من ذاكرة الخروج عن الصمت

خليل بن عبدالله الخنجي **

علّقت الصحافة العُمانية ومنها مجلة الغرفة عبر صفحاتها مانشيتات (عناوين) عريضة في الصحف المحلية الصادرة في شهر ديسمبر 2011 "القطاع الخاص يخرج عن صمته"، وذلك على إثر الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان حينذاك (كاتب هذا المقال)، والتي ألقاها في حفل كأس جلالة السلطان المعظم لأفضل خمسة مصانع للعام 2011، والذي رعاه معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، وبحضور معالي الشيخ سعد بن محمد المرضوف وزير التجارة والصناعة وقتذاك، وجمع كبير من أصحاب المعالي والسعادة وممثلي القطاع  الصناعي وأصحاب وصاحبات الأعمال العمانيين والمستثمرين الأجانب، ورؤساء تحرير الصحف المحلية، وإعلاميون وممثلون للإعلام المكتوب والمسموع والمرئي في عُمان.

ومما جاء في كلمة القطاع الخاص التي تميزت بالجرأة كمثل كل المناسبات وطرح العديد من الموضوعات التي ظل القطاع الخاص- لا سيما قطاع الصناعة- يُعاني منها ويحاول مع وجود تلك التحديات والصعاب أن يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق التطوير والرقي للقطاع الذي لا يخدم أصحاب وصاحبات الأعمال فقط؛ بل يدخل في خدمة المصالح الاستراتيجية للقطاع الاقتصادي لأهداف التنمية المستدامة، والتي تتطلب إيجاد بدائل لمصادر الدخل القومي للبلاد والمشاركة في بناء الدولة العصرية، واستكمال البنية الأساسية وتوفير فرص عمل وبرامج تدريب للكوادر الوطنية الشغوفة بالمشاركة من خلال العمل في جميع قطاعات الإنتاج.

تضمنت كلمة القطاع الخاص- في الحفل الذي أقامته وزارة التجارة والصناعة بتلك المناسبة- أنه "في وقت تبذل فيه مؤسسات القطاع الخاص والمنشآت الصناعية على وجه الخصوص قصارى جهدها ومنتهى طاقاتها وإمكاناتها لخدمة خُطط التنمية المتواصلة، فإنها ولأجل المستقبل تتطلع من الجهات المعنية وذات العلاقة لإيجاد الحلول للعديد من التحديات التي تواجهها على صعيد دعم وبقاء المنتج الصناعي المحلي وإتاحة بدائل وخيارات متعددة للتمويل ودعم الخدمات المساندة والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بعلاقة استثمار مشترك ومباشر مع الصناعات الكبيرة وإعطاء جميع تلك الصناعات الأولوية في المشتريات الحكومية والخاصة فضلًا عن إعطاء المزيد من المرونة للاحتياجات المتزايدة والمتجددة للمصانع من القوى العاملة بكل شرائحها".

ومما جاء في الكلمة أيضًا: "إن المحافظة على ما تحقق من مكاسب في قطاع التصنيع وتعزيز تلك المكاسب على المدى البعيد يصبح من المهم من وجهة نظر القطاع الصناعي المضي في تطوير الصناعة العمانية ضمن مسارين متوازيين ومتلازمين… الأول يتعلق بمواصلة تطوير البنية الأساسية المرتبطة بهذا القطاع من حيث رفع كفاءة شبكة الطرق وخدمات الموانئ ومنافذ التصدير وسلاسة سلاسل الإمداد. أما الثاني فهو التركيز على الصناعات الإنتاجية التي تسهم في توطين التقنيات الحديثة في التصنيع والإنتاج، والأهم تلك المولدة لفرص التشغيل للقوى العاملة الوطنية؛ بل وقد يكون من الضروري تنشيط بعض الصناعات القائمة على استغلال الموارد الطبيعية، كما هو الحال في قطاع التعدين الذي يستدعي منَّا كمجتمع مزيد من التنظيم والتصنيع والتسويق بحيث يكون أكثر فاعلية خلال الفترة المقبلة، وفي هذا الإطار أخذنا المبادرة لتنظيم أول مؤتمر لقطاع المناجم والمعادن خلال الربع الأول من العام 2012، وذلك إلى جانب استكمال منظومة المناطق الصناعية المتكاملة في المحافظات كمحافظتي الظاهرة وشمال الشرقية".

وتتواصل كلمة القطاع الخاص مُتضمنةً: "إن تحقيق كل ذلك يحتاج إلى التفاتة جادة من مختلف الجهات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بقطاع الصناعة… في حين نتطلع إلى أن تكون وزارة التجارة والصناعة خط الدفاع الأول عن الصناعة والصناعيين نأمل من وزارة القوى العاملة إعطاء المزيد من التسهيلات العمالية للمصانع وبصورة أعم وأشمل والأخذ في الاعتبار بمحمل  الجد مرئيات القطاع الخاص بشأن قانون العمل… وعلى مجلس المناقصات التأكيد على التطبيق الحاسم والمتابعة الحازمة بشأن إعطاء الأفضلية للمنتجات الوطنية في المشتريات والمناقصات الحكومية وأيضًا تخصيص 10% من أعمال المشروعات الكبيرة للشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أجل تنمية هذا القطاع وتوفير فرص عمل للمواطنين… ونشدد على الدور المهم للهيئة العامة لحماية المستهلك لدعم الصناعات الوطنية من حيث حماية المستهلك من الغش والتقليد والاحتكار وتجنب التدخل المباشر في تحديد أسعار السلع والخدمات حتى لا يؤدي ذلك إلى تعطيل خطوط الإنتاج والإخلال بمبادئ الاقتصاد الحر وقانون العرض والطلب. كما نشير إلى الدور الداعم للاتحاد العام لعمال سلطنة عمان لتعزيز استقرار العامل وزيادة إنتاجيته والتوعية بأخلاقيات العمل وثقافة الحوار. وعلى الشركات والمجتمع عامة شراء منتجات مصانعنا الوطنية بل وتثقيف الأسرة على أهمية ذلك".

وأكدت كلمة القطاع الخاص أن "غرفة تجارة وصناعة عمان كانت وما زالت على استعداد للعب دور محوري من خلال علاقتها المباشرة كطرف فاعل من أطراف الإنتاج الثلاثة مع الحكومة والعمال مع الاستمرار الجاد في استقطاب الاستثمارات عبر إقامة المؤتمرات والمعارض والمنتديات بالتنسيق مع الشركات المتخصصة في جميع محافظات عمان وأنحاء العالم".

القطاع الخاص بعد أن خرج عن صمته عبر تلك الكلمة في العام 2011، أي قبل 11 سنة، هل تحقق من مطالبه ما يساهم في النهوض بالقطاع الصناعي لينافس في الأسواق المستهدفة وأولها طبعًا السوق المحلي؟ الإجابة، نعم.. تحققت بعض المطالب ولو بعد حين، وبعضها ما زال في الأدراج؛ حيث التردد في اتخاذ القرار، بزعم قلة الإمكانيات أو ضعف التنسيق بين الجهات المختلفة. أما الذي تحقق مما يسعى إليه القطاع الخاص فجاء بعد سنوات كثيرة بالنسبة للأسواق التي تشهد تنافسًا شرسًا من أجل البقاء، ونشير هنا إلى أن كثيرًا من المبادرات قائمة الآن مع الاستراتيجية الصناعية، وأيضا قرار وقف تصدير الرخام الخام؛ بل يستوجب أن يتم قطعه وصقله وتصنيعه محليًا وبعد ذلك يتم تصديره بعد المُعالجة الكاملة.

الأمل في السنوات المقبلة أن يكون القطاع الخاص شريكًا فاعلًا يُستشار فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي، كما نأمل نهوض القطاع الصناعي وبقية القطاعات التي تتميز بها عُمان لتحقيق التوازن التجاري بين الدول وتوليد فرص العمل وتحريك سلاسل الإمداد وزيادة حركة السفن وفي الموانئ والمطارات التي تنتظر المنتجات المصدرة إلى العالم لتقليل الوارد منها، خاصةً الصناعات التحويلية والمنتجات الغذائية والمنتجات الأولية التي تدخل في مجال الأمن الغذائي وعلى رأسها الاستزراع والتصنيع السمكي.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان