التنمية المستدامة في التعليم

 

سامح بن سالم الشكيلي

لا شك أنَّ التجربة الماليزية في التنمية المُستدامة تُعد من أنجح التجارب وأرقاها على مستوى العالم، حيث واجهت ماليزيا العديد من الصعوبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مدى تاريخها وخاصة بعد ما استقلت عن بريطانيا في عام 1957م، كما تُعد مشكلة تعدد الأعراق والأديان سبباً رئيسياً في الصعوبات التي كانت تواجهها آنذاك، لم تقف ماليزيا  عاجزة أو مكتوفة الأيدي وإنما قاومت تلك التحديات بإرادة سياسية قوية واستراتيجيات مدروسة وذكية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

التنمية والتي تعني في اللغة الإكثار والزيادة كانت منصبة في قطاع التعليم في دولة ماليزيا، إيماناً منها بأنَّ هذا القطاع أحد أهم مؤشرات التنمية المستدامة، فقامت بدراسة منظومة التعليم وأوضاع هذا القطاع الهام وحل مشاكله من أجل الارتقاء بالتعليم وتطويره، كما وضعت أهدافا سامية بأن تكون ماليزيا دولة متقدمة في هذا المجال ثم بدأت العمل على تحقيق الأهداف التي رسمتها وتقييمها بعد انقضاء المدة المُحددة لها، وبناءً على رؤيتها التكاملية وخططها التطويرية المتتالية، احتلت هذه الدولة مراتب عالية في قطاع التعليم.

فالنمو الاقتصادي لا يقتصر على مصادر الدخل التي تعتمد عليها الدولة فحسب، وإنما يعتمد على أركان وأعمدة تجعل من الدولة ثابتة وراسخة الأركان ومتنامية، فالتعليم الذي تنصب عليه ميزانية الدول وقد يرجح ميزانه مقارنة بالقطاعات الأخرى، ما يعني ذلك أنه أهم القطاعات، يعني ذلك أيضًا أننا نصنع مجتمعاً حصيف الرأي مبدع الفكر ومتزن النقد ومستشرف الرؤى ومخلصًا لوطنه ومجتمعه.

أبعاد التنمية المستدامة في ماليزيا كثيرة، ولكن التعليم يعد من أبرزها وفي رأيي كذلك من أهمها وعليه تسير بقية الأبعاد، وبناء على ذلك قامت هذه الدولة العظيمة بزيادة الإنفاق على التعليم من 5.1% في عام 1991م إلى 8.0% في عام 2004م، وهذه النسبة تتجاوز الإنفاق المخصص للتعليم في الولايات المتحدة، كما أنها أسست مشاريع مساندة لهذا القطاع كمشروع المدارس الذكية والشركة الماليزية لحدائق التقنية والمركز الوطني للابتكار وغيرها، وسعت بذلك إلى تجويد التعليم وتوسيعه بمختلف مستوياته ونجحت في تحقيق خُططها الطموحة في فترة وجيزة.

و"تجويد التعليم" هو أحد أهداف رؤية عُمان 2040 ليُصبح نظام التعليم في عمان نظاما تعليميا يتسم بالجودة العالية والشراكة المجتمعية وممكنا للقدرات الشبابية في هذا النطاق، وهذا الهدف لابد من توفير كافة الممكنات والتسهيلات التي تضمن تحقيقه على النحو المنشود، ولذلك تسعى وزارة التربية والتعليم خاصة والسلطنة عموما لتطوير المناهج التعليمية لتكون مُعززة للقيم ومراعية لمبادئ الدين الإسلامي والهوية العمانية ومستلهمة من التاريخ العماني ومواكبة لمتطلبات التنمية المستدامة.

جانب التعليم في عُمان يتطلب مباني حديثة بحيث تواكب الجوانب التطويرية الأخرى، فالتكنولوجيا الحديثة وما تحتاجه من أنظمة وأجهزة ذكية يقابلها أيضاً إيجاد مبانٍ تواكبها وتناسبها، ولذلك لا بد للوزارة المعنية بالتعليم أن تهيئ المرافق بأحدث التجهيزات التي تضمن للتعليم في عُمان سيره على النحو الذي خطط له، كما أن المبنى الذي يحتضن كفاءات المستقبل الوطنية لا بد أن يليق بهم ويتلاءم مع قدراتهم ومهاراتهم لينافسوا بذلك العالم في شتى مجالات الحياة.

تعليق عبر الفيس بوك