365 يومًا سياحة

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

هي حقيقة بكل تأكيد؛ حيث تصلح بلادنا طوال أيام السنة للسياحة، وذلك للتنوع البيولوجي والجغرافي الذي تتمتع به البلاد؛ الأمر الذي جعلها تتميز بمقومات تتيح للسائح الاستمتاع بمقوماتها السياحية طوال العام.

لا شك أنَّ بلادنا تتمتع بالعديد من البيئات على الرغم من طول موسم الحر خلال فصل الصيف، ومع ذلك يبقى التَّفرد الذي خصَّ الله تعالى به سلطنة عُمان جعلها تتمتع بمختلف الفصول طوال العام فقد يجد السائح أجواء الخريف خلال فصل الصيف تحديدًا في محافظة ظفار، وفي عز الحر ومع ارتفاع درجات الحرارة العالية تجد أجواء حوض البحر الأبيض المتوسط في ولاية الجبل الأخضر التي تقع على ارتفاع 3000 متر عن سطح البحر، وتجدها في قرية وكان الساحرة التي تقع على ارتفاع  2000 متر فوق سطح البحر بولاية نخل بمحافظة جنوب الباطنة، وهناك الأجواء المعتدلة ونسيم الهواء العليل تجده في بعض ولايات محافظة جنوب الشرقية؛ كنيابة الأشخرة بولاية جعلان بني بوعلي وجزيرة مصيرة وبعض ولايات محافظة الوسطى، هذا إضافة إلى أن المظاهر الطبيعية الأخرى كالشواطئ والأخوار والسهول والكهوف والأودية والعيون والسلاسل الجبلية والتلال الرملية والصخرية والصحاري وبالطبع لا يمكننا أن نغفل عن ذكر الجزر، وليس هذا فحسب بل إن لدينا تراثا موغلا في القدم يمكننا الاستفادة منه.

وهناك الموروث الثقافي الذي لو تم توظيفه والاستفادة منه لحقق هو الآخر قيمة لهذا القطاع، وهناك العديد من الأماكن التاريخية التي بالإمكان زيارتها في مختلف المحافظات ولدينا القلاع والحصون والأبراج والأفلاج التي بالفعل تستحق الزيارة، وهذا في فصل الصيف، وما أن تهل نسمات الشمال الباردة إيذانًا بدخول فصل الشتاء فإن بلادنا من أقصى الجنوب بمحافظة ظفار إلى أقصى الشمال بمحافظة مسندم تفتح ذراعيها مُعلنة عن فصل السياحة الشتوي.

لكن في المقابل، هل الطبيعة والمباني التاريخية هي فقط ما يجذب السائح؟ هل كل هذا هو ما يجعل من السائح ينفق وهو سعيد؟ أو هل هناك مناشط سياحية حقيقية تجعل السائح ينفق في الأصل؟ أنا شخصيًا أعتقد أن إضفاء قيمة لكل تلك المقومات سيمنح السائح متعة أكبر، فالكثيرون منَّا يُشاهدون توقف الحافلات التي تقل السياح عند المواقع السياحية، وتجدهم يتجولون ثم يغادرون؟ هل هذا السائح قدِم ليأخذ جولة في خمس دقائق؟ هل أتى هذا السائح ليحصل على تعريف عن المكان وتاريخه فقط؟ أعتقد أنَّه علينا أن نجعل لمثل هذه الجولات قيمة أكبر، من هنا تأتي الحاجة لعمل جبار ينهض بالسياحة العُمانية نحو العالمية، نعم يتوجب علينا جذب المستثمر الأجنبي ليستثمر في هذا القطاع، بحسب البرنامج الوطني لجلب الاستثمارات ولدينا استراتيجية سلطنة عُمان للسياحة التي يمتد تنفيذها للعام 2040، ولدينا عدد من المشاريع المعلنة لتطوير القطاع لكن، هل علينا الانتظار؟ بكل تأكيد لا، فتطوير السياحة يحتاج لدعم أكبر، وهنا أنا لا أقصد فقط الدعم المادي ولكن نحتاج لتوجهِ قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لسبر أغوار قطاع السياحة ودراسة ما تحتاجه سياحتنا بالفعل من المشاريع التي يمكن لهذا النوع من المؤسسات تنفيذه والعمل على إقامة سلسة مشاريع تكاملية بواسطة رواد الأعمال تخدم السياحة في مختلف فصول العام، ومن الضروري جدًا هنا التوجه نحو سياحة الترفيه، والتي بدونها لن تكون هناك سياحة حقيقية، كما أن تطوير الأسواق الشعبية وتطوير بعض القلاع والحصون وتحويلها إلى متاحف وإقامة بعض الفعاليات المختلفة حولها سيشكل إضافة نوعية تساهم في الدفع بالحركة السياحية وستضيف لها قيمة أكبر بكل تأكيد.

إنَّ وجود مدن ترفيهية متوزعة على بعض محافظات السلطنة سيشكل مصدر جذب سياحي كبير للسائح من الداخل والخارج، وما نشاهده عند المراكز الحدودية عند كل إجازة رسمية من ازدحام للمركبات المغادرة ما هو إلا لطلب سياحة الترفيه، ونحن بإمكاننا البدء دون أي تأخير، وعندما نتحدث عن الترفيه، فإننا نتحدث عن الفعاليات والمهرجانات والكرنفالات والمعارض، ولكن غير المتمركزة في موقع واحد؛ حيث إن فعاليات خريف صلالة 2022 أثبتت نجاحها بتوزيع مواقع الفعاليات في أماكن مختلفة؛ حيث أتاحت للعديد من الزوار الاستمتاع بما تقدمه، وذلك على عكس السابق عندما كانت متمركزة في ميدان البلدية الترفيهي. وهناك قبل أسابيع مهرجان صحار الترفيهي بمحافظة شمال الباطنة والذي كان متزامنا مع أحداث مونديال قطر 2022؛ حيث كان أحد المحطات التي زارها أكثر من 145 ألف شخص خلال شهر.

قطاع السياحة يوفر الآلاف من فرص العمل ويُعزز مصادر الدخل للحكومة وللمواطن والمقيم على حدٍ سواء فكم من فرص الأعمال التي تتوافر مع إقامة كل مهرجان أو فعالية سياحية.

وأخيرًا.. لا بُد من الاهتمام بقطاع السياحة ولابُد من إضفاء قيمة لكل تلك المقومات السياحية التي تتمتع بها بلادنا، ومن الضروري جدًا أن تتوجه مشاريع ريادة الأعمال نحو الاستثمار في هذا القطاع، الذي يتوجب تكاتف كافة جهود مؤسسات الدولة نحو دعمه؛ فهو ليس مسؤولية جهة وإن كانت صاحبة اختصاص، إلّا أنَّ مصلحة الوطن تدعونا لنكون صفًا واحدًا أفرادًا ومؤسسات.