انتخابات بلدية استثنائية

 

سالم البادي (أبو معن)

 

تنطلق يوم الأحد 25 ديسمبر 2022 انتخابات المجالس البلدية (الفترة الثالثة) عبر تطبيق "أنتخبُ" من خلال الهواتف الذكية، وذلك لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وهذه خطوة متقدمة ومتطورة قامت بها وزارة الداخلية، وتمثل نقلة نوعية في استخدام التقنيات الحديثة المتطورة، بما يُعد خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040".

وفي ظل حرص الحكومة الرشيدة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- في تسخير كل ما من شأنه تحقيق التنمية المستدامة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية وغيرها.

لا بُدَّ أن نشيد بجهود الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية الموقرة في نشر الوعي وتثقيف المواطنين حول طبيعة الاقتراع بهذه الوسيلة الحديثة الجديدة والتي تطبق لأول مرة في سلطنة عُمان، .فقد قامت الوزارة مشكورة بشرح وتوضيح خطوات التصويت" عبر الهواتف الذكية عبر قنواتنا الإعلامية المختلفة.

ويأتي حرص الوزارة على تطبيق أفضل وأنجع الممارسات الرقمية المتطورة تقنيا، وتسخير وتعزيز استخدام التقنيات المتجددة في العملية الانتخابية لتسهّل على الناخبين الإدلاء بأصواتهم بانسيابية ويسر وأقل جهد، وتبسيط وسرعة وسهولة إنجاز العملية، ودقة وجودة في الخدمات الإلكترونية.

وستتم عملية التصويت في تمام الساعة السابعة صباحًا وحتى السابعة مساءً عبر تطبيق "أنتخبُ" والذي يُعد تحولًا رقميًّا متطورًا في عالم التقنيات الحديثة، وسيكون نقلة نوعية في العملية الانتخابية؛ إذ سيُسهل العملية الانتخابية ويوفر الوقت للجميع؛ حيث صُمم تطبيق "أنتخبُ" وفق معايير متطورة تقنيا وأمنيا مع الأخذ في الاعتبار سرية التصويت للناخب.

وتتمثل أهمية انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة في أنها جاءت بعد تعديل وتحديث قانون المجالس البلدية الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (126/ 2020) والمعدل بموجب المرسوم السلطاني رقم (38/ 2022) الذي ساوى في تمثيل الولايات بحيث تمثل كل ولاية بعضوين اثنين في مجلس المحافظة ويتم انتخابهما عن طريق الاقتراع السري المباشر. ومعنى ذلك أن القانون طبق مبدأ المساواة بين الولايات داخل مجلس المحافظة ما يضمن تحقيق العدالة والتوازن في التنمية المحلية بين الولايات في حالة اللجوء إلى عملية التصويت على القرارات التي يتخذها المجلس. كما إنها تتزامن مع زيادة اختصاصات أعضاء المجلس البلدي وإعطائهم صلاحيات أكثر وأوسع عمَّا سبق.

وتأتي هذه الانتخابات مع توجه الحكومة الرشيدة نحو تمكين الإدارة المحلية؛ حيث مُنح نظام المحافظات والشؤون البلدية الشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، وحدد لكل محافظة ميزانية مستقلة يتم رفدها من المخصصات التي تحددها الدولة ومن موارد أخرى، كما إنّ المحافظ مُنح اختصاصات واسعة في نطاق محافظته، إلى جانب إشراك أبناء المحافظة في ترتيب أولويات احتياجاتهم، ويمنحهم الفرصة في صناعة القرار الوطني.

أخي الناخب.. عليك مسؤولية كبيرة وعظيمة ومفصلية، فاختيارك وتصويتك للعضو المنتخب يجعله مُساهمًا في صنع القرار لخدمة وتنمية الولاية، ولا شك أنك ترجو منه العمل وبذل الجهد والعطاء والإخلاص للنهوض بالقطاعات التنموية المختلفة للرقي بولايتك وتحقيق طموحات وآمال المواطنين، وهنا تأتي مدى ضرورة انتخاب الشخص المناسب ذو الكفاءات والخبرات والقدرات الوطنية القادر على صناعة القرار لخدمة وطنه وولايته.

لذا أخي الناخب أنت مستشار مؤتمن في اختيارك للعضو الممثل لولايتك وبعيداً عن المحاباة والمحسوبية.

وفي هذا السياق نقترح بعض المهام للمجلس البلدي الجديد، منها: إعداد الخطط والبرامج التنموية للمحافظة وتحديد أولوياتها، وتشكيل لجان دائمة أو مؤقتة من بعض أعضائه؛ لتولي مهمات محددة، أو دراسة موضوع معين، وأن يتولى مسؤولية تعديل الأنظمة واللوائح الجديدة، المتعلقة بالخدمات البلدية. وأن يعمل المجلس البلدي على جذب وتشجيع وترويج الاستثمار المحلي والأجنبي في ولايات المحافظة. وأن يسعى لتفعيل ودعم الأعمال التطوعية المجتمعية والوقوف بجانب مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز مكانة العمل التطوعي، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وأن يتولى مهمة إعادة تأهيل ومعالجة جميع الطرق والشوارع الداخلية بالولايات ووضع ميزانية خاصة لها لاستدامتها. والعمل على الاهتمام بالمحافظة وتطوير الأودية وتصريف المياه للاستفادة من هذه الثروات الطبيعية. وإعادة النظر في بعض القوانين والتشريعات المتعلقة برسوم وخرائط البناء والطراز المعماري؛ بما يتواءم وتطورات العصر مع الحفاظ على الطراز المعماري العماني والتراث الشعبي. وإعادة النظر في كيفية تطوير الأسواق الشعبية والحث على الحفاظ على طابعها المعماري ودعم وتشجيع المواطنين على الاهتمام والعمل فيها. وإعادة تخطيط وتطوير الأراضي الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية؛ بما يعود بالنفع للوطن والمواطن. ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

لقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- أن الانتقال بسلطنة عُمان إلى مستوى طموحات وآمال المواطن في شتى المجالات "سيكون عنوان المرحلة القادمة". كما يؤكد المقام السامي حرصه على تبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات الرؤية المستقبلية وأهدافها، والعمل على مراجعة السياسات الحكومية مراجعةً شاملةً بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية، واهتمامه بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وتطبيق مبدأ اللامركزية.

ومن هنا وجب علينا كمواطنين أن نطبق هذه الشراكة الحقيقية في صناعة القرار الوطني والمساهمة والمشاركة في بناء وطننا العزيز من خلال القيام بمسؤولياتنا وواجباتنا، وأن نواصل العمل والإنتاج لازدهار بلادنا سلطنة عمان نحو آفاق أوسع وأرحب ونحو مزيد من التميز والنماء.