جهود حكومية للرقابة على إعلانات "التواصل الاجتماعي".. ومتخصصون: "لائحة تنظيم الترويج" أداة فاعلة للحد من "التضليل"

◄ التأكد من جودة المنتج والتراخيص قبل الترويج يقي من المساءلة القانونية

◄ استدعاء المعلن والتاجر والتحقيق معهما إذا فقدت المصداقية

◄ الحراصي: نواجه أي إعلانات مضللة للمستهلكين

◄ المحرزي: لائحة تنظيم مزاولة الترويج تقضي على التضليل والسلع المغشوشة

المشيخي: صدور اللائحة قرار إيجابي يصب في مصلحة المستهلك

◄ نصر: الجمهور يثق في إعلانات وسائل الإعلام التقليدية أكثر من منصات التواصل

الرؤية- أسعد البدري

شهدت السنوات الأخيرة تحول صفحات الكثير من المشاهير عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى منصة للترويج للمشاريع والمنتجات المتنوعة، في خطوة لجأ لها أصحاب المشاريع لاستقطاب أكبر عدد من المستهلكين، إلا أنَّ هذا الأمر تضمن العديد من المخالفات التي يكون ضحيتها المستهلك.

ولذلك، أصدرت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قرارا وزاريا بإصدار لائحة تنظيم مزاولة نشاط التسويق والترويج على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بهدف ضبط عمليات الترويج وضمان النزاهة والمصداقية وعدم التضليل.

 

ويؤكد منتصر الحراصي، مدير إدارة حماية المستهلك بولاية بركاء، حرص الهيئة على تحقيق حرية اختيار المستهلك دون أي تأثيرات تقيد هذه الحرية، مثل الإعلانات الترويجية التي قد تؤثر على إقباله على سلعة بعينها نتيجة هذا الترويج، موضحًا أن وسائل التواصل الاجتماعي وظهور المؤثرين عبر المنصات، كان له تأثير واسع على قرارات الشراء لدى كل شرائح المجتمع.

منتصر الحراصي.jpeg
 

ويضيف أن قانون هيئة حماية المستهلك يقف ضد أي إعلانات ترويجية مضللة، حيث إن المادة (20) من القانون نصت على أنه: "يلتزم كل من المزود والمعلن بالشفافية والمصداقية والبعد عن أعمال الدعاية والإعلانات الزائفة أو المضللة عند الترويج للسلعة أو الخدمة التي يقدمها للمستهلك".

ويشدد الحراصي على ضرورة تأكد أصحاب الصفحات المؤثرة عبر الإنترنت من جودة المنتج قبل القيام بالترويج له، بالإضافة إلى التأكد من وجود التراخيص اللازمة لكل ما يتصل بهذه السلع، وتحديد هوية الإعلان بوضوح وأن  يكون الإعلان مميزًا عما يقدمه عادة من مقاطع على حسابه الشخصي، وأن توجد فواصل واضحة ومحددة بين الإعلان وأي محتوى آخر يرغب في تقديمه، بحيث لا يختلط على المتابع بين المحتوى الشخصي والمحتوى الترويجي، وأن يفصح المُعلن بشكل صريح وواضح أنَّ الإعلان مدفوع الثمن لتجنب المساءلة القانونية فيما بعد وحتى يحفظ حق المستهلك في حرية الاختيار دون تضليل أو خداع.

ويشير مدير إدارة حماية المستهلك بولاية بركاء، إلى أن هيئة حماية المستهلك تستقبل بلاغات ضد إعلانات لمشاهير عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم التحقق من الإعلان الترويجي المنشور والتأكد من محتواه، وفي حال وجود شبهة في مصداقيته يتم طلب المعلن والمزود في آن واحد والتحقيق معهما في الموضوع، وفي حال ثبوت المخالفة يتم استكمال الإجراءات القانونية ضد المعلن والمزود أو أحدهما، مضيفًا أن التصرف في المنتحات المعلن عنها يكون حسب طبيعتها وطبيعة الإعلان وملابساته.

تنظيم احترافي

ويرى الدكتور داود المحرزي خبير اقتصادي وباحث في التشريعات الاقتصادية، أن صدور لائحة تنظيم مزاولة نشاط التسويق والترويج من قبل المؤثرين، جاء لينظم العملية التسويقية بشكل محترف، وضمان ثقة المستهلكين في السلع التي يتم الترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، موضحا: "أصبح الكثير من المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي يعملون على نشر وترويج بعض السلع والخدمات بالرغم من عدم  وجود مصداقية لها، ويكون الهدف من ذلك هو الحصول على مبالغ مالية مقابل الترويج، وعدم الالتفات إلى جودة المنتج ويكون بذلك المستهلك هو الضحية".

الدكتور داوود المحرزي.jpeg
 

ويضيف أن قرار اللائحة جاء في وقت مناسب للحد من الإعلانات المزيفة والسلع المغشوشة التي يروج لها بعض المشاهير، كما أنها ستخلق نوعا من التنظيم التسويقي وضبط الأسواق، حيث إن القرار الوزاري اشترط ضرورة الحصول على الترخيص، وذلك لأنَّ العملية التسويقية لها تأثير على الاقتصاد، كما أن القرار سوف يُعزز من الشفافية والمصداقية في الإعلان والترويج للسلع، وسيساهم في تجنب بعض الممارسات غير الأخلاقية وسيعزز من الحوكمة والرقابة على هذه الصناعة وما ينتج عنها من تعاملات مالية، وسيحمي المستهلك والاقتصاد من بعض التصرفات التي قد تؤثر عليهما، بالإضافة إلى أنه يعزز من قيمة ضرائب الدولة وحماية مصالحها.

ويقول الدكتور محمد بن عوض المشيخي، أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام، إنَّ هذه الخطوة جاءت في وقتها؛ حيث تضمن القرار نقاطًا إيجابية تتمثل في السماح لأصحاب السجلات التجارية بالترويج لمنتجاتهم فقط وعدم السماح بترويج منتجات الغير، وأنه على مشاهير التواصل الاجتماعي التقيد بهذه اللائحة فيما يخص نشر وتسويق الإعلانات بما يتناسب مع الشروط الصادرة.

الدكتور محمد المشيخي.jpeg
 

غير أن المشيخي يستدرك بالقول: "هناك العديد من النقاط غير واضحة بخصوص المنتجات الطبية، كما هو الحال في مطبوعات القانون والنشر الذي يؤكد عدم السماح للذين يروجون للأدوية في وسائل الإعلام في السنوات الماضية بدون ترخيص من وزارة الصحة، ولم يذكر بالاسم وزارة الصحة ولكن اللائحة ذكرت جهات الاختصاص، لكن بشكل عام الخطوة جيدة، ولم نرَ في اللائحة ضرائب لأنَّ هذه المؤسسات الفضائية لم تكن ملكا لجهة حكومية ويفرض عليها الضرائب، وعدد الذين يعملون في هذا القطاع في سلطنة عمان قليل والسوق الإعلاني ضعيف بشكل عام".

ويوضح الدكتور حسني نصر، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة السلطان قابوس، أن الإعلانات بمختلف أشكالها سواءً الإلكترونية أو الورقية أو الإذاعية أو التلفزيونية، يجب أن تخضع لضوابط تحكمها حتى لا تؤدي إلى خداع الجماهير أو تقديم رسائل إعلانية مضللة، مشيدا بصدور هذه اللائحة التي تنظم عملية التسويق والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

البروفيسور حسني نصر.jpeg
 

ويعتقد نصر أنه على الرغم من التأثير الكبير للمشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثرة الإعلانات والسلع المروجة عبر هذه المنصات، إلا أن الجمهور يثق بشكل كبير في الإعلانات التي تبثها وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والإذاعات والتلفزيون، لأنها تعتمد على ضوابط وقواعد تتضمن المصداقية والشفافية والابتعاد عن التضليل، مضيفاً: "لن نقول وداعًا للإعلام التقليدي في هذا المجال، لأنه له حصة من الإنفاق الإعلاني في دول العالم ومنها سلطنة عُمان، كما أن لجوء بعض المؤسسات للتسويق الإلكتروني لأن معظمها مؤسسات صغيرة أو متوسطة، بينما المؤسسات الكبيرة تلجأ إلى وسائل الإعلام التقليدية لنشر إعلاناتها والتسويق لخدماتها ومنتجاتها".

تعليق عبر الفيس بوك