العيد الوطني الـ52 في ظفار

 

د. أحمد العمري

منذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في الحادي عشر من يناير من عام 2020، مقاليد الحكم، أكد جلالته أنه ماضٍ على خطى "أعز الرجال وأنقاهم" السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه.

تحددت الملامح ووضحت المعالم وتهيأت المسارات وبانت الطرقات وارتسمت الخطوات، نهج على نهج في المسار السليم والخطى الواثقة والتوجهات الواضحة. ومن هنا بدأت النهضة المتجددة التي أضافت إلى سابقتها الإطار العلمي السليم والنظام المنهجي الواضح والخطوات المدروسة والاتجاهات المحددة.

فقد تجددت النهضة وتم إعادة هيكلة النظام الإداري للدولة لتولد الحكومة الرشيقة وبدأت الانطلاقة. وقد كانت من ضمن بدايات جلالته -حفظه الله وأطال في عمره- أن ألتقى بالشيوخ في محافظة ظفار ثم يأتي في نوفمبر المجيد من عام 2022 ليوجه بإقامة العيد الـ52 في ظفار، وهو أول حفل عيد وطني يُقام خارج محافظة مسقط في عهد النهضة المتجددة الحديثة وتحديدًا في ميدان النصر وليس في المجمع الشبابي في السعادة أو المجمع الرياضي في عوقد أو مركز السلطان قابوس للشباب في وسط صلالة.

وهنا قد تتبادر الأسئلة وتتسابق التوقعات وتتضارب الآراء والأفكار والتساؤلات، على الرغم من أنَّ النهضة المتجددة لم تدع مجالًا للشك أو الاستفسار أو التأويلات أو التخمينات ولا التوقعات والتأملات والاحتمالات لأنها تمضي بنهج مدروس وعمل مؤسسي وفكر محدد المعالم.

وحتى لا أطيل عليكم في الشرح والتحليل وأكيد الكثير غيري من المتمعنين والقارئين للأمور بالمنطق والواقعية وهم كثر في بلادنا الحبيبة سلطنة عمان ولله الحمد من المؤكد أن رأيهم لن يختلف عن رأيي لأنه ليس للحقيقة سوى وجه واحد ورأي منطقي واحد.

وهنا أقول إن 18 نوفمبر الذي نحتفل به من كل عام حدث في صلالة محافظة ظفار، ثم إن أول إشراقة للنهضة العمانية الأولى بدأت من محافظة ظفار لتعم كل ربوع السلطنة في عام 1970م بالتنمية والخير والرخاء والنماء والعطاء والتوحد والتعاضد والتآخي.

أما اختيار ميدان النصر دون غيره، فإنِّه الميدان الذي أُعلن منه النصر في حرب عُمان "حرب ظفار"، وعندما أقول حرب عمان فإنني أقصدها مع ما تحمله من معنى ومضمون؛ لأنه خلالها ضحى كل أبناء السلطنة، دون أي تفرقة أو تمييز بدمائهم من مسندم إلى ظفار، دون استثناء أو تجاوز، وتخضبت ظفار بدماء أبناء عمان البررة الأوفياء جميعًا. ومن هناك بدأت اللحمة الوطنية العُمانية الواحدة المتعاضدة التي لم ولن ولا يُمكن ومن المستحيل أن تفككها أي قوة على ظهر الأرض، ولن تنال منها مقاصد الآثمين أو الحاقدين أو الحاسدين أو الحانقين أو المتشفين إن كان هناك متشفين.

أما لماذا تبدأ من محافظة ظفار بعد أن تساوت جميع المحافظات في الحقوق والواجبات، فهذا يبرهن بالدليل القاطع والوضوح الساطع أن جلالته- حفظه الله- أراد وبحكمة ونظرة ثاقبة أن يربط ظفار بمسندم مرورًا بالوسطى والشرقية والداخلية والظاهرة والبريمي ومسقط والباطنة، وصولًا إلى مسندم؛ لتبقى سلطنة عمان نبضًا وجسدًا واحدًا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

حفظ الله وحدتنا وأخوتنا وتعاضدنا ومحبتنا وانسجامنا وحبنا وتماسكنا ونصرنا على كل من يقصد بنا السوء. وكل عام وعُمان وقائدها وشعبها ومن سكنها بألف خير ومسرة.