ليالي الشتاء

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

شتاءٌ يمر بأقصى مساحات الحنين في قلوبنا ليحفر علاماته في الأضلاع، وحبات برد تتواصل في سقوطها بين ممرات وأزقة الليل العتيم، تنطفئ الإنارة ويسيل تيار من البكاء وحزن من الخوف وأشياء مُبعثرة.

كنت أعتقد أن هذا العام سيكون أفضل وستتحقق فيه إنجازات على مختلف الأصعدة لكنها الأرقام وماذا تفعل بنا؟ مع ذلك ما زلتُ أرى ذلك النور القادم من البعيد، ذلك الحلم النائم على أطرائف أرصفة الأماني يقول: ها أنت تقترب وها أنت قريب فقط.. اجتهد وثابر وتحرك وأبدأ بشحن طاقاتك فأمامك عام قوي مليء بالإنجازات المهمة والتي ستضاف إلى قائمة ما حققته سابقًا، لكن إيّاك واليأس.

ورغم ذلك النور الذي أراه بعيدًا أتفكر وأستذكر : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا إذن كل شيء مكتوب الناس والشخوص والأحداث وما يجري حولي قد كتبه الله أن علي السعي والمواصلة والاجتهاد وعندما تتهيأ الأسباب ترى النور بوضوح أكبر وكأنه كوكب مشع وأُتمتمُ: سأصل!

كم حلمنا وكم تمنينا في كل عام أحلاماً لم يشأ لها الله أن تتحقق في ذلك الوقت ولا ندري إن كنَّا سنراها واقعًا مدركا أو ستبقى أحلاما في مخيلتنا وسينقضي عمرنا بها، لكن الركب يسير وأنت متسمر مكانك منذ سنين طويلة ومصاب بحالة إحباط كبيرة وأن هذا العمر الذي أعطاه الله لك يمضي وأنت لاتزال كما أنت تحلم وترى نفسك في مكان أفضل غير أنك في الوقت ذاته تشاهد المُحيطين بك وقد مضوا سريعًا ولكنك لا تعلم الحكمة من كل هذا التأخير في حياتك سوى التعب والتمني والترجي والانتظار.

رسالة مُبهمة...

إليك أشكو بثي وحزني وقلة حيلتي إليك وقد ضاقت بي السبل والأرض بما رحبت إليك وقطار العمر يمضي إليك يا الله كل المنى والرجاء والأحلام المعتقة إليك يا ربي تلك الأماني الحزينة.

تساؤلات...

هل سنجني ثمار التعب الذي رافقنا طيلة السنوات الماضيات؟ هل سنربح القضية التي حلمنا طويلًا بكسبها؟ هل سنفرح بالتقاط صورة للحلم؟ هل سنراه واقعًا؟ هل وهل وهل؟

إجابات...

نعم، سنجني ثمار التعب ثمار الجهد والأيام والليالي الحزينة التي بكينا فيها طويلا وسنربح القضية التي طال التمني بانتهائها والفرح والانتصار بالفوز وسنلتقط تلك الصورة مع الحلم المعتق وسنراه واقعاً بقوة البصيرة وبجهد السنين.

إنَّ أيام الشتاء التي نعيشها ودخول سنة ميلادية جديدة يشعرنا بطاقة إيجابية مختلفة إذ تحمل الأمل والبشرى السعيدة والسرور رغم كمية الطاقات المختلفة التي لن تؤثر سلباً فمعدل الإيجابية مرتفع والحمدلله.

بشرى...

الحياة التي نحلم بها ستتحقق في الجنة، وإن هذه الحياة الدنيا حتى لو بلغنا فيها أعلى المراتب، فإننا مفارقون، ولن تنفعنا تلك المنزلة التي وصلنا لها؛ بل سينفعنا العمل الصالح والاجتهاد في سبيل نشر كلمة الحق، وانتصارنا الحقيقي يكمن في نشر الرسالة وأداء الأمانة، والمحافظة كل المحافظة على تعاليم ديننا الحنيف، وعدم الانخراط خلف ما يحدث من بدع، ولا ننسى أن نقاطع تلك الفئة التي جعلت من نفسها مثالًا للإيجابية لكنها في الحقيقة مثالًا للانحطاط والتردي، وما تقوم به لا يشبهنا كمسلمين؛ فارتداء الحجاب ليس حرية شخصية إنما هو فرض من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وإن كل من ننجر خلفهم ممن لا يخافون الله، بمثابة مضيعة للوقت، ولنسخِّر أوقاتنا للعبادة وذكر الله والتقدم في العطاء من أجل دارٍ لا نموت فيها أبدًا.

"رُفعت الأقلام وجفت الصحف".