(خليجي 25).. لستَ "غريبًا عن الخليج"!

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

أخيرًا.. أُقيمت قرعة كأس الخليج العربي (خليجي 25) في "جنات عدن" ببصرة "ابن غزوان" بعيدة عن أختها المكلومة بغداد، فما زال هاجس الأمن والأمان يُبعثر ذياكَ الزمان، ويهجرهما هجر الحبيب عن الحبيب، فيخرج "السياب" -نحيل الجسد ضخم اللغة- يصرخُ: "غريب عن الخليج" والخليج بأصواته السبعة يرد: لستَ غريبا، فاقترب إنا اقتربنا، وقد حان اللقاء.

أربعون عامًا طُويت منذ استضاف العراق كأس الخليج وفاز به، ثم ماذا؟ "صوتٌ تفجر من قرارة نفسي الثكلى عراق / كالمد يصعد، كالسحابة، كالدموع إلى العيون... البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما تكون / والبحر دونك يا عراق" والخوفُ أن يلطم الموج اليوم الموعود، وفي الذكرى عام 2014م؛ "هي دورة الأفلاك من عُمري، تكور لي زمانهْ / في لحظتين من الزمان، وإن تكُن فقدت مكانه" يومها قررَ رؤساء الاتحادات الخليجية نقل البطولة (خليجي 22) المقررة من العراق إلى المملكة العربية السعودية.

في دواخِلنا نعلمُ أن كأس الخليج لم تعد بذاتِ الطعمِ والرائحةِ والإحساسِ المُفعمِ بروحِ المنافسة "والمشاغبة"؛ فقد تلونت الأيام ودارت رحى الحياة، وتبدل القوم وسارت الركاب، "وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين"، والبطولات على مد البصر، فهناك الأغلى والأثقل في المعيار وبالتأكيد في الميزان، لكن هذه المرة نرى كأس الخليج من زاويةٍ مُختلفة، ومن سفينةٍ نرغبُ أن تعود بعد رحلة تيهٍ واغتراب، فنحنُ والله في شوقٍ للعراق "شوق يخضُّ دمي إليه، كأن كل دمي اشتهاء / جوع إليه... كجوع كل دَمِ الغريق إلى الهواء / شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولادة!".

الكل يراهن على نجاحِ (خليجي 25) على كافةِ الأصعدة؛ فنيًا وتنظيميًا وحضورًا جماهيريا، لكن الرهان لا يكتمل إلا بإقامةِ البطولة في موعِدها، ومعايشة ومشاهدة حفل الافتتاح في السادس من يناير عام 2023م، وحتى ذلك اليوم نرجو إلا نُصابَ بيأسِ الانتظار، وألا نجلس مجلسَ السياب وهو يخاطب العراقي فينا "لتبكينَّ على العراق / فما لديك سوى الدموع / وسوى انتظارك دون جدوى، للرياح والقلوع!" ولعمري إننا للعراق -الأرض والإنسان- نرنو لا إلى "الجلد المنفوخ"، ويشدنا الشوق لعذوبة نهر دجلة والفرات "ويضيء لي، وأنا أمد يدي لألبس من ثيابي / ما كنت أبحث عنه في عتمات نفسي من جواب / لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب / اليوم -واندفق السرور عليَّ يفجؤني- أعود!".