مصير الأبناء بعد وقوع الطلاق

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

humaid.fadhil@yahoo.com

 

 

بعض حالات الزواج لا يكتب الله لها النجاح، وذلك لوجود أسباب عديدة لا يتَّسع الوقت هنا لذكرها، فيتجه الزوجان إلى أبغض الحلال عند الله تعالى، وهو الطلاق، ولكن هذا لا يعني أن يمتد فشل العلاقة الزوجية إلى العلاقة التربوية في ظل وجود أبناء، التي يفترض أن يشترك في مسؤوليتها الزوجان بعد حدوث الفراق.

وهناك مواقف مؤلمة تسجلها الجهات المختصة التي تصل إليها كثير من الحالات التي يتحمل الأبناء عواقبها دون ذنب؛ حيث إن الطلاق في مفهومه الإنساني لا يعني التحول إلى الكره والعداوة بين الزوجين، وإنما ينبغي أن تكون بداية علاقة إنسانية راقية بين الأبوين لتربية الأبناء ورعايتهم بعيدًا عن موضوع الانفصال الذي حدث بينهما.

أحيانًا بعض الأبناء يُعبر بصورة غير مباشرة  عن شعوره المُؤلم تجاه العداوة التي تحدث بين أبويه، منهم من يتغير سلوكه فجأة للانحراف، والبعض يتحول إلى حالة من الحزن الشديد وعدم مُخالطة من حوله، كما أن كثيرا منهم يحدث له تدهور ملحوظ في مستوى تحصيله الدراسي، والحقيقة أن كثيرًا من الأبناء نتيجة هذا الخلاف وعدم التوافق يتعرضون لأضرار نفسية وجسدية، فهل يسعد الأبوان لتحول أبنائهم لمثل هذه الحالات المؤلمة، لماذا نشاهد حربًا عند البعض منهم بسبب من تكون له أولوية الاحتفاظ بالأبناء، دون أن يكون بينهما تعاون وتوافق في موضوع الشراكة في تربية الأبناء.

في هذا الشأن، أشارك غيري من الموجهين والمربين والمرشدين الذين يبذلون جهودًا كبيرة في تقديم النصح والإرشاد، وذلك من خلال هذا المقال الذي أخاطب فيه قلوب الأزواج الذين لم يكتب الله لهم التوافق في العلاقة الزوجية، واختاروا طريق الانفصال وفي ذمتهم أبناء كانوا يومًا من الأيام يجتمعون تحت سقف بيت واحد، أذكرهم بأنَّ الطلاق مع وجود أبناء لا يعني الانفصال وعدم التواصل، عليكم أن تتذكروا أن مستقبل أبنائكم يقوم على حبكم لهم والتعاون من أجلهم، فأبعدوا عنكم همزات ووسوسات الشيطان التي لا يكون معها إلا القطيعة والبغض والكره، لا تكونوا السبب في تدمير وانحراف فلذات أكبادكم.

وأخيرًا.. أقول لأقارب وأصدقاء الزوجين الذي حدث بينهما انفصال، اتقوا الله في كل قول وفعل وتوصية تقدمونها لكل حالة انفصال، فكم من زوج وزوجة تم شحنهم للانتقام والكره من أقرب الناس إليهم، لا تكونوا الوقود الذي يزيد النار اشتعالًا، كونوا محضر خير لا معول هدم وتدمير، فهل يعي الزوجان الجحيم الذي يعيشه أبناؤهم في ظل طلاق يرافقه خصام وحقد ورغبة في الانتقام.

وقبل الوداع نشكر الأزواج الذين قدر الله لهم الانفصال، ولكن بقي فيما بينهم الود والتقدير والاحترام.