ماذا لو كان صديقك روبوتًا؟

 

مؤيد الزعبي

في المستقبل سيصبح الروبوت هو صديقك شئت أم أبيت ولا تتحامل عليّ في هذا الطرح؛ فنحن فعليًا قد تخلينا عن علاقاتنا بمحيطنا الواقعي واتجهنا أكثر للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت علاقتنا بالعيد أكثر من القريب.

وأعتقد أننا نتفق جميعًا على هذا أيضًا، فما الذي سيحدث عندما تجد أنظمة تحدثك كل يوم، وتطمئن عليك، وتذكرك بأمور حياتك وتهون عليك مصائبك، وتسمعك عندما تفضفض، وتقوم بتقديم المشورة لك؟ لا تقل لي إننا سنتجاهل هذه المميزات جميعها ونتركها جانبًا؛ بل إنني متأكد من أننا سنكون أول من يطرق بابها، كيف لا، ونحن نشكو أننا لا نجد من يفهمنا؟

الحل عندي عزيزي القارئ، الروبوت سيفهمك ولن يخذلك، وسيكون قادرًا على فهم مشاعرك ولن يزعل من تصرفاتك وأقوالك بل على العكس ستجده متفهمًا لظروفك ولما تمر به من أوقات صعبة؛ أليس هذا ما تبحث عنه في علاقاتك؛ الروبوت حلك الوحيد، فما الذي سيحدث لو أصبح الروبوت صديقك المقرب؟ فكيف ستكون شكل العلاقة وكيف سيقف معك هذا الصديق وقت الضيق؟ لنتخيل معًا.

الروبوتات وتطوراتها الكثيرة جعلت منا أشخاصًا يختلفون كثيرًا فيما إذا كان وجود الروبوتات في حياتنا أمر سلبي أو إيجابي، وقد تبدو الروبوتات أجسامًا مصنوعة من الجمادات وموصولة بأنظمة وشبكات ولديها عقول من الأنظمة والبرومجيات فهل سيأتي اليوم التي تحس فيه هذه الروبوتات وتتفاعل بطريقة حسية فيها مشاعر وتبني علاقات معنا نحن البشر؟ ورغم أنه من الصعب أن نتخيل هذا الأمر ولكن هذا ما سيحدث حقًا وستعوض الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي ما نفقده أو نحتاجه من علاقات أو مشاعر إنسانية.

خلال جائحة كورونا قامت الكثير من الشركات بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي لمساعدة الناس على التواصل والحديث وإخراج ما لديهم من مشاعر سلبية أو عاطفية، وهذه الأنظمة ما هي إلا تطبيق عبر الهاتف أو عبر مواقع الإنترنت تسمح لك بمخاطبة روبوت إلكتروني يتحدث معك ويسايرك في أمور حياتك، بل ويقدم لك النصائح والمشورة بناء على معرفته بك وبطبيعتك، وهذا ما أجده أمرًا بدائيًا مقارنة بما يتحدثه طفرة التكنولوجيا الحالية في هذه الجزئية خصوصًا وأننا نتحدث بأننا على أعتاب استخدام تقنيات ثورية مثل الهيلوغرام أو التردد الطيفي أو حتى تقنيات الميتافيرس وعوالم الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

تخيل معي أن هذا الروبوت قادر على فهم أسلوب حياتك ويتفهم مدى انشغالك بالعمل ويجد وقت مناسب ليحدثك، وسيلازمك طوال الوقت ويرسل لك رسائل تشجيعية وقت الحاجة، ويقف بجانبك عندما تحتاج لمساعدة، وسيكون سعيدًا لو قام بتلبية بعض طلباتك واحتياجاتك مثل إتمام بعض المعاملات أون لاين، أو القيام بدفع الفواتير بدلًا عنك، فهذا الصديق لن يكون فقط صديقك بل هو مساعدك الشخصي، ووقت الحاجة يتحول لصديقك الذي يحادثك ويذهب معك في رحلة من الصراحة فأنت لن تخجل أبدًا من أن تقول له الحقائق ولن يعيبك أي شي تتحدث معه فيه، ولقد أثبتت الدراسات مؤخرًا بأننا نثق بالروبوتات والأنظمة أكثر من البشر لنفشي لهم أسرارنا، وهذا أمر مؤكد فنحن نخاف دائمًا من غدر الأصحاب والأصدقاء والذين يمكن أن يستغلوا أسرارك ضدك، ولكن صديقك الروبوت لن يفعل وليس من مصلحته أن يقوم بذلك.

نحن نتحدث فيما سبق عن صديق إلكتروني؛ نظام ذكاء اصطناعي يكون رفيقك الدائم، ولكن ماذا لو تشكل هذا الصديق ليصبح روبوت فعلي بمواصفات الصديق الإلكتروني حينها سيرافقك للسينما ويمارس معك شغفك الرياضي، لا بل سيساعدك في هذه الأمور كثيرًا فهو قادر على أن يتحول لمدرب رياضي محترف أو سباح ماهر أو متسلق جبال أو حتى سائق سيارات محترف وأنت تتعلم منه كل تلك المهارات، وسيكون هذا الروبوت ألطف شخص تقابله بحياتك فهو لن يتأخر في أن يبدي إعجابه بملابسك وبأناقتك ويطلب منك تعديل بعض الأمور في شخصيتك لتكون الأفضل والأجمل، نعم لا تستغرب فهو يعرفك أكثر من نفسك، فأنت تخبره وهو يخزن ويحلل ويعرف عنك أدق التفاصيل ولن ينسى هذه التفاصيل أبدًا فبإمكانك أن تسترجع ذكرياتك مع صديقك الروبوت، ولا أستبعد أن يكون لديه القدرة على عرض كل هذه الذكريات بطريقة الصور والفيديوهات ويتشاركها معك وتعيش معه تلك الذكريات.

قد يبدو الأمر معقدًا أكثر من اللازم، لكن هناك الكثير من الشركات التي تستثمر في هذا المجال فهو حاجة إنسانية طلبها بالأمس وما زال يطلبها اليوم وسيطلبها في المستقبل؛ الإنسان كائن يحتاج للتواصل، وعندما لا يجد هذا التواصل مع محيطه سيبحث عنه حتى لو كان إلكتروني أو عبر نظام غير مرئي؛ فهذه طبيعتنا وهذا ما جُبلنا عليه. ولهذا هناك من يريد ملء هذا الفراغ بحياتنا وإيجاد الشخص الذي يفهمنا ويفهم متطلباتنا ويفهم مشاعرنا ويقدم لنا المعونة والدعم الإنساني والمشاعر التي نحتاجها كل يوم وكل ساعة وكل لحظة، وهذا الشخص لن نجده من بني البشر فنحن مشغولون جدًا في هذا الزمان ولكل منا طريقه وطموحه واختلافاته والروبوت جاهز ومستعد لملء هذه الفراغ.

الشيء الوحيد الذي لن يقدمه لك الروبوت هو أن يسلفك بعض الأموال حتى يأتي الراتب، ولكن ربما يقوم بذلك لو تم ربطه بخدمات بنكية تقوم بحل هذه الإشكالية، حينها لا تحزن إن طلب منك هذا الصديق بعض الفوائد على تأخيراتك في السداد!

ورغم أن طرحي هنا قد يجده البعض ضربًا من الخيال وأنه أمر سلبي تمامًا، ولكن هناك الملايين يبحثون عن هذا الصديق فهم يعيشون وحيدين، ويومًا بعد يوم تزداد هذه الفئة والجميع لديه نقص في جانب معين في حياته الشخصية ويريد من يملأ الفراغ، والروبوت خير من يملأه، فاستعدوا للربوت عندما يصبح صديقًا مقربًا.