التدخين يحرق أجيال المستقبل.. متخصصون يقرعون ناقوس الخطر لحماية الشباب من "الدخان القاتل"

 تزايد التدخين بين طلبة المدارس يُنذر بمخاطر صحية واجتماعية

 المُدخنات عرضة للإجهاض العفوي ومشاكل في الرضاعة

 "أصدقاء السوء" وضعف الرقابة الأبوية.. من أبرز أسباب تدخين المراهقين

◄  التنمر قد يدفع الطالب إلى التدخين هربًا من سخرية زملائه

◄  انتشار محلات التبغ والدخان داخل الأحياء السكنية يفاقم الظاهرة

◄ العنقودي: التدخين السلبي أشد ضررًا.. ويجب تطبيق القانون بصرامة

◄ الوهيبي: 10.5% من الطلاب مدخنين.. 7.2% منهم إناث

◄ الحمادي: العصبية وتقلب المزاج من مظاهر التدخين بين الطلاب

◄ اليعقوبية: الفهم الخاطئ للحرية الشخصية يتسبب في انتشار التدخين

◄ الحوسني: كثرة محلات لوزام التدخين يساعد على انتشار الآفة

الرؤية- سارة العبرية

يرى متخصصون أنَّ مشكلة التدخين باتت تنتشر بين طلاب المدارس بصورة تهدد أجيال المُستقبل، في ظل غياب الدور الرقابي من الأسرة وتعدد مظاهر التدخين وصولًا إلى السجائر والشيشة الإلكترونية، مطالبين بتكثيف الجهود المبذولة لحماية هذه الفئة المهمة جدًا في المجتمع، وحمايتها من مخاطر قد تصل إلى حد الوفاة، فضلًا عن الأعراض الصحية الأخرى.

ورغم الجهود المبذولة من مختلف مؤسسات الدولة العامة والأهلية والخاصة، من أجل الحد من انتشار آفة التدخين، إلا أن معدلات المدخنين في تزايد مُقلق.

وترى أسيل بنت شهاب العبرية (مُعلمة لغة عربية) أن هذه القضية من القضايا المُدمرة والمُنهكة للمجتمع العُماني؛ وأن البين والمدرسة والمنزل عليهم دور كبير في تربية الأبناء وتعديل سلوكياتهم الخاطئة للحد من انتشار آفة التدخين بين طلبة المدارس، لافتة إلى أنَّ الخطأ لا يتحمله الطالب بمفرده وإنما يتحمله الأسرة والمدرسة.

ويقول الدكتور زاهر بن أحمد العنقودي استشاري أول طب أسرة ومجتمع ورئيس الرابطة العُمانية لمكافحة التبغ، إن التبغ بكافة أنواعه وطرق تعاطيه له أضرار صحية جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية، مشيرًا إلى أن المسح الوطني في عام 2017 أشار إلى أنَّ 14.1% من الذكور يدخنون مقابل 0.4% فقط من الإناث، كما أوضحت آخر الدراسات عن التدخين بين طلاب المدارس بين أعمار من 13 إلى 15 عاماً والتي أجريت في سلطنة عُمان عام 2016 أن حوالي 6% من الطلبة يتعاطون التبغ من بينهم 3.9% إناث.

ويضيف أنَّ التدخين اللاإرادي بالتعرض للدخان، يضر بالصحة كالمدخن أو أكثر خطورة، وكذلك يضر بصحة المرأة الحامل مما يُؤدي إلى ضعف وزن الجنين والولادة المُبكرة ويسبب هبوطاً في مستوى الذكاء عند الأطفال، لافتًا إلى أنَّ توافر أدوية بدائل النيكوتين في الصيدليات يُساعد على الإقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة.

من جهته، يذكر أحمد بن حمد الوهيبي استشاري أول طب أسرة ومجتمع ومتخصص في علاج إدمان التبغ بوزارة الصحة، أنَّ ما يُقارب 20% من البالغين يدخنون في السلطنة، وأن المسح العالمي لاستخدام التبغ بين الشباب في الفئة العمرية من 13 إلى 15 عاما بالسلطنة عام 2007 أظهر أنَّه في عام 2007  أن طالبا من كل عشرة قد مارسوا التدخين سابقاً (14.5% من الذكور و5.7% من الإناث)، كما إن 5.7% من الطلاب استخدموا منتجات التبغ الأخرى عدا السجائر، وأن 7.9% سبق لهم تدخين الشيشة منهم 10.8% ذكور و5.2% إناث، فيما تبين أنَّ أكثر من 13% من الذكور و6% من الإناث تناولوا التبغ الممضوغ سابقًا، وأن ربع الطلاب 24.1% من غير المدخنين وثلثا المدخنين الحاليين 66.5% قالوا إنِّهم قد تعرضوا بشكل كبير للتدخين السلبي وأن 81.3% عبروا عن تأييدهم لحظر التدخين في الأماكن العامة.

ويتابع أنَّ المسح الذي أُجري عام 2016 أظهر أن 10.5% من الطلاب دخنوا سجائر من قبل منهم 14.3% من الذكور و7.2% من الإناث، وأن 3.9% يستخدمون حاليًا أي منتج من منتجات التبغ (الذكور  5.6% والإناث  2.6%)، إضافة إلى أن 1.7% يدخنون السجائر حاليًا (الذكور 2.5%، الإناث1%)، فيما بلغت نسبة المستخدمين لمنتجات التبغ الذي لا يُدَخَّن 2.9% (بنين 4.2%، فتيات 1.8%)، وكذلك 5.3% من الطلبة يدخنون السجائر الإلكترونية و6.26% اشتروا السجائرة الإلكترونية من داخل السلطنة.

ويُوضح الدكتور أحمد الوهيبي أنَّ هناك الكثير من المخاطر الصحية على المدخنين مثل الإجهاض العفوي لدى المدخنات، والتهاب الطرق التنفسية وتفاقم الربو عند الأطفال، وتدني وظائف الرئة، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة حدوث أمراض القلب الإكليلية الحادة وحدوث الوفيات بالأمراض القلبية الوعائية، ناصحًا بضرورة وضع برنامج علاجي للإقلاع عن هذه الآفة، وطلب الدعم النفسي من الأهل والأصدقاء واستشارة الطبيب؛ حيث أظهرت الأبحاث بمعدلات عالية نجاح المدخنين الذين يقلعون عن السجائر عند مساعدة الطبيب لهم.

ويُؤكد عمر بن علي الحمادي (معلم) أنَّ ظاهرة مضغ التبغ انتشرت بكثرة بين طلبة المدارس لتدني أسعار هذا المنتج، لافتًا إلى أنَّ هناك تطورًا لمظاهر هذه الآفة بدءًا من السيجارة العادية وصولًا إلى السجائر الإلكترونية على شكل قلمٍ وساعة.

ويُعتبر الحمادي أنَّ الأسباب التي تجعل الطلاب يلجأون إلى التدخين تتضمن ضعف المراقبة من قبل أولياء أمور الطلبة، والتعرف على أصدقاء السوء الذي يحب أن تعم المشكلة على الجميع ويعمل بعضهم في المُتاجرة وبيع السجائر الإلكترونية لأصدقائه، بالإضافة إلى عدم وجود سلطة قوية لإدارة المدارس تجاه الطالب المدخن وأن أقصى ما يُمكن القيام به هو الفصل من المدرسة لمدة زمنية وبعدها يعود لما هو عليه .

ويوجه الحمادي أولياء أمور الطلبة بضرورة متابعة أبنائهم والسؤال عنهم بشكل دوري، بالإضافة إلى التعاون بين الأسرة والمدرسة للقضاء على هذه الظاهرة، وتحفيز الطلبة وتوفير البيئة الآمنة والملائمة للدراسة من حيث توفير كامل الدعم والمساندة لهم حتى لا يلجؤوا للغير، ووضع قوانين صارمة لمثل هذه الظاهرة حتى يشعر الطالب بخطورة ما يقوم به.

وتبين هدى بنت علي اليعقوبية (معلمة لغة إنجليزية) أن التنمر قد يكون أحد أسباب لجوء الطالب إلى التدخين حتى يهرب من سخرية زملائه منه، إضافة إلى قلة الوازع الديني والانجراف نحو مفاهيم الانفتاح والحرية الشخصية التي تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي.

وتشدد اليعقوبية على أهمية دور الأسرة في مُراقبة أدوات أبنائهم وخاصة عند الشراء من الإنترنت، وعلى دور المدرسة الرقابي، بالإضافة إلى قيام وزارة الصحة بتنفيذ خطة توعوية في مُختلف المجالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال توجيه رسائل قصيرة تستهدف فئات مُعينة لتثقيفهم، مشيرة إلى أهمية تنسيق الجهود لمُحافحة هذه المُشكلة ودعم الطلبة المدخنين للإقلاع عن التدخين بشكل كامل وإقناعهم بأضرارها الحالية والمستقبلية.

ويذكر أحمد بن حسان الحوسني، مدير مدرسة الوضّاح بن عقبة، أنَّ انتشار المحلات المتخصصة في بيع التبغ والسجائر الإلكترونية تسهل على الطلبة ممارسة هذه الآفة وانتشارها بين المُراهقين والطلبة، مضيفاً: "نأمل دائما في الحد من ظاهرة التدخين لدى الطلبة؛ حيث نعمل بشكل مستمر بحملات توعوية كمحاضرات ونشرات في الإذاعة الصباحية مُتعلقة بأضرار التدخين وكذلك محاورة الطلبة بطرق وأساليب نستطيع بها ملامسة عقولهم وإدراكهم بمخاطر هذه العادة السيئة، كما نضع لوائح وأنظمة نتبعها في حالة ضبط المخالفين ونسعى دائمًا في الحفاظ على صحة أبنائنا الطلبة من شر التدخين".

ويقول محمد بن عبدالعزيز القضيب، معلم فيزياء ومشرف بالجمعية السعودية الفيزيائية، إن التدخين يتسبب في تغيير سلوكيات الطلاب ويدفعهم نحو الغضب والعصبية المستمرة، لأنَّ هذه الآفة تعمل على إحداث تغييرات فيسولوجية، مضيفاً أن كثيراً من الطلبة المدخنين يتأخرون عن الحضور للمدرسة ودخول الفصول الدراسية والبعض منهم يتركون الدراسة بسبب التدخين.

ويقترح القضيب أن يتخذ الطالب لنفسه قدوة من المُعلمين أو الآباء يلجأ إليه إذا حاول الاقتراب من طريق التدخين، بالإضافة إلى تنفيذ برامج توعوية للطلاب يقوم بها الطلاب بأنفسهم، وتنظيم زيارة لجمعيات التدخين.

ويُشدد مراد بن علي البلوشي (معلم فيزياء) على ضرورة التعاون بين المدرسة وأولياء أمور الطلاب وتكثيف الحملات التوعوية من الجهات المنوطة كوزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، وتقليص منافذ بيع السجائر ومنع بيعه في المحال التجارية وخاصة المتواجدة داخل الأحياء السكنية، حتى يصعب على المُراهقين الوصول إليها.

يشار إلى أنَّ منظمة الصحة العالمية حذرت من الشيشة الإلكترونية؛ حيث إن تدخين الشيشة لمدة ساعة أو ساعتين يعادل تدخين أكثر من 40 سيجارة، كما تشير البيانات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن 40 مراهقًا لقوا حتفهم بسبب "متلازمة التبخر" التي تسببت في حدوث قصور بالرئة. وتقدر تقارير الصحة العالمية أن 8 ملايين إنسان يموتون سنويًا بسبب التدخين؛ أي حوالي 11 ألف وفاة يوميًا حول العالم، ويقدر أن يصبح التبغ في السنوات المُقبلة أول سبب للوفاة والعجز في العالم؛ إذ سيقتل أكثر من 10 ملايين شخص سنويًا.

تعليق عبر الفيس بوك