مونديال الكرامة العربية

 

عبدالله الفارسي

لستُ رياضيًا ولكني أحبُ أن أقضي ساعتين لمُتابعة أي مباراة مُمتعة، تنسيني مشاكلي ومصائبي وتمسح همومي وتزيل غمومي.

ومنذ بدء المونديال، وأنا اقرأ أشياءً غريبة وعجيبة حول المونديال وكواليسه وكوابيسه.. أشياء غالبًا يندى لها الجبين وأحيانًا ينصع فيها الجبين ويرتفع؛ فالذي يحدث الآن ونراه ونسمعه يعكس لنا تمامًا انهيار المنظومة الأخلاقية في العالم الغربي. انهيار الإنسان كمخلوق يفترض أن يكون ساطعًا ولائقًا وشريفًا. الإنسان كمخلوق مميز ومُكرم ومبجل، وليس حيوانًا متوحشًا يفترس الأصغر والأضعف. الإنسان كمخلوق يحمل رسالة أخلاقية وسلوكية طاهرة في حياته لا كمخلوق ممسوخ منحرف وضال.

*****

صربيا

صربيا الجمهورية التي أدانها كل سكان الأرض، واشمأزت من جرائمها الجبال والبحار والبهائم، يُعلق لاعبوها علمًا في غرفهم وأماكن تواجدهم في المونديال، علمٌ يشيرون ويُعلنون من خلاله بأن كوسوفو المُسلمة ما زالت لهم! متجاهلين تمامًا 900 ألف مسلم بريء تعرضوا للإبادة الجماعية بسبب طلبهم للحرية ونشدانهم للكرامة.

مدربون ولاعبون في منتهى الخسة والتدني الفكري وموت الوعي والضمير، دولة قدمت 900 ألف روح من أبنائها لتعيش بسلام وتمارس عبادتها وعقيدتها بحرية ولتؤسس دولتها بطريقتها ومنهجها وفكرها ومبادئها. وهذا طبعاً مرفوض من الطاقم الصربي والحثالة التي يسحبها معه.

فتعسًا لكم من مخلوقات، ولتحيا كوسوفو مسلمة شامخة إلى قيام الساعة رغم أنوفكم وأنوف أعوانكم.

*****

الألمان

من أغرب المهازل التي رأيتها وتابعتها في المونديال هي مهزلة الألمان، فقد كنتُ احترم الألمان واعتبرهم شعبًا متقدمًا أخلاقيًا ومرتفعًا سلوكيًا وصاحب مبادئ وله كلمته وشرفه ووقفته ورسوخه. لكني نسيتُ "التاريخ الهتلري" الذي مسخ الشعب الألماني وجعل منهم شعبًا يستمرئ المهانة ويستعذب الذل ويلعق الدناءة.

وزيرة الداخلية الألمانية تدخل الملعب لمشاهدة مباراة منتخبها وهي تعلق شعار المثلية الجنسية؛ لتؤكد للعالم دعمها للفجور بطريقة قوم لوط، وتؤكد للحيوانات والبهائم تفوقهم على أمثال هؤلاء، وتدعم بذلك إباحة سلوك تشمئز منه الحيوانات وترفضه كافة المخلوقات.

ألمانيا الذليلة المؤيدة لكل تعاليم الماسونية والملتزمة بكل مبادئ الصهيونية العالمية والداعمة سنويًا بالمليارات للصهاينة، تسقط في الحضيض وترفع علم المثلية الجنسية وتدوس على كل تلك الإنجازات والاختراعات والإبداعات، لتخترع صناعة جديدة تقوم على الإباحية الشاذة وعدم الاعتراف بالفطرة الإنسانية وتحارب دولة قطر في كل إذاعاتها وإعلامها الفاسد، معتقدة بأن العالم مريض نفسيًا مثلها، وأن المثلية الجنسية التي تنادي بها ستصبح قاعدة أخلاقية وصناعة ألمانية عالمية وأن شرف العالم سيُداس وأن ضميره سيدفن لأجل عيونها.

ألمانيا لم تنظفها ولم تؤدبها أمطار وسيول العام الماضي ولم تجرف من قلبها الدناءة والنجاسة والشذوذ؛ فهي تنتظر ما هو أكبر من ذلك لتستيقظ من غيها الكبير وفسقها الصريح.

فسحقًا لكم.. "وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

*****

بريطانيا

بريطانيا دولة الاستعمار الأولى ودولة الاستعباد وصاحبة أكبر سجل إجرامي أسود في احتقار الإنسان ودهسه وقتله وسلخه. بريطانيا إمبراطورية الرق الكبرى وصاحبة أكبر عمليات سرقة البشر من أوطانهم وبيعهم في مختلف أصقاع العالم. بريطانيا الآن تتشدق بحقوق الإنسان.

بريطانيا الدولة التي لا يختلف عليها اثنان أنها مؤسسة الاستعمار العالمي وناهبة ثروات الشعوب الفقيرة ومؤسِسة الصهيونية وزارِعة دولة الصهاينة في قلب الوطن العربي، يُبغبغ إعلامها المنحط بانتقاد دولة قطر في منع "الحرية الكحولية" في المونديال!

إنها تريد أن تجعل من الدوحة وفنادقها مواخير لمشجعيها الأسوأ سلوكًا في عالم الرياضة والتشجيع.. بريطانيا تريد أن تكسر زجاجات الخمور على أرصفة الدوحة النظيفة الأنيقة؛ ليغسلوا بها بصاقهم وقيئهم العفن، ولتجعل من الدوحة ملهاة وسخرية للمهرجين الإنجليز وأتباعهم.

فلتخسأ حقوق الكحوليين، وليخسأ صهاينة الغرب وثعالب الرذيلة. والعزة للأخلاق والكرامة لدولة قطر وحكومتها.

جواب دولة قطر الحبيبة لدعاة الفحش والمثلية سيخلده التاريخ ولن ينساه الأوروبيون أبدًا. لقد قالت لهم قطر: "في بيوتنا يجب أن تحترموا عاداتنا وأخلاقنا، وحين نكون في داركم فسنغلق أعيننا عن فسقكم ونصمت على فحشكم".

هذا هو الغرب الذين يصهل بحقوق الإنسان وكرامته.. إنهم في الحقيقة يدنسون الإنسان ويدهسون كرامته ويحاولون جاهدين تغيير فطرته التي فطره الله عليها.

"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ" (فُصِّلَت: 53) صدق الله العظيم.