قطر والجهود الدعوية

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

حينما ينظر العقل إلى حقائق كثيرة ويتيقن من حقيقتها وعلى أنها هي القاضية والناهية والفاصلة بين الحق والباطل، والخير والشر، وعلى أنها المخرج من الهموم والغموم والأحوال السيئة، كقول الله تعالى "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"، وكقوله "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، وقوله "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".

وهناك أيضًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"، والحديث الشريف "بلغوا عني ولو آية"، وحديثه صلى الله عليه وسلم "كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى! قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى". وقس على ذلك ذاك القول والحديث أن الأمة لا يصلحها إلا الذي أصلح قبلها، وهو وجود الدين في حياة الناس كافة.

ومن هنا فإننا نقف على حقيقة أن صاحب العقل كيّس وفطن عمل لما بعد الموت، وعالم بربه مهتد، وذو تقوى وخوف وورع، وأما غيره فليس كذلك. ومن أولى صفات أهل الإيمان، أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فالله جلَّ جلاله أكد أنه لن ينجو أي أحد منا حتى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكل منَّا مطالب بأن يكون داعية لله تعالى ومسخر جهده وماله ومؤسسته ووقته الحلال لذلك.

وكل وسيلة أنعم بها الله تعالى عليه، فالإنسان إن لم يفكر بالتأسي بسيد الخلق أجمعين، وبأن يكون آمرًا بالمعروف ناهياً عن المنكر، فلقد حكم على نفسه بالهلاك وبطرد الله تعالى له من أن يكون داعية له.

كذلك إن لم يفكر ويعمل لما بعد الموت، فخسارة فيه وخسارة ما عنده إن لم يكن مسخرا لله تعالى  ولخدمة دينه، فنحن مكتوب علينا الفناء والانتقال من هذه الحياة الفانية.

فاليوم عملٌ بلا جزاء، وغدًا جزاءٌ بدون عمل، فسورة العصر يفهم منها أن كل جنس الناس وذات بني آدم في هلاك ونقصان خسارة عظيمة؛ سواء في الدنيا أو الآخرة، إلّا الفئات الأربع التي حددها وذكرها الله تعالى؛ فالدعوة بالمعروف والنهي عن المنكر، واجب على كل مسلم، ودولة قطر الشقيقة وهي تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم وذلك الجمع من الناس، فهمتْ ذلك، ولم يُنسها تجمع الناس من أجل كرة القدم، دورها ومهمتها الأساسية في أن تكون داعية إلى الله تعالى، تعظمه وتجله وتبجله، وما قامت به مدعاة إلى الفخر والاعتزاز، وطريق إلى البهجة والسعادة.

صاحب السُّمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أكد أن الدعوة إلى الله تعالى والتعريف بالإسلام، أهم من كل أموال الدنيا وبهرجتها، فعمل هو وحكومته على أن تكون قطر البلد العربي والإسلامي الذي يتشرف بالدعوة إلى الله تعالى علنًا في كذا محفل عالمي، فكان شغلهم الشاغل قبلًا، ألا يفوتوا هذه الفرصة الثمينة بتواجد آلاف البشر من غير المسلمين عليها، فعكفت تعمل ليل نهار، وكانت الضمائر في أهلها تنوي خيرًا، لذلك وفقها الله وباركها في أن تقام هذه البطولة فيها التي أريد منها أن تكون أولاً بطولة التعريف بالإسلام والدعوة إلى الله تعالى.  ومما يحسب لأمير قطر أنَّ بلاده قامت بعمل عظيم جبار سبقت إليه جميع بلدان العالم الإسلامي؛ حيث استعانت بمركز التعريف بالإسلام بالسلطنة، لتكون الجهود في ذات السبيل موحدة وصادقة.

شكرًا لدولة قطر الشقيقة حكومة وشعبًا أن قدمت في هذه التظاهرة العالمية الدعوة إلى الله تعالى والتعريف بالإسلام أولًا، شكرًا لصاحب السُّمو تميم الخير تميم العز على ما نويته وقمت به.

فكم أسعدتنا يا صاحب السُّمو بهذه الخطوة، فباركك الله تعالى، وجعل هذه الخطوة وما قمتم به في ميزان حسناتكم، ونهنئكم على مركز الدعوة الإسلامي ببلادكم وعلى هذا العمل العظيم، وتأييدكم ونصرتكم لهذا الجهد والسبيل المبارك، جهد الأنبياء والصحابة والرسل، فشكرًا لكم مرات كثيرة، وبالتوفيق لكم دائمًا وأبدًا، والله أسأل أن ينصركم حكومة وشعبًا وبلدًا.

تعليق عبر الفيس بوك