بدور القاسمي و الرئيس التنفيذي لـ "بنغوين" يدعوان إلى مزيد من التعاون والتضامن لقيادة النشر في المستقبل

 

 

الشارقة - خاص

استضافت الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، خلال فعاليات اليوم الثالث للدورة الـ 12 من "مؤتمر الناشرين" ماركوس دول، المدير التنفيذي لـ"بنغوين راندوم هاوس" إحدى أكبر دور النشر في العالم، في جلسة حوارية، توقفت فيها عند تجربة ماركوس في النشر، ورؤيته للفرص المتاحة للنهوض بصناعة الكتاب، وما يقدمه من دروس وخبرات للناشرين في مختلف أنحاء العالم خاصة بعد عامي الجائحة.

 تغيرات جذرية

وفي إدارتها للحوار، أكدت الشيخة بدور القاسمي دور الناشرين في تطوير مجتمعات المعرفة، وأشارت إلى أن المشهد العالمي شهد تغيرات جذرية بقطاع صناعة الكتاب ترتبط بانتشار الوباء والتحولات الرقمية والتمثيل والدمج.

وأوضحت أن هذه القضايا الرئيسة ينبغي مناقشتها مع الخبراء ورواد قطاع النشر، لافتة إلى أن استضافة ماركوس تمثل فرصة مهمة لتناول هذه القضايا خاصة وأنه يملك خبرة عالية تمتد لسنوات منذ بداية القرن الحالي، حيث نجحت "بينغوين" في إصدار أكثر من 16 ألف كتاب سنوياً ما بين الورقي والرقمي، وهي تحظى بملايين العناوين منها لعدد من الفائزين بجوائز نوبل.

وركزت الشيخة بدور القاسمي في حوارها مع ماركوس على دور النساء في عالم النشر، حيث أكدت أن الاتحاد الدولي للناشرين حين انضمت إليه كنائب للرئيس، لم يكن قد تولى رئاسته من العنصر النسائي سوى امرأة واحدة في تاريخه الذي يمتد 125 عاماً، وهو مفارقة استرعت انتباهها، خاصة في قطاع يتميز بحضور كبير وواسع للمرأة فيه، وهذا ما دفعها إلى العمل قدماً نحو تعزيز حضور المرأة كعنصر مؤثر وفاعل في قيادة قطاع النشر العالمي.

وقالت الشيخة بدور: "أتذكر تماماً عندما كنت في نيويورك، جمعني لقاء مع رئيسة المؤسسة الأمريكية للنشر، وسألتني: بما أنك نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، فما الذي ستقدمينه في عالم النشر للمرأة؟ عندها وجدت نفسي أمام مسؤولية فتح الباب للنساء في عالم النشر، فقررت أن أؤسس (ببلش هير)، وهي مؤسسة تسعى إلى تعزيز دور النساء في عالم النشر وتقديم الدعم لهن".

ولفتت الشيخة بدور القاسمي إلى ضرورة تتبع الآثار التي طرأت على قطاع النشر بعد مرور العالم بجائحة كوفيد 19، وأهمية أن تكون هناك لقاءات عملية تسهم في الخروج بتوصيات تحد من تبعات تلك الفترة على الناشرين، والتي من أهمها تعزيز البنى التحتية لقطاع النشر، وتسهيل عملية الوصول غير المحدود إلى الكتب، للعمل على تلبية تطلعات الأجيال القادمة في الوصول لمصادر المعرفة.

بدوره، أكد ماركوس دول حجم السوق الذي تمتلكه إمارة الشارقة ودولة الإمارات واصفاً إياه بأنه سوق كبير ومتطور ومتحرك، ويتميز بالطاقة والثقة بنفسه، وهو فرصة لكبار الناشرين الدوليين للاستثمار فيه، مشيراً إلى أنه يمتلك طموحاً كبيراً في المنطقة عبر ما تتميز به من تنوع ثقافي ولغوي، ما يجعل منها وجهة رائعة لتوجهاتهم التوسعية.

وفي رده على سؤال طرحته الشيخة بدور حول آثار الجائحة على القطاع، لفت أن مختلف الأسواق تأثرت بجائحة كورونا، ولكن بمستويات مختلفة، وأن الأسواق التي تمتلك بنى تحتية تقنية وقوة في التجارة الإلكترونية كانت الأقل تأثراً بتبعات الجائحة من الأسواق التقليدية، إلا أنه في الوقت نفسه أشار إلى أن الكتاب الورقي وفق دراسته لحجم مبيعاتهم في "بنغوين" تجاوز توقعات اختفائه ولا زال يستحوذ على 80% من المبيعات، على الرغم من التوسع التقني الكبير.

 

وقال ماركوس: "لسنا ضد التقنيات الحديثة والتجارة الإلكترونية، بل على العكس، ينبغي علينا أن ندرس أفضل الممارسات العالمية في التسويق الإلكتروني، ونستكشف إمكانات الأسواق الناشئة التي نلاحظ أنها في تطور كبير وتمثل بيئة رائعة لتوسع أعمالنا مثل الهند وأمريكا اللاتينية"، مؤكداً أن العالم مليء بالفرص، والتعدد في اللغات فرصة كبيرة لنمو قطاع النشر ومخاطبة الناس من كافة الثقافات.

 

 وفي نصائح قدمها لدور النشر الناشئة والجديدة، أوضح ماركوس أن الشركات الصغيرة تعيش في أفضل حالاتها من خلال الانفتاح الكبير على العالم الرقمي، ما يتيح لهم فرصة في تطوير أعمالهم بشكل أكثر مرونة وأقل تكلفة.

 

 وقال: "قلصت التجارة الإلكترونية من الفوارق بين كبار الناشرين وصغارهم، والدليل على ذلك أن منصة أمازون تعرض ملايين الكتب، التي تعود إلى ناشرين مبتدئين، وناشرين كبار، ومع ذلك فإنهم جميعاً على قدم المساواة في العالم الرقمي".

 

ورأى أن الناشرين الجدد وأصحاب الدور الناشئة يتميزون بمعرفة جمهورهم بشكل أفضل من كبار الناشرين، ومن هنا يستطيعون استخدام فرص تسويقية أفضل، مؤكداً أن الوقت الراهن هو وقت الناشرين الصغار ويمثل لهم فرصة كبرى، ومحفزاً لتعزيز مكانتهم عالمياً من خلال استثمار ما يميزهم.

 

وحول فرص التسويق الجديدة، لفت ماركوس إلى أنه لدى الناشرين فرص تسويق هائلة وكبرى لتعزيز رحلة النشر تخلق بيئة للقراء من الأجيال الصاعدة، وأن هذه الفرص تعطي الناشر آفاقاً واسعة للتوسع والوصول إلى أسواق جديدة ومتطورة، مشدداً على أن سحر الكلمة ونشرها لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا الثقافية، خاصة في الوسط الشبابي، الذي يشهد إقبالاً متنامياً على القراءة.

 

وفي نصائح توجه بها إلى الناشرين، قال ماركوس: "نحن بحاجة إلى وجهة نظر إيجابية حول قراءة القصص في مجتمعاتنا، فلطالما تساءلت خلال عملي لماذا النظرة المتشائمة إلى القراءة والكتب، ولماذا الناس قلقون من اختفاء الرغبة في القراءة بين الناس؟ ولكني وصلت إلى نتيجة مهمة ومتفائلة بأن المؤشرات تظهر أن الكتب والقصص لم يزل لها جمهورها المتنامي، والناشر الآن هو في أفضل أحواله، وأن قطاع النشر هو الأفضل حتى الآن في عملية التحوّل الرقمي، فأنا أشعر بالإيجابية تجاه نمو القطاع، وحين أستيقظ في الصباح أشعر بالسعادة لأني أعمل في عالم النشر، فالقراءة راسخة في الكيان الإنساني، ولا يمكن أن تذهب طالما أن البشرية قائمة".

 

واختتم ماركوس حديثة إلى الشيخة بدور القاسمي بقوله: "الكتب تساهم في إمداد حياتنا بالمتعة وجعلها ذات معنى، ومن هنا كان التركيز عليها في المنزل والمدرسة، وهي كفيلة بأن تخلق جيلاً من القراء القادرين على مواجهة تحديات الحياة"، مؤكداً ضرورة أن يعمل الناشرون على عرض كتبهم وتسويقها أمام المستهلكين برسائل إيجابية تحفز الناس على الإقبال عليها، وأن يتوقفوا عن الكلام بسلبية تجاه القراءة.

 

وفي ختام اللقاء، توجَّهت الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، برفقة ماركوس دول، إلى "بيت الحكمة" بالشارقة، في زيارة أطلعته خلالها على الصرح الحضاري والثقافي الذي تم افتتاحه بالتزامن مع الاحتفاء بالشارقة بلقب "العاصمة العالمية للكتاب 2019"، ليكون منارة علمية ومعرفية تجمع تحت مظلتها طلاب المعرفة، حيث تعرف ماركوس إلى أقسام المبنى والخدمات التي يقدمها للزوار.

تعليق عبر الفيس بوك