"المنظور العلمي للحجامة"

 

طالب المقبالي

هذا ليس عنوانًا لمقالي، وإنما عنوان لكتاب أصدره الباحث المتخصص في مجال الحجامة الأستاذ علي بن صالح بن مبارك المعمري أخصائي حجامة.

ففي حديث أجرته معه صحيفة النبأ الإلكترونية حول كتابه الذي يحمل عنوان "المنظور العلمي للحجامة"، والذي تناول فيه جوانب عديدة من المنظور العلمي للحجامة، يقول إن للحجامة تاريخًا ممتدًا إلى عصور ما قبل الإسلام، أي بمعنى أن كل الحضارات ما قبل الإسلام مارست طب الحجامة، ولكن كل أمة بطريقتها البدائية المتعارف عليها لديهم. وكما قال الباحث والأخصائي الأستاذ علي المعمري: إن كثيرًا من الناس يعتقدون أن الحجامة سنة نبوية، ولا ننكر ذلك، لكنها ليست من السنن الواجبة، وإنما من السنن الجبلية، أي بمعنى أنها كالنوافل، إن فعلتها فأنت مأجور، وإن لم تفعلها فأنت غير آثم، وهذا هو المفهوم.

وبما أنَّ قلة قليلة هم الذين كتبوا في مجال الحجامة؛ فإن هذا الإصدار الجميل يفند للقارئ حقائق ومفاهيم علمية هي بالطبع غائبة عن الكثير منَّا.

وكما يقول: إن كل الحضارات ما قبل الإسلام مارست طب الحجامة، ومنها على سبيل المثال: الحضارة الفرعونية المصرية، والحضارة الإغريقية اليونانية، والآشورية، والصينية، والهندية، فعلم الحجامة ممتد منذ بداية الخليقة لسيدنا آدم عليه السلام، فقد كانت الحجامة تمارس، هذا كتاريخ.

ويقول الباحث: إن اللغويين عرَّفوا الحجامة بمعنى أنها المص، وشبه ذلك بالحضارة الإغريقية اليونانية الذين كانوا يستخدمون دودة العلق ويربونها في أحواض مائية خاصة، هذه الدودة عندما يصاب أحدهم بورم أو بقعة أو إسوداد بقعة من جسده، يؤتى بها فتمص هذا الدم غير الصالح في الجسم، وترجع المنطقة كما كانت وأفضل مما كانت عليه قبل الإصابة.

وهناك تعريف آخر من حجم الشيء، وهو إعادته إلى حجمه أو إلى طبيعته.

وحول سؤال ما إذا كان دم الحجامة دمًا فاسدًا، يقول الباحث علي المعمري: الدم الذي يخرج من جسم الإنسان هو دم غير فاسد، وقد أثبت الطب الحديث أن دم الحجامة دم غير فاسد؛ وذلك من خلال إجراء الفحوصات على هذا الدم، التي أثبتت أن هذا الدم هو عبارة عن خلايا دم هرمة، تهرم كل  120 يوما، وكل أربعة أشهر في جسم الإنسان، والقصد هنا من الخلايا بخلايا الدم الحمراء التي تهرم كل 120 يوما، أو أربعة أشهر. فهذه الخلايا تكون غير قادرة على العمل، فتنتج خلايا جديدة بديلة عنها للعمل، هذه الخلايا تكون موجودة تحت الجلد مباشرة، لوجود شعيرات دموية هناك، فهذه الأخلاط الدموية والسموم، وثاني أكسيد الكربون والشوارد الحرة تكون في الشعيرات الدموية؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشِّفاءُ في ثَلاثَ: في شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أوْ كَيَّةٍ بنارٍ، وأنا أنْهَى أُمَّتي عَنِ الكَيِّ" رواه البخاري.

ويركز الباحث هنا في "شرطة محجم"، فهذا الدم الموجود تحت الجلد في الشعيرات الدموية يشرط بمشرط أو شفرة أو بأداة حادة بسيطة، ويكون التشريط خفيفًا جدًا لا يتجاوز الشعيرات الدموية؛ أي لا يصل إلى الأنسجة والشرايين وما شابه ذلك؛ حتى لا يخرج الدم السليم الموجود في الشرايين والأوردة والعروق.

ويركز الباحث في حديثه على أن المطلوب هو إخراج الدم الذي تحت الجلد مباشرة؛ حتى لا يحدث أذى.

وفي سؤال عن أنواع الحجامة يقول: إن الحجامة نوعان: وقائية وعلاجية؛ فالوقائية هي أن الإنسان يعمل للوقاية؛ بحيث لا يعاني من أي مشكلة صحية، وهي تجرى بطريقتين، الطريقة الأولى في الكاهل والأخدعين، وهما جانبا الرقبة، والكاهل هو الفقرة السابعة من العنق، وهي الغدة النخامية أو منطقة النخاع الشوكي، وهي مرتبطة بـ12 عصبًا من اليمين و12 عصبًا من اليسار، أي 24 عصبًا تقريبا.

بمعنى أن هذه الحجامة التي كانت يحتجمها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي ثلاثة أكواب، أما الحجامة الطبية فهي الحجامة التي تشمل الكاهل والأخدعين وجهة القلب والكبد والطحال والبنكرياس والكليتين، فهذه غدد يجب تنظيفها كمسارات أو مواضع لإخراج ما بها من دهون وسموم وثاني أكسيد الكربون وأخلاط دموية متنوعة.

اللقاء كان طويلًا ماتعا، والحديث ظل متواصلًا لا يتسع المقال لسرده أو تسليط الضوء عليه، ونستنتج من هذا اللقاء أن موضوع الحجامة هو علم واسع ودقيق، ويحتاج إلى مقالات عديدة لاستيعابه.

ويلخص الباحث وصف الحجامة بأنها "عملية فلترة للجسم"، فلا بُد من التركيز على عملية الفلترة في الجسم، فمن ميزة الحجامة أنها تخرج الأشياء مثل الشوارد الحرة والأشياء المضرة في الجسم، حتى لو كانت خلية سرطانية بدأت تنبت في الجسم والإنسان المصاب لا يعلم أنه مصاب، وأن هذه الخلية موجودة لديه، ففي أثناء مص الدم أو شفط الدم تخرج تلك الخلايا ويستبدل بها خلايا جديدة.