من القادر على تحدي القدرة؟

 

د. أحمد العمري

لاحظنا جميعًا كعُمانيين تعرُّض سلطنتنا الحبيبة الغالية للعديد من الأعاصير والأنواء المناخية التي تكون بعضها قاسية بلا رحمة ولا هوادة، وفقدنا أعزاء غالين على نفوسنا جميعًا، ولكن لا نقول سوى قدَّر الله وما شاء فعل.

ونعلم جميعًا أنَّ موقعنا الجغرافي المميز وبما فيه من تميزات، إلا أن له بعض السلبيات؛ فوقوعنا في فوهة المدفع القادم من المحيط الهندي سواءً عبر بحر عمان أو بحر العرب ومن خلفهما المحيط الهندي، يجعلنا نتعرض بين فترة وأخرى لأعاصير شديدة، تعددت أوقاتها وتسلسلت أحداثها واختلفت أسماؤها والتي انتهت بإعصار "شاهين" لا أعاده الله.

وفي كل مرة هناك من يوجه اللوم إلى مؤسسات الدولة على عدم كفاءة البنية الأساسية وعدم التهيؤ لمثل هذه الأحداث وسوء التعامل معها ونزيد ونفتح المجال من خلال الباب المفتوح وعبر وسائل التواصل الاجتماعي للنقد والتجريح؛ بل ونصل أحيانًا إلى الاتهام بالفساد لمسؤولينا وسوء التدبير وعدم أخذ الحيطة والحذر.

وتعج منصات التواصل الاجتماعي عندنا بالنقد اللاذع والاتهام والظن السيئ غير المبرر لمن هم موجدين في خدمتنا وتقديم أفضل ما يمكن لإسعادنا وهنائنا، لكن عندما نرى أن الكوارث تحصل في شرق الدنيا وغربها، ولا يقدر كائن من كان التصدي لها أو منعها أو وقفها أو الحد من خطورتها، فيجب أن نرجع ونسأل أنفسنا عن المآلات والوقائع والحقائق.

لقد حدث مثل هذه الأنواء المناخية في آسيا وأوروبا وأمريكا، وهنا يجب أن نمر على العاصفة الثلجية التي مرت بالولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام، وأودت بحياة ما لا يقل عن 63 شخصًا، وهي الدولة المهيمنة على العالم والمعروفة بأقوى دولة في العالم، ومع ذلك لم تتمكن من حماية مواطنيها؛ لأن القدرة الإلهية لا غالب لها، ولا يوجد على ظهر الأرض من يقدر أن يتحدى هذه القدرة، ولله في خلقه شؤون.

كذلك ما حدث في الدول الشقيقة والعزيزة كما حدث في دولة الإمارات العربية الشقيقة وكذلك في العزيزة المملكة العربية السعودية، وآخرها فيضانات مكة المكرمة عاصمة المسلمين أجمع وقبلتهم الموحدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ونرى العالم أجمع، وبالأخص الإخوة والأشقاء المسلمين والعرب وبالذات الأشقاء الخليجيين، مؤمنين بقضاء الله وقدره ومحتسبين ما حلَّ بهم عند الله... فيتوجب علينا أن نعقل ونفهم؛ بل ونقتنع تمامًا أنه لا يُمكن لأي بشر مهما بلغ علمه ووصل في قوة نفوذه أن يقدر يتحدى القدرة والاقتدار وما عليه؛ سواء الإيمان الصادق بقضاء الله وقدره وأن يحتسب ذلك عند الله رب العالمين.

إنني هنا لست بصدد الدفاع عن الحكومة، لكنني أقول كلمة الحق بلا مواربة أو تأويل عندما تحل أنواء بالبلد، فيجب أن نتلاحم جميعًا حكومة وشعبًا، ويجب أن نتعاون ونتعاضد في لحمة وطنية واحدة، كما هو معروف عن العمانيين عبر العصور والدهور والتاريخ والأزمنة.

وإن كانت هناك بعض المطالب الاجتماعية أو المعيشية؛ فلنرجئها إلى ساعة اليسر، لكن عند الشدائد فنحن حكومة وشعبًا قوة واحدة لا يفتك لحامها ولا يضعف عزمها ولا ينال منها مغرض.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.