مشاريع وطنية

حاتم الطائي

تتواصل الأفراح النوفمبرية ابتهاجًا بأغلى مُناسبة وطنية، ذكرى الثامن عشر من نوفمبر كل عام، العيد الوطني المجيد، الذي نحتفل به هذا العام وعُمان تمضي قدمًا على درب التَّقدم والازدهار، تحت راية قائد هُمام وسلطان مُعظم، أخذ على نفسه العهد بأن يقود وطننا الحبيب نحو مرافئ الرخاء والاستقرار، بينما تتلاطم أمواج العالم، بين صراعات وأزمات وأوبئة.

أيام قليلة تفصلنا عن الاحتفال الكبير، والذي سيكون هذا العام من أرض الجنوب، صلالة، عروس بحر العرب؛ حيث يُقام العرض العسكري تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- على ميدان النصر، في تأكيد لمكانة ظفار في المسيرة النهضوية. ومما يُثلج الصدر أننا في هذا العيد الوطني الثاني والخمسين المجيد، سنحتفل جميعًا بافتتاح العديد من المشروعات؛ حيث يتزامن العيد هذا العام مع إطلاق 10 مشروعات وطنية في ربوع عُمان، وفي مُختلف القطاعات، ما يُؤكد المساعي الجادة التي تبذلها مؤسسات الدولة، وعلى رأسها جهاز الاستثمار العُماني الذي يتولى تنفيذ هذه المشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص، هذه المساعي التي تؤتي ثمارها في صورة عوائد مالية تُحقق الكثير من المنافع الاقتصادية؛ سواء من حيث تعزيز السيولة المالية للدولة من خلال نمو الإيرادات العامة، أو من خلال تأكيد قوة ومتانة اقتصادنا وقدرته على الصمود في وجه ما قد يعتريه من تحديات. هذه المشروعات الكبيرة التي تنطلق خلال الأيام المقبلة، تتجاوز قيمتها الاستثمارية 750 مليون ريال، ستُسهم في توفير 860 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين، كما ستُحقق جملة من الفوائد في مقدمتها تحقيق التنويع الاقتصادي المأمول اعتمادًا على ما تزخر به عُمان من موارد وإمكانيات لم تستغل بالكامل حتى الآن، كما من شأن هذه المشاريع أن تدعم التنمية المحلية في المُحافظات، خاصة في ظل تطبيق نهج اللامركزية، علاوة على دور مثل هذه المشاريع في جذب المزيد من الاستثمارات، المحلية والأجنبية، وتأكيد حرص الدولة على تمكين القطاع الخاص. ولا شك أنَّ هذا الأخير يستفيد بدرجة كبيرة من هكذا استثمارات، من خلال العمل المشترك مع الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني.

والمتأمل في طبيعة المشروعات التي سيتم الكشف عنها، يُلاحظ أنها لا تتمركز في قطاع بعنيه؛ بل تمتد للعديد من القطاعات الحيوية، سواء تلك المرتبطة بالتصنيع والطاقة، أو مجالات الأمن الغذائي، فعلى رأس المشروعات إنشاء صوامع لتخزين الحبوب في ميناء صحار بتكلفة تصل إلى 21 مليون ريال، وهو مشروع حتمي في ظل ما يشهده العالم من صراعات تسببت في تعطل إمدادات الحبوب إلى الأسواق، وباتت عملية البحث عن بدائل فرض عين على الجميع. ولذلك نأمل في هذا السياق أن تعزز المؤسسات استثماراتها، في مشاريع التنمية الزراعية، واستصلاح الأراضي، والتوسع في إنتاج محاصيل الحبوب، إلى جانب زيادة الاستثمارات بقطاع التصنيع الغذائي لما يُسهم به من دور حاسم في تحقيق الاستقرار، اقتصاديًا واجتماعيًا.

لا شك أنَّ عُمان باتت نقطة جذب لمختلف الاستثمارات، بفضل ما تتميز به من موقع استراتيجي وما تزخر به من بنية لوجستية قادرة على توفير أفضل معايير الأداء للشركات، وانطلاقًا من هذه النقطة، فإننا نتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة في معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في ظل التشريعات الجديدة التي تقدم تسهيلات وحوافز للمستثمرين، وحرص مؤسسات الدولة على إنجاز الإجراءات بسهولة ويُسر.

ويبقى القول.. إنَّ العيد الوطني الثاني والخمسين المجيد، يهل علينا وقد تحقق لعُمان الكثير من الإنجازات تحت القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان؛ سواء في الجوانب الإدارية للدولة بعد إعادة هيكلة المؤسسات وتعزيز مبادئ الحوكمة والنزاهة فيها، أو من خلال ما يتحقق من مشروعات على أرض الواقع، تؤكد أن عُمان تتطور وتتقدم بخطى راسخة من أجل أن تُحقق أهداف رؤيتنا الوطنية لعام 2040، والتي تجسّد تطلعات المواطن للعيش في رخاء واستقرار ومستوى مُتقدم من الخدمات في التعليم والصحة والحياة العامة.. فهنيئًا لعُمان ما يتحقق لها من منجزات، وهنيئًا للمواطن التنمية التي يتمتع بها.