الأديب والإعلامي العراقي يكشف جانبا من مسيرته الإعلامية والأدبية

منذر عبد الحر لـ"الرؤية": الأدب العماني تطوّر كثيرا.. والرواية تجسد فكرة روحية وتحكي تفاصيل الحياة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ سماء عيسى اسم متوقد إبداعا

◄ استفدت من نقد تجربتي الشعرية واكتسبت ثقة أكبر بسببها

◄ الأعمال العربية لا تترجم بالشكل الذي يجعله قريبا من اهتمام القارئ الغربي

◄ هناك ظواهر سلبية وحالات لا يمكن للشعر أن يمسك بتفاصيلها

◄ الصحافة علمتني كثيرا من المزايا الكتابية

◄ الصحافة الإلكترونية "فورة عابرة" سرعان ما تزول

◄ سعيد بالطلبة الذين تناولوا تجربتي في رسائل ماجستير ودكتوراه

 

 

 

الرؤية- ناصر أبوعون

يمتلك الأديب والإعلامي العراقي منذر عبد الحر، إنتاجا إعلاميا وروائيا زاخرا طوال مسيرته، بالإضافة إلى العديد من الجوائز التي حصل عليها، فهو حاصل على على شهادة البكالوريوس في الإعلام من جامعة بغداد، وعمل في الصحافة الثقافية منذ عام 1990، وشارك في مهرجانات عديدة وحلقات دراسية نقدية في بغداد ودمشق وعمان والجزائر، وشغل منصب عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وأمين الشؤون الثقافية 11 عاما، ويشغل حاليًا منصب مدير تحرير جريدة "الدستور" اليومية.

ومن إنتاجه الروائي: "زائر الماء"، "طقوس الإثم"، ومن مجموعاته الشعرية "قلادة الأخطاء"، "تمرين في النسيان"، "قرابين"، "شجن" "قرابين العش الذهبي"، "على حصان خشبي"، كما أنه نال جائزة الدولة للإبداع في مجال الشعر عن ديوانه "تمرين في النسيان". وفي حوار مع جريدة "الرؤية" تحدث منذر عبد الحر عن بعض الجوانب في مسيرته الإعلامية والأدبية.

تقف الكثير من علامات الاستفهام أمام نتاجك الأدبي تغيب إجابتها عن المتابعين، كيف ترى ذلك؟

علامات الاستفهام ربما تأتي من خلال تنوع الاشتغال الإبداعي، لأنها تثير في المتلقي رغبة لمعرفة المبررات الفنية والثقافية لهذا التنوع، وأنا أحيل الأمر لطبيعة الموضوع الذي أتصدى له، فلا يمكن للقصيدة أن تحتوي كل انفعالاتي وأفكاري وتأملاتي، هذا جانب والجانب الآخر أيضا ينعكس على الشكل الفني للقصيدة، حيث إنني مازلت أكتب جميع الأشكال، ولهذا الأمر أيضا مبرر موضوعي يتعلق بالغاية التي يتوجه إليها النص الشعري، وعلى كل حال فإن علامات الاستفهام ستتلاشى عند التعمق في التعامل مع أي نص أكتبه.

هناك فجوة زمنية بين روايتي "زائر الماء" و"طقوس الإثم"، وماذا أضاف الشعر لإنتاجك الروائي؟

أنا لستُ ساعيا لنص معيّن، فالرواية الأولى كتبتها قبل صدورها بثلاثة أعوام- صدرت عام 2005- وكانت تجسد فكرة روحية عميقة، ومواجهة إنسانية مع الحرب، حاولت فيها أن أبث تفاصيل الحياة التي عشناها، والشخوص التي تعاملنا معها، وكذلك الأسرار والأوهام التي تجتاح حياة الكثير منا، أما الرواية الثانية- صدرت 2012- فقد جاءت إثر خروجنا من التغيير الذي اجتاح الوطن وعمق جراحه، وخلف آثارا اجتماعية قاسية، نتجت عنها ظواهر سلبية وحالات لا يمكن للشعر أن يمسك بتفاصيلها.

فالرواية فن التفاصيل والتأمل وبث الأفكار بأسلوب فني حكائي محبب، وهكذا مع روايتي الثالثة غناء سري، التي طبعت ثلاث طبعات وستطبع طبعة رابعة، لأنها جاءت لتروي قصص حب وحياة سرية في المدن والأهوار التي رصدت فيها حالات لم يسبق لأحد من الكتاب أن تعامل معها بهذا التفصيل، وأنا الآن أكتب رواية جديدة من عمق الواقع الذي نعيشه، أما الشعر ومدياته التعبيرية وخياله فبقي معي ملازما ليومياتي، أفادته الرواية في سحب التفاصيل منه وتنقيته من كل ما يخفف من توتره الذي أسعى للحفاظ عليه كي لا ينزل إلى منطقة التقريرية والاسترسال التي لا أريدها لقصيدتي، أما لغة الشعر فقد حرصت على أن تحضر في الرواية لأنها تعطيها بعدا جماليا مضافا، أما ما قالته الرواية فهو مختلف عما أراده الشعر، فالرواية تنسج الأحداث بكل تفاصيلها أما الشعر فيومئ ويشير ولا يفصح بشكل مباشر.

ماذا أعطت الصحافة لإبداعك وماذا أخذت منه؟ وهل الصحافة الورقية قادرة على الصمود؟

الصحافة هي مهنتي التي أحبها وأعيش منها، وهي مهنة جميلة رغم متاعبها، وقد علمتني الكثير من المزايا الكتابية، منها الدقة في التعبير، والتعامل مع القاموس الإعلامي المناسب لكل قضية أو فكرة، وأيضًا تعلمت منها كيفية السيطرة على إيقاع الأفكار من أجل بثها في جسد مقال أو موضوع يتطلب مساحة محددة في الجريدة. أما  قضية الأخبار وتحريرها والتعامل معها، فتتطلب مهارة وحرفية عالية ومهنية في الصياغة الواضحة المفهومة التي لا تحتمل المجازات في أغلب الأحيان.

وبخصوص الصحافة الورقية وتأثير الصحافة الإلكترونية، أرى أن سيادة الصحافة الإلكترونية "فورة عابرة" سرعان ما تزول ويعود العالم للتعامل من جديد مع الصحافة الورقية لأنها الأكثر ثباتا والأعمق تأثيرا، وهذا الأمر تلمسته من خلال عملي اليومي، حيث لا يقبل معظم الكتّاب أن أنشر مادته في الصحافة الإلكترونية بل يسعى لأرشفتها من خلال نشرها في الصحافة الورقية، أنا لا أخفي أن التحدي كبير، لكن على العاملين في الصحافة الورقية أن يصبروا، فمآل الأمر سيكون لصالحهم حتما.

ما السر وراء استبعاد الشعر العربي من قائمة نوبل؟

فوجئت بحصولي على جائزة الدولة للإبداع في الشعر عن مجموعتي "تمرين في النسيان"، وهي المرة الأولى التي تمنح فيها مثل هذه الجائزة المهمة لمجموعة قصائد نثر، وقد مثلت لي وللوسط الثقافي العراقي أمرا في غاية الأهمية لأنها إشارة طيبة لتحول وجهة نظر السلطة الثقافية التي كانت متشددة تتعامل بحذر مع هذا التوجه من الكتابة الأدبية.

وفيما يتعلق بطبيعة جائزة نوبل وكيفية تعاملها مع الأدب العربي، فالأعمال العربية لا تترجم بالشكل الذي يجعلها قريبا من اهتمام القارئ الغربي، وهنا أوجه لومي للمؤسسات الثقافية المهتمة بالترجمة، لأنها تضع معايير وتختار نماذج لا تثير الدهشة التي ينتظرها المتلقي من عوالم الشرق وحياة العرب وتعبيرهم عن أدبهم، هم يريدون روح مجتمعنا في نصوصنا الأدبية، لكن معظم الذي يترجم لهم بعيد عن هذه الروح، لذلك لا يلقى الصدى المناسب، والذي يستحق فيه الكاتب هذه الجائزة العالمية الأهم، وأنا أستبعد القول الذي يضع الأمر في خانة السياسة ومؤثراتها، بل الأمر في نقلنا لأدبنا للثقافات الأخرى، علينا تفهم هذه الظاهرة والتعامل معها بجدية ومسؤولية.

لك دور بارز داخل اتحاد كتاب وأدباء العراق، فكيف نستطيع كعرب توسيع رقعة التعاون الثقافي للتأثير عالميا؟

أحب أن أوضح أننا نعمل في الاتحاد عملا جماعيا رائعا، وهو يتوزع على الحرص على أداء دور كل منا ضمن مسؤوليته المحددة في العمل، والحمد لله استطعنا أن نقدم نشاطات لافتة ومهمة، على الرغم من قلة إمكانياتنا وغياب الدعم لنا من أية جهة حكومية أو غير حكومية، نحاول تقديم ما يخدم أدباءنا وكتابنا لأنهم وضعوا أمانة العمل الثقافي والمهني في أعناقنا، أما عملنا مع الاتحادات العربية فهو أمر في غاية الأهمية، ونحن منفتحون على الجميع وهناك اتفاقيتان ثقافيتان تم توقيعهما مع اتحادي عمان وسوريا، وقد تم تفعيلهما من خلال الأسبوع الثقافي الرائع الذي أقيم لأدباء عمانيين في بغداد مؤخرا، وما زلنا نسعى لتعميق نشاطات أخرى مع اتحادات الوطن العربي كله، لتتكامل الصورة الثقافية والإبداعية التي نهدف للوصول إليها.

ما أهم الملامح التي وضع النقاد أيديهم عليها في تجربتك الشعرية؟

النقاد أفادوني كثيرا وأثروا ملامح مهمة من تجربتي الشعرية، وأنت منهم حين كتبت عن قصيدتي دراسة في غاية الدقة والمهارة والرصد، وكذلك النقاد الآخرون الذين بدأ إصغائي لهم منذ أول قصيدة كتبتها، وانتبهوا فيها إلى أسلوبي في الكتابة، مما جعلني أنتبه إلى صياغات مُعينة وعيوب استطعت تجاوزها، وهي إشارات احترافية دقيقة شذبت جملتي الشعرية، وأكسبتني ثقة وكذلك مسؤولية مضافة في أن كتاباتي مرصودة من قبل عيون وأذهان ومتابعات دقيقة عميقة، وعليه أحيي جميع النقاد والأكاديميين الذين كتبوا عني، وكذلك أحيي الطلبة الرائعين الذين درسوا تجربتي كرسائل ماجستير أو دكتوراه، وأنا فخور بكل كلمة قيلت بحق تجربتي لأنها علمتني الكثير، ومازلت أتعلم من رصد النقاد لتجربتي.

كيف تقرأ مستقبل مشهد الشعر عمانيا وخليجيا؟

بصراحة، إن الأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص في الخليج العربي وفي عُمان تحديدا، تطور تطورا لافتا مفرحا وقد قدم أسماء وتجارب تفخر بها الثقافة العربية، وسماء عيسى اسم متوقد إبداعا، ولي وقفة طويلة مع هذه التجربة وتجارب عُمانية أخرى، لأنها تستحق منا الرصد والمتابعة والاحتفاء أيضا.

تعليق عبر الفيس بوك