فرحة العيد

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

aha.1970@hotmail.com

يوم يتجلى فيه حب الوطن وتنساب فيه الوطنية رقراقة دون تكلف، تشاهد الطلبة وهم بمختلف مراحلهم السنية الأولى من الدراسة بعفوية وتلقائية وهم يترنمون بالأهازيج الوطنية بملابسهم البيضاء الناصعة وقد تقلدوا سيرة أجدادهم يحملون السيوف ويلبسون الخناجر ويتعممون بالعمامة العمانية وتارة يلفون الشال الأحمر أو الأخضر المرصع بالبياض مكان الخنجر وفي اليد اليمنى يحملون العصا وقد امتزجت الألوان لتشكل لوحة عمانية مميزة ابتهاجاً بالمقدم الميمون على قلوبهم.

إنها فرحة العيد الوطني الثاني والخمسين المجيد؛ الذي يستبشر به العمانيون خيراً خلال مسيرة نهضتهم المباركة والمتجددة ويلتفون حول قياداتهم الحكيمة ويعبرون عن فرحتهم بالأهازيج الشعبية والفلكلورية والقصائد الشعرية الموروثة والمؤلفة المعبرة عن حاضرهم المتجدد، وفق الموروث الثقافي لكل شبر من عمان التي ورثوها كابرا عن كابر، ولاء وانتماء لهذا الوطن العزيز؛ الذي شهد له المؤرخون والرّحالة بالأصالة والطيبة وحسن الملقى والمعشر على مر الزمن بحضارته الضاربة في أعماق التاريخ التي شكلت نسيجاً واحداً متماسكاً ومترابطاً ضد الطامعين.

إن هذه الفرحة لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود وغرسها في قلوب الناشئة لا تأتي بين عشية وضحاها وإنما تأتي عن طريق الواقع والممارسة من خلال التطبيق العملي الذي يشاهدونه ويكتسبونه ويطبقونه لتشكيل شخصياتهم والمحافظة على قيمهم وأصالتهم وموروثهم الماضي.

الدور الذي تقوم به المدارس في ترجمة ذلك عن طريق إقامة بعض المسابقات لغرس الهوية الوطنية في نفوس الناشئة من خلال مسابقة الزّي الوطني للمحافظة على هذا الموروث عبر التاريخ وترسيخ الهوية الوطنية المتفردة بالتطبيق العملي؛ حيث يتقمص الطلبة لباس أجدادهم في ربوع عماننا الحبيبة من مسندم إلى ضلكوت في الجنوب؛ حيث تجد الطفل وهو يمتشق السيف ويلف على خصره الخنجر العمانية والعمامة والمصر العماني كأحد العلماء والشخصيات التاريخية التي كان لها أثر ثقافي وتاريخي يستشفها الطالب ويعتبرها قدوة يقتدى بها هو وأقرانه من الطلبة وتجد الآخر يعتز بتراثه المعنوي غير المادي وهو يقلد لباس رزحة الهبوت لباس أهله في الجنوب والآخر تجده كأحد ربابنة أو نواخذة السفن تقليداً لأهله في الساحل والآخر لباس الفلاح البسيط المتواضع ليرسم صورة له وأقرانه بأهمية عمل المزارع في حقله ليوفر لنا الأمن الغذائي.

إننا نقترح على وزارة التربية والتعليم، ممثلة في مديرياتها المختلفة، أن تجعل هذا اليوم يوماً مفتوحاً لا تحده حدود ولا تقيده قيود؛ لأن ما نشاهده ونلمسه من فرحة عامرة لدى هؤلاء الناشئة وهم بتلقائية وقد تقمصوا أدوار أجدادهم بلباسهم الوطني وهو يعتمرون العمامة والمصر ويلفون الخنجر العمانية في خواصرهم ويحملون السيف والعصا، لحريٌ بنا أن نعتز بهؤلاء الفتية ونغرس فيهم ثقافة المجتمع وقيمه ليتشرب منه ليكون قدوة حسنة لمن بعده ليكون خير خلف لخير سلف ضد العادات الدخلية نتيجة العولمة وتلاقح الثقافات باعتبار أن العالم أصبح معولماً لا تحده حدود ولا تفصله قيود.

تعليق عبر الفيس بوك