قانون استثمار رأس المال الأجنبي

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

 

من أبرز مرتكزات رؤية "عمان 2040" خلق قطاع خاص متمكن يقود اقتصاد تنافسي مندمج مع الاقتصاد العالمي؛ ويعمل على توفير بيئة أعمال جاذبة للاستثمار (المحلي والأجنبي) تمارس فيها الحكومة الدور التنظيمي المقترن بكفاءة إدارية ناجحة من أجل رفع مستوى الكفاءة الانتاجية في الجانب الاقتصادي للسلطنة.

وهنا في السلطنة تقوم وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وبتوجيهات حثيثة من معالي قيس بن محمد اليوسف الموقر وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ، بجهود كبيرة لدعم قدرات قطاعات التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وتطويرها والارتقاء بها لمواكبة التطور الهائل الذي يعيشه عالم اليوم. كما تعمل الوزارة على تشجيع الاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي بما يتَّفق مع خططها واستراتيجياتها في النهوض بالسوق المحلي أو فتح منافذ تسويقية جديدة في الأسواق الاقليمية والدولية.

إضافةً إلى مضي وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قدمًا نحو الرقي بقطاع رأس المال من  خلال التطوير المستمر للسياسات العامة للوزارة، والذي يتمثل في إعداد الدراسات وسن التشريعات اللازمة وتنفيذها بشكل فعال، والذي من شأنه العمل على تقديم خدمات متكاملة تعزز بيئة الاستثمار الأجنبي، كما يعمل على دعم العلاقات التجارية محليًا وإقليميًا ودوليًا، ويحقق تنمية اقتصادية مستدامة للسلطنة. إضافة إلى تهيئة بيئة جاذبة ومناخ اقتصادي وتجاري آمن للقطاع الخاص ليسهم بشكل إيجابي في تنمية الاقتصاد الوطني، وليقوم بدوره الريادي المنوط به الخاص بتوفير فرصَ عمل للشباب العماني.

ومن أجل تحقيق ذلك أصدرت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قانون استثمار رأس المال الاجنبي في الأول من يوليو 2019 بموجب المرسوم السلطاني رقم (50/ 2019).

وفي الآونة الأخيرة، كثفت الوزارة جهودها للتعريف بقانون استثمار رأس المال الأجنبي في أوساط التجار ورواد الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب من خلال عدة ورش وملتقيات في بعض المحافظات تضمنت قراءة في قانون الاستثمار؛ حيث حرص المتحدثون من جانب الوزارة على إبراز أهداف القانون والفوائد الاقتصادية المرجوة منه وأهم الحوافز التي سيوفرها للمستثمر والضمانات التي تضمن حق المستثمر والجزاءات الإدارية والعقوبات التي تضمن تنفيذ القانون بالشكل المرجو له، وأهم ما تضمنته اللائحة التنفيذية للقانون، والفرق بين القانون واللائحة التنفيذية. فقد تم إصدار قانون استثمار رأس المال الأجنبي ليحقق عدة أهداف لعل أبرزها تعزيز مكانة السلطنة كوجهة استثمارية قادرة على استقطاب رأس المال الأجنبي، ويعزز تنافسية السلطنة في المؤشرات الدولية عبر المنظومة التشريعية التي تنظم ممارسة الأعمال.

ويهدف أيضًا إلى تبسيط الإجراءات ومنح التصاريح اللازمة لبدء استثمار أجنبي داخل السلطنة من خلال مركز خدمات الاستثمار بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

 

 

ومن أهدافه كذلك توسعة قطاعات الاستثمار للمستثمر الأجنبي لتشمل مشاريع استراتيجية تسهم في تحقيق التنمية، ومنح مزايا وحوافز لجذب الاستثمار الأجنبي إلى جانب منح المستثمر الاجنبي الضمانات اللازمة لمشروعه الاستثماري. كما إنه يسهم في توفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية، ويعمل على تحسين تصنيف سلطنة عمان في المؤشرات الدولية ذات العلاقة.

وبالرغم من تأخر تنفيذ هذا القانون الذي كان من أبرز معوقات دخوله حيز التنفيذ هو جائحة كورونا التي عصفت بالعالم منذ بداية عام 2020 ولم يتعاف العالم منها إلا بعد سنتين تقريبًا بعد أن أثرت سلبًا ليس على الاقتصاد المحلي في السلطنة فحسب بل انعكست تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي وأسقطت الكثير من أركانه؛ ولكن الآن صار الوقت مواتيًا للبدء في التنفيذ الذي سيمهد له بتوفير الممكنات التي تعمل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على توفيرها لضمان أن يحقق هذا القانون الأهداف المنشودة التي وضع لتحقيقها والتي لعل من أبرزها إنشاء الصالة الواحدة أو المحطة الواحدة التي سوف تستقطب نوافذ تمثل كافة الجهات الحكومية التي لها علاقة بمنح تصاريح مزاولة الاستثمار ليتمكن المستثمر من خلالها المستثمر الحصول على ترخيص مزاولة الاستثمار في مدة لا تتجاوز 20 يومًا على أقصى تقدير.

إن قانون استثمار رأس المال الاجنبي في حلته الجديدة يتماشى مع أفضل الممارسات الاقتصادية، حيث يحقق جملة من الفوائد الاقتصادية من بينها أن المحافظات والولايات الأقل نموًا ستحظى بالتحسين والتطوير في جانب الخدمات والمشاريع من خلال تأسيس مشروعات سياحية وخدمية عالية المستوى. ومن فوائده أيضًا نقل التكنولوجيا ومن بينها تكنولوجيا الخدمات والاتصالات، كما أنه يقدم دعمًا مناسبًا لقطاع اللوجستيات (النقل والموانئ البحرية)، ويعمل على الاستفادة المثلى للمواد الخام التي تزخر بها السلطنة.

مما لا شك فيه أن كل دول العالم تتنافس لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية؛ والسلطنة تخطو اليوم خطواتها الأولى في هذا الطريق الطويل؛ ولعل ما يجعلنا متفائلين بالنجاح في تحقيق هذا الهدف المهم رغم وقوع السلطنة في نطاق اقليمي يتسم بتنافسية كبيرة في هذا الشأن الاعتماد على ممكنات ونقاط قوة يأتي في مقدمتها امتلاك السلطنة لكل المقومات التي تساعدها للظفر في هذا السباق.