رسالة السلام من جامع السلام

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

بتكليف سامٍ من حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- افتتح معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، جامع السلام بولاية بوشر، والذي جمع في ليلة افتتاحه وتحت قبته جمعًا من المُسلمين من المواطنين والضيوف، يتقدمهم عدد من المسؤولين، وحشد غفير من المصلين بمختلف أطيافهم وألوانهم ومذاهبهم، في رسالة جديدة من عُمان المحبة والسلام إلى العالم أجمع، تقول إنَّ التربة العمانية الطيبة لا تُنبت إلا طيبًا وعُمان الطيبة ستبقى طيبة، لا تعرف إلا السلام والمحبة والوئام بين الجميع، وستبقى هكذا إلى يوم يبعثون.

إنَّ الملفت في الجامع المذكور، أنه شُيّد وبني بمعايير ومواصفات عالية الجودة، مستوحاة من التراث العماني الأصيل، على مساحة بناء تقدر بنحو 12820 مترًا مربعًا، وبمواصفات هندسية وفنية ازدانت بالكثير من التفاصيل الجميلة والأنيقة التي تليق باسم الجامع المذكور، كالقاعة المخصصة لصلاة الرجال والتي تتسع لـ1500 مصلٍ، وتعلوها قاعة مخصصة للنساء تتسع لـ1000 مصلية تقريبًا من النساء، وقاعة أخرى متعددة الأغراض للرجال تتسع لـ1600 شخص، وقاعة أخرى متعددة الأغراض للنساء تتسع لـ1600 شخص، وسكنٌ مناسب خُصص لأئمة المسجد. كما يتميز جامع السلام ببوشر بالأنظمة الحديثة والمتطورة للصوتيات وأجهزة المراقبة وغيرها من الإمكانيات والتجهيزات العصرية والحديثة.

وقد شيد جامع السلام المبارك بمباركة سامية ويد سخية وكريمة من لدن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- وبمُساهمة واسعة من المؤمنين، وهذا ليس بغريب على السلطان الراحل، فقد كان- طيب الله ثراه- يهتم دائمًا ببناء الجوامع والمجالس التي تجمع الناس ولا تفرقهم، والتي من خلالها يعلو صوت الحق وتُزهق كلمة الباطل. ويعد جامع السلام اليوم كأول جامع على أرض السلطنة الغالية يعتمد على الطاقة المتجددة كجزء من مصادر الطاقة لمرافق الجامع، وذلك من خلال نصب الألواح الشمسية الكهروضوئية المتطورة والحديثة التي وضعت على سطح الجامع والمكونة من 216 وحدة بطاقة 465 واط لكل منها، بحيث تولد محطة الطاقة المذكورة في المتوسط 14500 كيلو واط في الساعة الواحدة لكل وحدة شهريًا.

ويبقى الجامع والمسجد في الإسلام هما ملتقى المسلمين لعبادة الله تعالى، وليستطيع المسلمون فيها تعلم أحكام دينهم وعقيدتهم، والتعرف على تأريخهم العريق، وذلك من خلال إقامة الدروس والمحاضرات التوجيهية والإرشادية، والتي تقع مسؤوليتها على عاتق العلماء الأكارم وأئمة الجوامع والمساجد. يقول أمير البيان وسيد الكلام الإمام علي بن أبي طالب "الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنَّة، فإنَّ الجنة فيها رضا نفسي، والجامع فيه رضا ربي". وقال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ".

وللمسجد الدور الفاعل في الإسلام في اكتساب المناعة الوطنية والاجتماعية التي يحتاجها الفرد في مجتمعه ليقي نفسه ومن حوله من الأخطار المحدقة به؛ بل ويحافظ على القيم والمبادئ والتي من أهمها استقرار الوطن والدفاع عنه.

اليوم ينضم جامع السلام إلى بيوت الله والجوامع التي تنتشر في مدن وولايات السلطنة، والتي لها دورها الفاعل في التنمية الروحية والثقافية للفرد والمجتمع العماني، ويبقى جامع السلام واحدًا من إنجازات العصر الزاهر التي نفخر ونفاخر بها، والتي شهدتها وتشهدها الأرض العمانية المباركة يومًا تلو الآخر.. تلكم المنجزات التي لا تتوقف في شتى المجالات، وتعد من الثوابت التي أكد عليها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مستمدًا ذلك من إرث عُمان الأصيل ونهضتها المعاصرة، إذ حققت عُمان الكثير من التطورات في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية؛ ما أسهم في تعزيز النهضة العُمانية المتجددة ازدهارًا وتطورًا، أدى إلى تشييد أركان دولة قوية وعصرية شعارها السلام والمحبة والوئام.