استهداف مضاعفة مساهمة القطاع في الناتج المحلي 5 مرات

مدير "تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي" لـ"الرؤية": 400 مليون دولار استثمارات بحلول 2030.. ونعكف على تجارب رائدة في قطاعات متنوعة

◄ خطط لتعزيز إسهام الاقتصاد الرقمي بـ10% في الناتج المحلي بحلول 2040

◄ مساعٍ لتحفيز الاستثمار في التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة

◄ عُمان ضمن أعلى 35 دولة في الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي بعد 8 سنوات

الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة من القطاعات الأخرى

 

 

الرؤية- مريم البادية

أكد حمدان بن محمد العلوي مدير دائرة تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، أن البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي يستهدف زيادة المساهمة الإجمالية لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الناتج المحلي لتتضاعف 5 مرات خلال العشرين سنة المقبلة؛ لتصل مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040، مقارنة بـ2% في الوقت الراهن.

وقال العلوي- في حوار مع "الرؤية"- إن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تعمل مع الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص على زيادة مساهمة قطاع تقنية المعلومات مقابل قطاع الاتصالات بنسبة تتراوح بين 30% إلى 35% من خلال تحفيز الاستثمار في التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة كالذكاء الاصطناعي وغيرها، وتوطين ونقل التقنية وريادة الأعمال والابتكار وتسريع التحول الرقمي في الخدمات الحكومية والقطاعات الاقتصادية، حيث يعتبر الذكاء الاصطناعي أحد التقنيات الممكنة للعديد من القطاعات، وبالتالي فإنَّ الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي مرتبطة بالاستثمارات في هذه القطاعات.

وبيّن أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة تعد أهم الأدوات الأساسية لتحقيق الريادة العالمية في جميع الصناعات المستقبلية، وأن الدول تتسابق في هذا المجال لاعتبارات مختلفة، مثل تحسين الخدمات المقدمة للجمهور وتعزيز الأمن الوطني، لافتا إلى أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العمانية بادرت بإعداد البرنامج التنفيذي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة كأحد البرامج التنفيذية للبرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي، والذي يعد التوجه الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المُتقدمة في سلطنة عُمان.

وأشار مدير دائرة تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، إلى أن البرنامج تضمن عدة مبادرات ومشاريع تتعلق بتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في القطاعات التي يمكنها الإسهام في النمو الاقتصادي والأثر الاجتماعي وتنمية القدرات البشرية وضمان حوكمتها بمرونة وفاعلية، حيث يهدف البرنامج إلى وصول ترتيب سلطنة عُمان من بين أعلى 35 دولة في العام 2030م في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي، وزيادة عدد الشركات الناشئة المتخصصة في تطوير وتقديم الخدمات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك تنمية حجم الاستثمارات في هذا الجانب لتصل إلى 400 مليون دولار في 2030 مع زيادة عدد الأوراق البحثية الصادرة من سلطنة عُمان في هذا المجال.

وأوضح العلوي أنَّه بحسب مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي الذي تصدره مؤسسة Oxford Insight، فإنَّ سلطنة عمان تأتي في المرتبة 52 من أصل 181 دولة في عام 2022م، إذا صنفت سلطنة عُمان مع الإمارات وقطر والسعودية من أفضل الدول العربية في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أنَّ الوزراة قامت خلال الفترة الماضية بتنفيذ عدد من المشاريع والمبادرات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة؛ حيث تم إطلاق تجربة في القطاع اللوجستي لتوصيل الطرود بالطائرات المسيرة من منطقة البستان بمحافظة مسقط إلى مجمع خليج مسقط السكن، في ظل إصدار عدة سياسات تتعلق بالذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة مثل سياسة استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وسياسة البيانات المفتوحة وسياسة الحوسبة السحابية أولا، وإصدار الدليل الاسترشادي لإنترنت الأشياء ورخصة استخدام البيانات المفتوحة.

وذكر أن الوزارة تعمل في المرحلة الحالية على تنفيذ عدة تجارب في قطاعات التنويع الاقتصادي كقطاع الطاقة والمعادن وقطاع النقل واللوجستيات بالإضافة إلى تجارب في مجال القطاعات الأساسية مثل الصحة، كما يتم العمل على تحديث السياسات المتعلقة بهذا المجال مثل إصدار النسخة الثانية من رخصة استخدام البيانات المفتوحة وتحديث الدليل الاسترشادي لإنترنت الأشياء، وتحديث سياسة حوكمة البيانات بالإضافة إلى متابعة تنفيذ الخطة التنفيذية للبيانات المفتوحة.

وقال العلوي إن سلطنة عمان تتميز بمناخ سياسي مستقر وتوجه حكومي بالتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط وتبني التقنية في القطاعات الأساسية وقطاعات التنويع الاقتصادي، كما يتم النظر للتقنية بأنها إحدى أهم الممكنات لتحسين جودة أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة وذلك من خلال تمكين هذه القطاعات بتقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تقليل التكاليف وتحسين الأعمال ورفع كفاءتها، موضحا أن سلطنة عمان تتميز بموقع جغرافي متميز يمنحها قدرة للوصول إلى اتصالات واسعة النطاق مع العالم عبر شبكة من الكابلات البحرية، مما يؤهلها لاحتضان العديد من مراكز البيانات التي تعتبر أحد أهم العناصر في منظومة الذكاء الاصطناعي، كما أن سلطنة عمان قد قامت بالاستثمار في شبكات الاتصالات مثل شبكات الجيل الخامس والألياف البصرية وشبكات إنترنت الأشياء مع وجود العديد من مزودي خدمة الحوسبة السحابية المحلية.

وذكر العلوي أن العديد من الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة تقدم خدمات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل الطائرات بدون طيار وروبوتات الدردشة والرؤية الآلية، وعن جاهزية القدرات البشرية العمانية لتطوير منتجات الذكاء الاصطناعي، أشار إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الخريجين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات يمكن الاستفادة منهم وتعزيز قدراتهم في مجالات تخصصية من خلال برامج تدريبية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، مضيفا أن البرنامج التنفيذي يتضمن عدة مبادرات ومشاريع تختص بتقديم برامج تدريب وتأهيل في مجالات الذكاء الإصطناعي والتقنيات المتقدمة، والتي تستهدف تمكين الباحثين عن عمل والموظفين والأكاديميين من المهارات اللازمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، كما إنه يوجد بعض الجامعات والكليات المحلية التي طرحت بعض التخصصات الفرعية المتعلقة بتقينات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة مثل تحليل البيانات وعلوم البيانات وإنترنت الأشياء.

وأكد العلوي قدرة عُمان في التواجد على خارطة الذكاء الاصطناعي العالمي عند وجود صناعة للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في شتى المجالات، وذلك من خلال استقطاب العديد من الاستثمارات الحكومية والخاصة وبناء القدرات وإيجاد بيئة تشريعية جاذبة بهدف تطوير منتجات للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وذلك عبر بناء شراكات ومنظومة تعاون وتكامل بين المؤسسات العامة والخاصة والأكاديمية ورواد الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، لتوحيد الجهود في هذا المجال، وزيادة عدد الشركات المتخصصة والتي تبني خدماتها حول تقنيات الذكاء الاصطناعي، في ظل صدور العديد من الأوراق البحثية وبراءات الاختراع من سلطنة عُمان في هذه المجالات.

وعن التحديات التي تُواجه تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في السلطنة، قال: "أبرز هذه التحديات أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تصل إلى مرحلة النضج التقني، وفي تحديث مستمر وبالتالي فإنَّ تكلفة الاستثمارات في هذه التقنيات مرتفعة مُقارنة بالأنظمة التقليدية، وأيضا تقنيات الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى بيانات ضخمة صحيحة حتى تعمل بكفاءة، وقد يؤدي عدم دقة البيانات التي تغذي أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى فشل تلك الأنظمة، ويوجد تحدٍ في محدودية إتاحة البيانات من قبل مختلف المؤسسات التي يمكن الاستفادة منها في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي أو في الأبحاث المتعلقة بتطوير تلك التقنيات، كما تظهر العديد من القضايا الأخلاقية في أنظمة الذكاء الإصطناعي كالتمييز ضد فئة من البشر، مما قد ينعكس سلبا على مستوى موثوقية هذه الأنظمة وبالتالي عدم تقبل المجتمع لهذه التقنيات"..

ولفت إلى أن البرنامج التنفيذي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، يتضمن العديد من المبادرات التي تعالج التحديات المذكورة، حيث يتضمن آلية لجذب وتوطين الاستثمارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في القطاعات الأساسية وقطاعات التنويع الاقتصادي، ومبادرات لتعزيز القدرات والكفاءات المطلوبة في هذا المجال سواء المتعلقة بتوفير المهارات التقنية أو المهارات التشريعية، وكذلك آلية لسن التشريعات والقوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة ومراجعتها متى ما تطلب ذلك برؤية محورها الإنسان وبالأخذ في الاعتبار التحديات الأخلاقية في أنظمة الذكاء الاصطناعي وطبيعة المجتمع العماني.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة