتواترة التي تصل من مدينة البصرة يتضح لنا جليًا الحب والوئام بين الشعوب العربية، وكرم الشعب العراقي، وترحيبه بالأشقاء في كافة المدن العراقية؛ بل وحبهم لكرة القدم وحضورهم اللافت لتشجيع منتخب بلادهم والفرق العربية الأخرى. فالعراق بلد مضياف يمد يده لأشقائه وهو بحاجة الى الدعم والمؤازرة حتى يتمكن من تخطي المحن التي ألمت به.

البطولة ذات مغزى عميق في تجميع شعوب المنطقة تحت مظلة واحدة، وإن كانت رياضية غير أنّ أبعادها الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ماثلة للقاصي والداني، وهذا الحدث الرياضي له أهميّة خاصة بالنسبة لشعوب المنطقة لا يُمكن التفريط بنتائجه العظيمة، وفوائده الجمَّة بصرف النظر عمَّن يفوز بكأس البطولة، وما تفرقه السياسة قد تجمعه الرياضة.